IMLebanon

النهار: استجابة رسمية لتطويق مفاعيل العقوبات الأميركية

 

بدا أمس كأن الهم الحكومي تراجع مع تقدم ملفات اخرى، لكن قراءة بين سطور الرئيسين نبيه بري وسعد الحريري أوحت بأن الحل بدأ يسلك طريقه على رغم تكرار الوزير صالح الغريب في محطات عدة الاصرار على احالة حادثة البساتين- قبرشمون على المجلس العدلي، هذه الاحالة التي ولدت مشكلة سياسية كان يمكن ان تسبب شرخا واسعا في الحكومة ينعكس على وحدتها وعملها.

 

فالرئيس الحريري الذي اجتمع بالوزير جبران باسيل ليل أول من أمس، اوحى بان الايجابيات ستطغى على ما عداها في عمل الحكومة، وأمل أمام سفراء الاتحاد الاوروبي الذين التقاهم في السرايا، ان تعود الامور الى نصابها بدءاً من الاسبوع المقبل، مع التركيز على النهوض بالوضع الاقتصادي بوفاء لبنان بالتزاماته حيال المجتمع الدولي، ولطمأنة الدول المانحة في مؤتمر “سيدر”. وتلقى الحريري جرعة دعم اضافية من رؤساء الوزراء السابقين في موقفه المتمسك بصلاحياته ورفضه محاولة فرض أي بند على جدول أعمال مجلس الوزراء في تعد صارخ عليه.

 

اما الرئيس بري، وغداة انهاء لجنة المال والموازنة مهمة درس مشروع موازنة 2019، فقد دعا الى جلسة نيابية لمناقشة الموازنة واقرارها الثلثاء والأربعاء والخميس من الاسبوع المقبل، ما يعني ان مجلس الوزراء سينعقد قبل هذا الموعد لتحيل قطع الحسابات للسنوات السابقة على المجلس ليتمكن من اقرار الموازنة واخراجها بشكل نهائي. ولم يتضح ما اذا كان ثمة اتفاق على الجلسة أم انها عملية ضغط من بري على كل المكونات مجتمعة فلا تتحمل احداها تعطيل اقرار الموازنة.

 

في غضون ذلك، تابع اللواء عباس ابرهيم جولاته ولقاءاته وحمل حصيلتها الاولية عصر أمس الى قصر بعبدا حيث تشاور مع الرئيس ميشال عون في الخطوات. وفي معطيات لـ”النهار” ان الاختراق المتوقع لم يحصل بعد في انتظار البحث في المقترحات المطروحة لاخراج لائق لجلسة مجلس الوزراء والتي قد لا تسبق بدء مناقشة مجلس النواب مشروع الموازنة اذ يمكن ان تعقد خلال الايام الثلاثة أو في اليوم الذي يليها قبل نشر الموازنة في الجريدة الرسمية.

 

أما في ملف العقوبات التي أصدرتها وزارة الخزانة الاميركية في حق رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد وعضو الكتلة النائب أمين شري ومسؤول وحدة التنسيق والارتباط في الحزب وفيق صفا، فقد ظهرت الدولة موحدة في رفضها هذه العقوبات وفي تقليل أهميتها. واذا كانت النتيجة اللبنانية ايجابية بحيث أمكن تطويق مفاعيل القرار الاميركي في الداخل اللبناني وضبط التفاعل الاعلامي حول أي انقسام محتمل في حال صدور مواقف ملتبسة أو عدم صدور أي موقف رسمي، فان ذلك لا يلغي مفاعيل القرار أولاً، ولا يبدل ثانياً في الوجهة الاميركية التي أضيف اليها موقف جديد أمس تمثل في اعلان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو ان “الولايات المتحدة فرضت أمس عقوبات على ثلاثة مسؤولين سياسيين وأمنيين كبار في “حزب الله” يستغلون مناصبهم لتسهيل الجهود الخبيثة التي يمارسها “حزب الله” والإيرانيون لتقويض سيادة لبنان”، مشيرًا إلى أن “هذه العقوبات تبرهن أن أيّ تمييز بين الجناح العسكري والسياسي في حزب الله مصطنع تمامًا، إنها حقيقة يعترف بها حزب الله بحدّ ذاته. ندعو جميع حلفائنا وشركائنا إلى إدراج حزب الله ككل كمنظمة إرهابية”. وأضاف: “ان العقوبات جزء من جهود أميركا لمواجهة النفوذ الفاسد لحزب الله في لبنان”.

 

وبدا لمراقبين ان الموقف الرسمي اللبناني كان نتيجة مزايدة حركها الرئيس بري عبر مساعده السياسي الوزير علي حسن خليل اول من امس، ثم بواسطة موقف واضح ومباشر منه صباح أمس، استتبع بموقفين للحريري وعون تباعاً. وجاءت مبادرة بري لتطوق اي شرخ داخلي اضافي، بعدما وجه “حزب الله” رسالة مباشرة الى لبنان الرسمي بوجوب اتخاذ موقف من القرار في حق رئيس كتلة نيابية واسعة التمثيل، خصوصاً ان السيد حسن نصرالله سيتناول الأمر حتماً في اطلالته المتلفزة غداً الجمعة، وسيوجه الشكر الى الرؤساء الثلاثة بدل العتب على الصمت الرسمي وايجاد انقسام جديد في الشارع.

 

وأبدى عون الأسف لـ”لجوء الولايات المتحدة الى هذه الاجراءات ولاسيما منها استهداف نائبين منتخبين”، مشيراً الى أنه “سوف يلاحق الموضوع مع السلطات الاميركية المختصة ليبنى على الشيء مقتضاه”.

 

أما بري، فاعتبر فرض هذه العقوبات على نائبين “اعتداء على المجلس النيابي وبالتأكيد على لبنان كل لبنان”، مطالباً الاتحاد البرلماني الدولي بموقف “من هذا التصرف اللامعقول”.

 

ورأى الحريري “أن هذه العقوبات هي كباقي العقوبات السارية، ولكن لا شك في انها اتخذت منحى جديدا من خلال فرضها على نواب في المجلس النيابي، ولكن هذا لن يؤثر، لا على المجلس النيابي ولا على العمل الذي نقوم به في مجلسي النواب والوزراء، انه امر جديد سنتعامل معه كما نراه مناسباً وسيصدر عنا موقف في شأنه”.