IMLebanon

النهار: أجواء مشدودة تُثير مخاوف تحت طاولة الموازنة!

 

بعد أيام قليلة من تهدئة المناخات السياسية الساخنة التي سادت المشهد الداخلي خلال عطلة عيد الفطر، لا تبدو صورة هذا المشهد واعدة بصمود التهدئة طويلاً في ظل مجموعة مؤشرات لا تبعث على الاطمئنان الى متانة المحاولات التي يبذلها رئيس الوزراء سعد الحريري من أجل استعادة الحكومة زخم عملها في المرحلة المقبلة. ذلك ان الجلسات التي تعقدها لجنة المال والموازنة النيابية لدرس مشروع قانون الموازنة بدأت تشهد تقليصا لبعض الواردات يخشى ان يثير محاذير حيال عدم التزام نسبة العجز المقدر في المشروع كما إحالته الحكومة على مجلس النواب.

 

ومع ان رئيس اللجنة النائب ابرهيم كنعان سارع أمس الى التأكيد ان أي شطب لواردات ستقابله اقتراحات عملية لبدائل وان كل المواد المرتبطة بالتقاعد ستبحث ضمن رؤية موحدة، فان المخاوف من احتمال نشوء مشكلة جديدة في شأن الموازنة تصاعدت بعدما أعلنت “كتلة الوفاء للمقاومة” اصرارها على “رفض أي زيادة ضريبية تطاول الفقراء ومحدودي الدخل، وندعو الى تبني البدائل المتوافرة التي يمكن ان تؤمن المستوى نفسه من المداخيل”. وهذا الموقف، وإن كان ينادي بايجاد بدائل من ضرائب ورسوم يلحظها المشروع الحكومي، فإنه يوحي بان مناقشات لجنة المال والموازنة مقبلة على مزيد من التجاذبات باعتبار أن قوى سياسية وحزبية اخرى تبدو متحفزة لطرح تعديلات ربما كانت جوهرية على المشروع الحكومي بما يفتح الباب على ارباكات وخلافات تهدد اقرار الموازنة بالسرعة المطلوبة.

 

ومع ذلك، فإن الاوساط الحكومية لا تزال تعول على ادراك جميع القوى السياسية ضرورة التعجيل في اقرار الموازنة ضمن سقف العجز الذي أقره مجلس الوزراء ومع تعديلات مقبولة لا تحدث انقلابا على الالتزامات التي توافقت عليها مكونات الحكومة لئلا تتسبب بمشكلة يصعب الخروج منها ولا تتحملها الاوضاع الاقتصادية والمالية والاجتماعية في البلاد.

 

وبرز في اطار المشاورات الجارية لقاء للرئيس الحريري مساء أمس في السرايا والرئيس فؤاد السنيورة عرضا فيه الأوضاع العامة والتطورات. كما التقى الحريري الوزير السابق ملحم رياشي موفداً من رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، في حضور الوزير السابق الدكتور غطاس خوري. وأوضح رياشي أن البحث تناول مختلف الأوضاع في البلاد، “والظروف المحيطة بإقرار الموازنة، وأهمية الحفاظ على الاستقرار والنأي بالنفس عن كل الأحداث الإقليمية”، مشيراً إلى أن البحث سيتواصل في الأيام المقبلة.

 

وبرز في السياق السياسي رمي وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل الكرة في وجه “الآخرين” باتهامه إيّاهم بالتسبب بتعكير علاقاته السياسية مع الأطراف، إذ صرّح في لندن قبيل انتقاله الى ايرلندا حيث قابل رئيس الجمهورية الايرلندي مايكل دي هيغنز: “دائماً يختلقون لنا المشاكل ولا يستطيعون تقبل أي تفاهم لمصلحة لبنان، وهذا ما فعلوه بالنسبة الى علاقاتنا مع الرئيس سعد الحريري الذي أعطينا معه هنا تلك الصورة الجميلة عن لبنان. ونحن نؤكد ان وحدتنا الحقيقية هي ان نكون معاً لأجل لبنان”. وشدد على ان “وحدتنا الحقيقية هي بتماسكنا بعضنا مع البعض، و”تيار المستقبل” قال بالأمس إنه هو عصب الوطنية، ونحن لا نريد سوى ذلك، اي جمع اللبنانيين على الشركة كي نعيش الشركة المسيحية – الاسلامية، اللبنانية – اللبنانية، ويكون لبنان اولا ولا يكون إنتماؤنا إلا الى لبنان”.

 

وكانت لجنة المال النيابية وصلت امس الى المادة رقم ٦٠ من الموازنة ومن المتوقع ان تنتقل الاسبوع المقبل الى اعتمادات الوزارات والصناديق والهيئات ما يعتبر تقدما ملحوظا نسبة الى الجدول الملحوظ. وتأكد ان اللجنة ستستمع الى وزير الأشغال يوسف فنيانوس الاثنين حول رسوم المطار وإعفاءات الميدل ايست.

 

مهمّة ساترفيلد

 

في غضون ذلك، أبلغت مصادر ديبلوماسية “النهار” أن مساعد وزير الخارجية الاميركي لشؤون الشرق الادنى ديفيد ساترفيلد مستمر في وساطته لإطلاق المفاوضات في شأن ترسيم الحدود البرية والبحرية الجنوبية. ونفت ما تردد عن ان زيارته لبيروت قبل يومين كانت الاخيرة، موضحة انه سيعود اليها لمتابعة تحركه المكوكي بين لبنان واسرائيل لانه باق في منصبه في المرحلة الحالية ولم يثتبه الكونغرس بعد سفيراً للولايات المتحدة في تركيا.

 

وفي المقابل، تستعد بيروت لاستقبال وفد روسي الثلثاء المقبل يضم المبعوث الرئاسي الروسي الخاص الى سوريا الكسندر لافرنتييف ونائب وزير الخارجية الروسي سيرغي فرشينين، وسيلتقي الوفد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الوزراء ووزير الخارجية. وتكتسب الزيارة أهمية بارزة لان الوفد سيبحث مع المسؤولين اللبنانيين في موضوع اعادة النازحين السوريين الى بلادهم في ظل المبادرة التي سبق لروسيا ان أعلنتها.

 

مقاطعة سورية

 

وسجل أمس في هذا السياق تطور سلبي لافت تمثل في انسحاب وفد النظام السوري الى مؤتمر العمل الدولي المنعقد في جنيف لدى القاء وزير العمل اللبناني كميل أبو سليمان كلمة لبنان في المؤتمر. وقال أبو سليمان معلقاً على انسحاب الوفد السوري: “ان الكلمة التي القيتها تعبر عن الموقف اللبناني الرسمي من قضية النزوح السوري وتمثل الاجماع اللبناني في شأن الملف. كما تعكس الكلمة تعاطي لبنان الانساني عبر استضافته النازحين السوريين، وان منافسة النازحين السوريين للمواطنين اللبنانيين في سوق العمل حقيقة لا يمكن التغاضي عنها”. وأضاف: “إن انسحاب وفد النظام السوري هو تكرار لما حصل في عيد العمّال حين انسحب السفير السوري عند إلقاء كلمتي في الاتحاد العمالي العام وهذه الممارسات تؤكد ان النظام السوري لا يريد تسهيل عودة مواطنيه النازحين الى بلادهم، لا بل مجرد طرح عودتهم الآمنة يستفز هذا النظام”.

 

 

وتعليقا على انسحاب الوفد السوري غرّد رئيس حزب “القوّات اللبنانيّة” سمير جعجع على حسابه عبر “تويتر”: “شرف لنا ان يقاطع وفد النظام السوري كلمة وزير العمل كميل أبو سليمان في الدورة 108 لمؤتمر العمل الدولي لعام 2019 المنعقد في جنيف، ولم يكن شرفاً لمؤتمر العمل الدولي ان يستقبل أصلاً وفد النظام السوري”.