IMLebanon

عون والحريري يخوضان معركة شخصية: شروط مُتبادلة تعقّد تشكيل الحكومة

 

لا أحد يدري كم من الوقت تحتاج الطبقة السياسية الحاكمة في لبنان لتُدرك حجم التغيّرات التي تجري حولها، خصوصاً عندما تستمرّ في عاداتها السابقة نفسها بما يخص تشكيل الحكومة، وكأنها استسلمت لعدم إيجاد الحلول وانتظار فرضها من الخارج عليها، هذا ما يبدو اليوم من خلال الشروط المتبادلة التي يفرضها كل طرف على الآخر.

 

بالنسبة الى رئيس الجمهورية ميشال عون، فهو، بحسب مصادر سياسية مطّلعة، لا يُريد وصول سعد الحريري الى رئاسة الحكومة «مجّانا»، ولا يزال يربط، رغم كل النفي الذي يصدر عنه في هذا الإطار، بين عودة الحريري وتوزير رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، على اعتبار أن الوقت المتبقي للانتخابات النيابية المقبلة والرئاسية لم يعد كبيراً، ووضع باسيل السياسي اليوم في اسوأ أحواله، وبحال لم يُشارك بالحكومة المقبلة فإنه لن يستعيد مكانته بالحياة السياسية.

 

وتشير المصادر الى أن الرئيس عون لا يُريد الدعوة الى الاستشارات النيابية الملزمة قبل الاتفاق على شكل الحكومة المقبلة ومضمونها، لأنه يعتبر أن قوّته هي بالدعوة الى الاستشارات، وبعد تكليف أي شخصية لن يعود بإمكانه التحكّم بمسار اللعبة، لذلك يشترط الاتفاق قبل الدعوة للاستشارات، ويُريد لقاء سعد الحريري في القصر الجمهوري للحديث معه، والاتفاق على تفاصيل التشكيل قبل التكليف، وشددت المصادر على أن طرح الرئيس ميشال عون الأساسي هو تشكيل حكومة أقطاب، من 14 وزيراً برئاسة الحريري، وعضوية رؤساء الأحزاب أو الكتل النيابية الممثلة في البرلمان اللبناني.

 

يُريد رئيس الجمهورية حكومة الأقطاب لأجل تمثيل باسيل، ولكن ليس هذا ما يُعلنه مُقرّبون من القصر الجمهوري، اذ يُشيرون الى أن الهدف من حكومة الأقطاب هو تسهيل عمل الحكومة في هذه المرحلة المصيرية، وجعل قدرتها على اتخاذ القرارات الأساسية أكبر، وبالتالي تسريع إنتاجها. وتكشف المصادر أن ما سُرّب عن نيّة الرئيس عون التوجّه لتسمية شخصية من الحراك الشعبي لتُشكّل الحكومة، لا يُمكن أن يتحقق، لأن اسم رئيس الحكومة المقبل يجب أن يحظى بموافقة فرنسية ورضى أميركي، لأن المسألة بالنسبة لباريس تتخطى مواقف الأطراف المحليّة، وتتعلّق بالصراع الإقليمي المستجد بينها وبين الطرف التركي.

 

أما بالنسبة الى سعد الحريري، فهو أيضاً، وبحسب المصادر، يرفض التوجّه الى بعبدا لأجل لقاء رئيس الجمهورية، على اعتبار أن التشكيل لا يُمكن أن يتمّ قبل التكليف، وأن الحريري لا يُمكن أن يضع نفسه في الموقع نفسه الذي وضع حسان دياب نفسه فيه، عندما شكلوا له حكومته، وتكشف المصادر عن أن الحريري يرفض مشاركة كتلته النيابية في الاستشارات النيابية الملزمة بحال لم يكن اسمه قد حاز التوافق المطلوب، وهذا التوافق يبدأ من الداخل اللبناني ويصل الى الخارج وتحديداً الى المملكة العربية السعودية التي لا تتقيّد بموقف فرنسي بل أميركي، الأمر الذي ينطبق على الحزب التقدمي الإشتراكي في لبنان وحزب القوات اللبنانية، فالحزبان لم يُناصرا الحريري بعد بانتظار الضوء الأخضر الأميركي، لذلك، لا تزال تسمية الحريري في الساعات القليلة المقبلة صعبة.

 

إن هذه الشروط المتبادلة تصعّب مُهمّة الوصول الى حكومة بشكل سريع، الأمر الذي يُحاول رئيس المجلس النيابي نبيه بري حلّه، لأنه يعلم أن موعد زيارة ماكرون الى لبنان قد يكون حدّاً فاصلاً بين التهدئة الموجودة اليوم، أو العودة الى التصعيد مجدداً.