IMLebanon

النهار: الموازنة “الأكثر تقّشفاً”… بين الفصحين  

 

اذا كانت عطلة الجمعة العظيمة وعيد الفصح لدى الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الغربي ستشكل من اليوم استراحة سياسية ورسمية لأربعة أيام تتراجع خلالها الضجة المتصاعدة حول ملف الموازنة واستتباعاته المالية والوظيفية والاجتماعية على كل المستويات، فإن هذه الاستراحة لن تحجب على ما يبدو محاولة متقدمة وجهوداً تجري بقوة وراء الكواليس لإنجاز التوافق على الخفوضات المطلوبة في الموازنة في فترة ما “بين الفصحين” الغربي والشرقي تمهيداً لاحالتها على مجلس الوزراء الأسبوع المقبل. ومع ان رئيس الوزراء سعد الحريري سافر أمس الى الرياض في زيارة عائلية قصيرة، فقد علم ان عطلة الفصح لن تنقطع خلالها المشاورات واللقاءات الجارية بعيداً من الأضواء بين السرايا و”بيت الوسط” والتي ينخرط فيها خبراء واقتصاديون الى جانب ممثلي الأفرقاء السياسيين سعياً الى استكمال التوافق السياسي العريض على الموازنة “الأكثر تقشفاً” كما وصفها الرئيس الحريري أول من أمس في مجلس النواب والمطلوب احالتها على مجلس الوزراء الأسبوع المقبل.

وقد برز على الصعيد المالي أمس اعلان وزير المال علي حسن خليل أن لبنان يُحضّر لإصدار سندات دولية بقيمة 2.5 ملياري دولار إلى ثلاثة مليارات دولار في 20 أيار المقبل لتمويل حاجات الدولة. وصرح خليل لوكالة “رويترز”: “سيتم إصدار جديد بدأ التحضير له مع المصارف العالمية والمحلية في 20 أيار المقبل وهو إصدار قيمته من مليارين ونصف مليار إلى ثلاثة مليارات دولار”. وأضاف: “الإصدار عادي وفق المخطط ووفق استراتيجية الدين العام المحددة بيننا وبين المصرف المركزي وانطلاقاً من الحاجات الفعلية للدولة”.

رئيس الجمهورية

كما برز موقف لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون أكد يفه “اصراره على ان يكون هناك مشروع موازنة في اقرب فرصة”، معتبراً “ان كل الأفكار التي يتم تداولها هي مجرد أفكار لا تلزم أحداً، والواجب يقتضي ان يتم طرح مشروع موازنة واضح المعالم ومتضمناً الاصلاحات المرجوة، على طاولة مجلس الوزراء، فيصار الى نقاشها ضمن المؤسسات الدستورية سواء في الحكومة أو في المجلس النيابي. وعندها يبدي كل طرف رأيه بكل شفافية فيها، فيتم اتخاذ القرارات لمصلحة لبنان وماليته العامة، من خلال مكافحة الهدر وضبط العجز عبر خطة عامّة تعبّر عنها هذه الموازنة”. ورأى الرئيس عون، حسب ما نقل عنه رئيس لجنة المال والموازنة النيابية النائب ابرهيم كنعان، انه “بغياب هذا المشروع والنقاش داخل المؤسسات الدستورية، فإننا لا يزال بعيدين عن المطلوب”.

ويتوقع ان يكون ملف الموازنة وما يتركه من تداعيات واسعة محور الخلوة التي ستجمع الرئيس عون والبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الاحد قبيل مشاركة رئيس الجمهورية في قداس الفصح في بكركي.

وعلمت “النهار” ان الرئيس عون كان ينوي عقد اجتماع مالي أمس للاطلاع على حقيقة الوضع المالي، لكن هذا الاجتماع أرجئ بسبب سفر الرئيس الحريري الى الرياض وغياب مسؤولين او اكثر من المدعوين الى الاجتماع الذي كان سيضم الى الحريري وزير المال ووزير الاقتصاد ورئيس لجنة المال والموازنة وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة ورئيس جمعية المصارف. وعلم ان هذا الاجتماع لا علاقة له باجتماعات “بيت الوسط” المختصة بالموازنة. كما علم ان رئيس الجمهورية يريد البدء بمناقشة مشروع الموازنة في جلسة مجلس الوزراء الخميس المقبل مع قطع الحساب خصوصاً ان ديوان المحاسبة قد انجز قطع الحساب للعام 2017.

وزير المال

وفي اطار مشاوراته التمهيدية للمضي في مقترحاته لخفض نفقات موازنة 2019، اجتمع وزير المال مع وفد من قيادة الجيش وناقش معه ما يقترحه، وما تراه قيادة الجيش ممكناً السير به. وفي دردشة معه بعد اللقاء، قال خليل إن المخصصات السرية للأجهزة الامنية خفضت إلى حد كبير، وأن التدبير الرقم 3 باقٍ ويجب تطبيقه وفق القانون، مؤكداً ان لا مشكلة في مقترحات الخفض، وهي لن تطاول الرواتب بل تقوم على وقف التسريح الطوعي للعسكريين إلى حين بلوغهم سن التقاعد (وليس بعد 18 سنة كما كان)، كذلك تجميد التطويع لفترة محدودة قد تمتد ثلاث سنوات.

ويتابع وزير المال يومياً اجتماعاته مع اركان وزارة المال والمسؤولين عن وضع الموازنة، لدرس السيناريوات الموضوعة لخفض النفقات في الموازنة. وعندما يسأل عن موعد البدء بمناقشة الموازنة، يشير الى أن من المنتظر ان يعقد رئيس الوزراء الاجتماع المالي الثاني بدءاً من الثلثاء المقبل، تمهيداً لتحديد جلسة لمجلس الوزراء للبدء بمناقشة الموازنة. وفهم منه انه عرض مقترحات للخفض في الاجتماع المالي الأول الذي عقد في “بيت الوسط”، والذي ضمه ورئيس الوزراء وحسين خليل عن “حزب الله” والوزير جبران باسيل عن “التيار الوطني الحر” والوزير ريشار قيومجيان عن “القوات اللبنانية” والوزير أكرم شهيب عن الحزب التقدمي الاشتراكي، على أن يعود كل منهم بموقف واضح من قيادته في شأنها في اجتماع ثانٍ اتفق على عقده.

 

وأفاد وزير المال الى أن فاتورة الكهرباء وحدها كلفت الخزينة 19 مليار دولار في السنوات الـ11 الاخيرة. ومؤسسة كهرباء لبنان كانت تساهم في تغطية أكثر من 13 في المئة من العجز، وتدنّت هذه المساهمة في السنوات الخمس الأخيرة الى أقل من صفر فاصلة 50 في المئة. وأشار الى أن شركات مقدمي الخدمات، بدل أن تزيد حجم الجباية، تتقاضى أموالاً من الدولة من غير ان تحقق نتيجة على صعيد الجباية.

 

وأقر وزير المال بأن أرقام الواردات التي وضعت لتغطية سلسلة الرتب والرواتب لم تأت مطابقة للتقديرات، لكنه أكد أن نفقاتها جاءت مطابقة باستثناء تعويضات نهاية الخدمة للعسكريين. فكلفة التسريح كبدت الخزينة مبالغ كبيرة، ولا سيما منها التعويضات لأكثر من مئة عميد ولواء. وأكد خليل ليل أمس في حديثه الى برنامج “صار الوقت” من محطة “أم تي في” بان الموازنة أنجزت تماماً مع كل تعديلاتها وأرقامها، كما وضعت سيناريوات لكل ما يمكن ان يطرح لاحقاً وذلك من خارج مشروع الموازنة. وقال انه اتصل أمس بالرئيس الحريري وأمل ان يبذل جهد لعقد مجلس الوزراء الثلثاء المقبل لدرس الموازنة. وأعرب عن حرصه على عدم المس بالاستقرار الاجتماعي من خلال الموازنة، كما أكد انه ليس مع تحرير سعر صرف الليرة في هذا التوقيت.