IMLebanon

عون وفرنجية لا يكفيان! البحث عن مرشح إضافي

إما الجنرال ميشال عون وإما النائب سليمان فرنجية. ربما، لا هذا ولا ذاك. العدد إذاً غير كافٍ ولم يكتمل نصاب المرشحين بعد.

بعد جولتَيْ التسمية، انتهى فرنجية مرشحاً فقط. بينه وبين بعبدا مسافة يقطعها عليه «الجنرال» الذي يرى أن لا رئيس غيره، فهو «رئيس» مع وقف التنفيذ. المرشحان مؤهلان مارونياً بنسبة مقبولة. الأرصدة النيابية متساوية تقريباً. ثلث المجلس يتهرّب من تبني هذا أو ذاك، بانتظار أن تسفر أيام الانتظار الطويلة، وظروف الحروب الإقليمية، عن ترجيح وازن. إلى أن يحدث ذلك، الرئاسة هدف بعيد المنال. المراوحة أفضل من المغامرة. الفراغ هدف موضوعي، تستفيد منه حكومة الفرص الضائعة فقط، فلا تحاسب ولا تسقط ولا تستقيل… قَدَرٌ لا بد منه. عقم لا مفرّ منه كذلك.

انتهت تقريباً معارك «البوانتاج». «الجنرال» خارج نصاب تأمين الأكثرية لمصلحته. سلاح المقاطعة تمرَّن عليه. لا يرف له جفن. «نامت نواطير مصر والسعودية وإيران.. فلا تفنى العناقيد». ما ربحه «الجنرال» من «القوات» لا يرجّح الكفة. جنبلاط غير مضمون، الميل لفرنجية، إلا إذا… فهو الذي نطق باسمه أولاً، على ما قال. بري، يتسع حقل مناورته، وهو غير مستعجل أبداً. يفضل فرنجية على عون. القرار مؤجل والتعطيل قائم، النواب المسيحيون الموزّعون على لوائح السنة والدروز والشيعة، حائرون، خسائرهم جسيمة. قد لا يعودون إلى قبة البرلمان، إن نجح الرهان على عون.

في هذه الأثناء، سينصرف أولو الأمر من السياسيين إلى تفسير تصريحات السفير السعودي. الغضب في المملكة لا يعبر عنه في بيروت ديبلوماسياً، جعجع اليوم ليس جعجع البارحة. قيل في المملكة: «ارتكب الكبيرة». الحرم على عون باقٍ باقٍ، إلى ما بعد بعد جعجع… سيحاول أولو الأمر البحث عن تصريح أميركي أو بريطاني. طبعاً، لن يقيموا وزناً لباريس لخفة تعاطيها مع الاستحقاق. استعجال هولاند في مهاتفة فرنجية لخمس عشرة دقيقة، أظهر أن باريس بلا وزن. صاحبة أقوال بلا أفعال، وإن فعلت أخطأت. سجلها في الحروب السورية يدلّ على مدى تدنّي ذكائها السياسي ووزنها الدولي.

ستنشغل أطراف من تبقى في «8 و14 آذار» بمتابعة يوميات الحرب في اليمن، وعمليات القصف الروسي في سوريا، ومعارك «داعش» في العراق وفي «دولتها» بالشام. سيتشاءمون من تأخر المفاوضات الخاصة باليمن، ومن تأجيلها في جنيف السوري. سيسهرون على متابعة أسعار النفط ومدى علاقتها بالتدفقات المالية المجزية للأطراف اللبنانية كافة. يخشون على المحفظة السعودية والخليجية ويتوقعون ضمورها وندرة تداولها في لبنان. كارثة كبيرة على أطراف الصراع في لبنان، الذين تتوقف ذخيرتهم السياسية والإعلامية والجماهيرية، على «كرم» الأشقاء، ممالك وإمارات ودولاً. وفي هذه الأثناء، يظل عون خلف متراسه: إما أنا أو لا أحد. وهو قادر على تنفيذ البند الثاني من قوله: «لا أحد»، ولكنه غير قادر على تحقيق «إما أنا». فدون ذلك معجزة. الأنبياء الكذبة كثر، وهؤلاء لا يصنعون الخوارق.

إذاً ماذا؟

البحث عن مرشح ثالث يكون بديلاً عن فرنجية وعون، غير ممكن. جل ما يسعى إليه الجنرال، سحب البساط من تحت قدمَيْ فرنجية. وهذا، لم يصدّق أنه سيكون رئيساً في غفلة عن عون، حتى تمسّك واستمسك، وليس مستعداً في أن يفرط بحظه الوحيد والأخير، مع ما يستدعيه ذلك من خراب للعلاقة بين مَن كانا حليفين لدودين.

هذا يعني أن الانسحابين مستحيلان. تمسك فرنجية بترشيحه مرتبط بأرقام تشكل له رصيداً غير مسبوق، وكلها من صفوف خصومه. فهو مرشح «8 آذار» بأصوات «14 آذار». الجنرال حقق خرقاً، نصيبه النيابي مختلط من «8 و14». ولكن ذلك غير كافِ. أما لماذا عون مرفوض من خصومه وحلفاء حليفه، فذلك هو السؤال… الجنرال مرشّح صعب المراس. لا ينتمي إلى الطبقة السياسية بحذافيرها. هو فيها ولكنه لا يشبهها. إذا استثنينا «عقدة الصهرين» وعقدة العائلة، التي يشبه فيها غلاظ الإقطاعيين وورثة السياسة أباً عن جد، فهو في الإدارة والسياسة بأسلوب مختلف. حيّز المساومة عنده ضيق جداً. وإن أفرط في قبوله بشروط جعجع الفاقعة، في «يوم الترشيح العظيم».

يختلف عون عن فرنجية في أنه إذا انتخب رئيساً، كان رئيساً قوياً بالفعل. يعوّض عن نقص الصلاحيات بفائض القوة النيابية التي تؤلف كتلته، وفائض القوة على التعطيل، ولأنه الأقرب إلى التقيد بالدستور وبالقوانين، فهو ضد التمديد للمجلس النيابي، والأمثلة كثيرة في الجيش والإدارة وفرع المعلومات الخ. سيكون بمقدوره أن يكون سداً في وجه الصفقات. والطبقة السياسية اللبنانية الحاكمة، مالاً وطوائف، مسرفة في تنفيذ الصفقات. يخشى منه خصومه ومَن يحالف حليفه. يخشى على «مجلس الإنماء والإعمار» و «مجلس الجنوب» ووزارة المهجرين. وهي مؤسسات برأسمال إنفاقي شهيّ. وشهوات الطبقة السياسية لا يسدّها اكتفاء. الاعتداء على الأملاك البحرية، لن يمر مرور الاحتلال، الخ… والسجل كبير.

لهذا يخشى الجنرال، على أن الفريق الآخر ينفي أن يكون عون امرأة قيصر. فحوله طبقة رأسمالية منتفعة، تعرف من أين تؤكل الكتف ولها باع طويل في التأثير على المفاصل السياسية والإنفاقية في البلد. ومسألة نفوذ هؤلاء على الجنرال واضحة، عندما انقلب على سلسلة الرتب والرواتب بناء على طلب «المصرفي» المعبّر عن مصالح المصارف والتجار. فعون ليس مع أسواق «أبو رخوصة» الشعبية، ومع ذلك، تخشى الطبقة السياسية منه. فرنجية مسالم في هذا الجانب. لين في التسويات الداخلية. صعب في خياراته التي يسمّيها هو «استراتيجية».

اثنان لا يصلان، ولا يتركان أحداً ليصل.

البحث عن مرشح ثالث عبث. هنري حلو خارج الحلبة نهائياً. قهوجي وعبيد وحرب والجميل، خارج السباق… إذاً مَن؟

إما عون وإما فرنجية، وإما لا أحد، إلى أن يتدخل الله عن جدّ.. فالأعمار بيده. قد تطول وقد تنقص. ولعلها تطول كثيراً. فإلى أن يقضي الله أمراً… يبقى لبنان أسير قدره في العقم، وعلى اللبنانيين أن يقنعوا بتغيير نص النشيد الوطني، لأنه لم يعد يتلاءم البتة مع واقع أو طموح لبنان.