IMLebanon

النهار: بومبيو يترك تداعياته ومراجعات مالية إلى الواجهة

 

بدا واضحاً ان العاصفة التي أثارها وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو خلال يومين من زيارته للبنان، لن تحط رحالها وتداعياتها بسرعة بدليل ان الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله سيخصص اطلالة له بعد ظهر غد وأعلن عنها فجأة امس للرد على المواقف التي اتخذها بومبيو من الحزب بما يعني ان هذا الحزب كما سائر القوى السياسية الداخلية تتحسب لبعض الجوانب العملية المتصلة بزيارة بومبيو ولا سيما منها لجهة توسيع العقوبات الاميركية على “حزب الله”.

 

وتفيد المعلومات المستقاة من الاوساط القريبة من الحزب أنه اذا كان الحزب لزم الصمت لايام معدودة بعد المواقف الاميركية النارية وغير المسبوقة التي اطلقت في سماء بيروت، فإن نصر الله سيفند في اطلالته المنتظرة عبر “المنار” كل “المزاعم الاميركية” ووضعها في خانة “خدمة اسرائيل”، خصوصاً ان اطلالته ستلي استقبال الرئيس دونالد ترامب رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الابيض، عدا توجه واشنطن الى الاعتراف رسمياً بـ”السيادة الاسرائيلية على الجولان السوري المحتل”، وما سيترك ذلك من انعكاسات خطيرة على المنطقة. كما توقعت ان يشيد السيد نصرالله بالموقف الرسمي الذي أبلغه خصوصاً رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ووزير الخارجية جبران باسيل الى بومبيو وتحديدا في شأن “حزب الله” وتمثيله في المجلس والحكومة.

 

خوري وموقف الحريري

أما في ما يتعلق بموقف رئيس الوزراء سعد الحريري خلال محادثاته مع وزير الخارجية الاميركي، فأكد امس الوزير السابق ومستشار الرئيس الحريري غطاس خوري لـ”النهار”، “انه لم يطلب منا القيام بأي مواجهة ولا نحن عرضنا القيام بأي مواجهة. لا بل ان الرئيس الحريري كان صريحاً من خلال التأكيد لرئيس الديبلوماسية الاميركية ان لدينا ازمة اقتصادية واذا انهار البلد فان العواقب ستطاول الجميع لكن هذه العواقب ستقع علينا ايضا في شكل أساسي لاننا نرمز الى النهوض الاقتصادي في البلد. وهذا يضر بنا كما يضر بجمهورنا”. وأوضح خوري ان “الرئيس الحريري اكد للوزير بومبيو اننا مستمرون في التفاهم الوطني من اجل انجاز ذلك وانه يحتاج الى ان يتحدث مع الجميع ويتواصل معهم بمن فيهم “حزب الله” حماية للبلد ولان السلم الاهلي هو ضمان اللبنانيين”. وأضاف أن الوفد الديبلوماسي الاميركي الرفيع كان متفهما لهذا الموضوع و فهم منه ان الولايات المتحدة يهمها ألا ينهار البلد وانها ستساعد على ألا يحصل ذلك”.

اتجاهات مالية

في غضون ذلك، برزت اتجاهات جديدة في شأن الاستحقاقات المالية للحكومة والدولة من شأنها ان تعيد ملف المالية العامة الى التوهج كأولوية ضاغطة، خصوصاً بعد الظاهرة اللافتة التي تمثلت في توجيه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة قبل ايام على صفحة المصرف المركزي انتقادات نادرة الى التباطؤ الحكومي في العملية الاصلاحية بما أثار تساؤلات وقلقاً حيال المجريات المالية والاقتصادية. واتخذ هذا الموضوع دلالات مهمة اضافية لدى تعميم وزير المال علي حسن خليل على جميع مراقبي عقد النفقات ضرورة وقف الحجز كليا لمختلف انواع الانفاق باستثناء الرواتب والاجور وتعويض النقل الموقت.

 

ولكن تبين انه مع توقيع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في 22 اذار الجاري قانون اعتماد القاعدة الاثني عشرية لغاية 31 أيار المقبل، انتهت الاسباب الادارية التي دفعت وزير المال الى اصدار التبليغ بوقف الانفاق. ومع ذلك برزت المشكلة الموازية الجوهرية المتصلة بارقام الموازنات للوزارات والتي ارسلت الى وزارة المال التي وضعت تصورها لمشروع موازنة 2019 وهي ارقام اعتبرت مخيفة نظراً الى ضخامتها بما لا يتلاءم اطلاقاً وكل الالتزامات الحكومية المقطوعة لخفض العجز والشروع فعلاً في الاصلاح المالي انطلاقا من مراجعة مشروع الموزانة واعادة النظر في مجمل ابوابه ولا سيما منها خفض النفقات. ذلك ان مشروع موازنة 2019، اذا أقر كما هو يرفع العجز الى أكثر من 13% وهو مستوى كارثي بعدما وصل الى ما يقارب 11% عام 2018. وقرر وزير للمال رفض ما تضمنه مشروع الموازنة، مؤكدا انه لن يسمح بتمرير هذه الارقام كما هي، لتبدأ الوزارة بوضع لائحة إجراءات تساهم في تأمين وفر مالي من خلال إجراءات تطاول كل الوزارات والادارات وهي خفوضات في النفقات تراوح بين 10% و30% بحسب كل باب للإنفاق، بعد دراسة علمية مالية دقيقة قامت بها الوزارة للتأكد من أن هذه الخفوضات لن تؤثر على أدء الادارة والمؤسسات وتساهم في خفض النفقات أكثر من 2100 مليار ليرة للسنة المالية 2019.

 

وافادت المعلومات ان الإجتماعات التي عقدت في الايام الاخيرة خصصت للبحث في وسائل التعامل مع الاوضاع المالية الدقيقة. وكان حاكم مصرف لبنان اطلع الرئيس عون على الاوضاع النقدية، وشدد على أهمية الشروع في الاصلاحات بسرعة لان الوضع المالي لا يتحمل أكثر، بعد تحذير سلامة مما آلت اليه الامور على صعيد عجز ميزان المدفوعات الذي سجّل في الشهر الأول من 2019 عجزًا بقيمة 1.38 مليار دولار. كما طلب من الرئيس الحريري البدء بالاجراءات التي تعهدتها الحكومة. وفي الاجتماع الاخير الذي عقده سلامة والوزير علي حسن خليل، حصل توافقً على آليات ستعتمد في المرحلة المقبلة لتأمين التمويل المناسب للدولة.

 

وتحضر وزارة المال اصدار اوروبوند ستطرحه في الاسواق العالمية للإكتتاب في مسعى منها لتأمين ما يقارب ملياري دولار لتمويل إستحقاقات المرحلة المقبلة، على أن تكتتب المصارف ومصرف لبنان والصناديق الاستثمارية في هذه السندات.