IMLebanon

النهار: الموازنة في المربع الساخن واحتجاجات تحتدم

يمكن القول إن الجلسة التاسعة لمجلس الوزراء في سلسلة جلساته المفتوحة لانجاز اقرار موازنة 2019، بدأت أمس تتجاوز حقل الالغام الاخطر في المرحلة النهائية من هذه العملية ايذانا باستكمالها في جلستين اخيرتين احداهما تعقد ليل الاحد والاخرى الاثنين في قصر بعبدا اذا لم تطرأ عقبات تحول دون انجازها بما يمدد جلسات السرايا. ولعل المفارقة الزمنية والسياسية والرمزية المهمة التي تواكب الجلسات الحاسمة لاستكمال الموازنة هي تزامنها مع مرور الايام المئة الاولى اليوم تحديداً لولادة الحكومة، الأمر الذي يضفي على هذه التزامن مزيداً من الدلالات المتوهجة لجهة التساؤلات التي يثيرها حول حجم انتاجية الحكومة والانجازات والاخفاقات التي احتسبت وتحتسب في الايام المئة الاولى من عمرها.

وانعقدت الجلسة الاخيرة أمس وسط عودة لافتة وقوية للتحركات الاحتجاجية المطلبية في الشارع من خلال اعتصامين حاشدين للعسكريين المتقاعدين في ساحة رياض الصلح والاساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية أمام مبنى وزارة التربية، بينما أعلنت هيئة التنسيق النقابية إضراباً عاماً اليوم السبت، داعية الموظفين والأساتذة والمعلمين والمتقاعدين والمتعاقدين الى التجمع في ساحة رياض الصلح الأولى بعد الظهر.

واتخذ اعتصام العسكريين المتقاعدين طابعاً حاداً وسادته بعض الممارسات المستغربة مثل الاقدام على حرق الاطارات والتهديد بقطع الطرق.وأعلنت هيئة التنسيق لحراك العسكريين المتقاعدين “اننا لن نخرج من الشارع قبل سحب كل البنود المتعلقة بحقوقنا من الموازنة”، معتبرة أن “المشكلة ليست في رواتبنا بل في منظومة الفساد حيث لابد من اقرار قانون استعادة الاموال المنهوبة ورفع الحصانة عن الفاسدين ليتمكنوا من مساءلتهم”. وبعد زيارة وزير الدفاع الياس ابو صعب للمعتصمين، عمدوا الى حرق الدواليب في الشارع مجدداً قبل ان يفضّوا الاعتصام، مهددين بتصعيد اضافي ودعوا الى “البقاء على اهبة الاستعداد للتحرك مجدداً اعتباراً من صباح الاثنين”.

الضريبة على الفوائد

ومع ذلك، فان جلسة مجلس الوزراء أمس “توغلت” الى نقاط جوهرية أبرزها الانفاق العسكري والامني والضريبة على الفوائد المصرفية. وجاء في المعلومات الرسمية التي اعلنها وزير الاعلام جمال الجراح أن المجلس أقر رفع الضريبة على الفوائد، على المصارف وعلى الأفراد، من 7 إلى 10% لمدة ثلاث سنوات. “وبعد هذه المدة تعود الضريبة إلى 7% ويكون وضعنا المالي والاقتصادي قد تحسن، وإذا كان هناك المزيد من التحسن يمكن أن نخفضها عن 7%، وربما إلى 5%، لكننا أعطينا مهلة ثلاث سنوات. وفي موضوع الأسلاك العسكرية والتقاعد، كان هناك تقاعد مبكر يحصل على الـ18 سنة، أصبح على الـ23 سنة، التقاعد الذي كان يحصل على الـ20 سنة أصبح على الـ25 سنة، بالنسبة إلى ضباط الاختصاص أضيف إلى سن تقاعدهم ثلاث سنوات. وحصل بحث جدي في قانون التدبير رقم 3 والمراسيم الصادرة، والحكومة ستطبق القانون الذي ينص على أن التدبير رقم 3 هو في مواجهة العدو الإسرائيلي، أما الباقي فيخضع للتدبير رقم 1، ولكن ترك لقادة الأجهزة الأمنية تحديد الحالات التي يعتبرونها تخضع للتدبير رقم 3 وتلك التي تخضع للتدبير رقم 2 ورقم 1. بمعنى أنهم يحددون مع مجلس الوزراء الظروف الاستثنائية التي يمكن البلد أن يمر بها، ومتى يطبق التدبير رقم 3 أو رقم 2 أو رقم1. أما من هم على الحدود مع العدو الإسرائيلي فهم حكما يخضعون للتدبير رقم 3. وستكون هناك اقتراحات من وزير الدفاع ووزيرة الداخلية لبت هذا الموضوع. وتم البحث أيضا في التقديمات المدرسية لموظفي القطاع العام، ولا بد من دراسة الأرقام بشكل واف أكثر، تمهيداً لاتخاذ الإجراءات وتخفيضها تدريجاً لتخفيف العبء عن الدولة”.

وأكد ان “الجو إيجابي جداً في اتجاه تخفيض كبير على معاشات الهيئات العامة. لم نحدد النسبة، كان هناك اقتراح بنسبة الـ50% واقتراحات بأقل، لكن إما الأحد مساء وإما الاثنين ظهرا نتخذ قرارا بهذا الشأن”.

اقتراحات ودراسة

وافيد ان وزير الدفاع طرح دراسة قضت بإلغاء المرسوم الذي كلف الجيش على اساسه بحفظ الامن في الداخل على ان تتولى قوى الامن هذه المهمة، بينما يبقى الجيش منتشراً على الحدود وحول المخيمات الفلسطينية.

وبموجب هذا الطرح يحافظ الجيش على الحدود والمخيمات على التدبير رقم 3 بينما يخفض التدبير الى الرقم واحد للعسكريين في الثكنات.

وهذا الاقتراح يشكل خفضاً كبيراً في موازنة الجيش حتى في ما يتعلق بالرواتب التقاعدية.

وعلمت “النهار” من مصادر وزارية ان بعض الاطراف السياسيين لم يكونوا متحمسين لرفع الفوائد على الودائع المصرفية من 7% الى 10% وفي طليعتهم رئيس الوزراء سعد الحريري، الا ان وزير العمل كميل أبو سليمان أصر على اتخاذ “هذا القرار الجريء” الذي يؤمن واردات اضافية للخزينة بما لا يقل عن ٧٠٠ مليار ليرة من دون ترتيب اَي اعباء على الطبقات الفقيرة، فأيده وزراء “حزب الله” و”امل” والوزير جبران باسيل، فعرض الرئيس الحريري زيادتها فقط لمدة ثلاث سنوات على ان تنخفض مجدداً الى 7 في المئة فوافق الجميع على ذلك.

ومن خارج الافكار المتصلة بالقطاع العام، كانت لوزراء “تكتل لبنان القوي” مجموعة من الاقتراحات سبق للوزير باسيل ان وعد بتقديمها الى المجلس لتحقيق خفض فعلي في الانفاق وزيادة في الواردات ، ترمي الى تحريك الاقتصاد. وفي هذا السياق، تم طرحت فكرتان أخذتا مسارهما في النقاش على ما أفادت مصادر في التكتل، الاولى تتصل بطرح سلة من الاجراءات الرامية الى مكافحة التهرب الضريبي، على ان تقترن بسلسلة تعاميم يشارك فيها المصرف المركزي والمصارف من أجل ضبط هذا المسرب. اما الفكرة الثانية فتقضي بمكافحة التهريب الجمركي، على أن يطلب من اجهزة الجمارك المعنية اتخاذ إجراءات محددة ستلحظ ضمن قانون الموازنة العامة.

وقال زوار رئيس مجلس النواب نبيه بري إن الأخير ينتظر انتهاء الحكومة من مناقشة الموازنة العامة وهو يشدد على دعم الانتاج اللبناني واتخاذ كل الاجراءات التي تؤدي الى دعم هذا القطاع الحيوي في البلد.