IMLebanon

عون الى الشارع … والحريري مأزوم… حزب الله متمسك بالجنرال وجعجع يتركه وحيدا

الكلام الكثير الذي صدر همساً وعلناً عن استعداد الرئيس سعد الحريري لتأييد العماد ميشال عون جعل التيار الوطني الحر يستعجل في الذهاب الى خيار الضغط والتصعيد، ويعطل الحوار والحكومة في آن معاً.

واليوم بعد ان اتضح ان جلسة 28 أيلول لن تخرج عن سابقاتها ولن تلد رئىساً جديداً، بدا التيار امام خيار صعب ومحرج للغاية، فهو لا يريد الظهور بمظهر المتراجع والمراهن الخاسر ولا يرغب في ايقاف او العدول عن المسار التصعيدي الذي بدأه منذ أن غاب وزراؤه عن جلسة مجلس الوزراء.

ومنذ أكثر من اسبوعين ينهمك العونيون في التحضير للنزول الى الشارع، وتتحدث اوساطهم عن برنامج حافل يبدأ من يوم جلسة انتخاب الرئىس في 28 الجاري لتصل الى الذروة في 13 تشرين الاول.

وتقول المعلومات ان التوجيهات القيادية قد اعطيت للمسؤولين والكوادر للتحضير لهذه الخطوة غير المحسوبة النتائج، مع العلم ان الحلفاء قبل الخصوم يدركون ان هذا الخيار يكاد يكون امام طريق مسدود في ظل الوضع اللبناني المعقد والمحكوم بمعادلات الشارع غير المحمودة النتائج خصوصاً في هذه الظروف.

ويبدو، حسب المعلومات، أن قيادة التيار تتجاوز حتى الآن هذه الحقيقة، خصوصاً انها تعتبر ان اللجوء الى الشارع ورقة ضاغطة يمكن ان تؤدي الى تعديل بعض المواقف لا سيما لدى الرئىس الحريري الذي ربما تشكل له هذه الخطوة حافزاً للانقلاب عن ترشيح فرنجية وترجمة موافقته على العماد عون في الجلسة التي تلي الجلسة المقبلة.

ولكن، هل حسابات العونيين تنطبق على حسابات الآخرين؟

ثمة وقائع وحقائق سجلت في الاسبوعين الاخرين تعبر عن مواقف الاطراف مما يمكن وصفه بمغامرة التيار الوطني الحر.

بداية، جرى الكلام واللغظ حول لقاء محتمل بين الحريري والوزير جبران باسيل في باريس مؤخراً قبل توجه الثاني الى نيويورك، وحسب المعلومات من مصادر عديدة فان مثل هذا اللقاء لم يحصل، لكن ذلك لا يعني نفي الخبر قطعاً.

وينقل عن احد المقربين من الحريري الذي كان موجوداً وملازما له في هذه الفترة في باريس انه لم يسمع او يشهد حصول اللقاء، وانه لم يلمس ايضاً أي تطور يؤكد مثل هذه الخطوة.

وتقول مراجع مطلعة انه قيل بداية ان الرجلين اجتمعا في العاصمة الباريسية، ثم قيل انهما لم يجتمعا، وهذا حصل ويحصل تجاه مثل هذه اللقاءات، لكن المعطيات المتوافرة تفيد بانه ربما كان هناك رغبة في عقد هذه الخلوة وجرى العدول عنها، او ان حصولها لم يؤد الى نتائج عملية حتى الآن.

وفي الحالتين فان ترجمة هذا التواصل الذي لم ينقطع اصلاً بشكل إيجابي غير متوافرة ظروفها بعد خصوصاً عند الرئىس الحريري الذي يواجه تعقيدات داخل بيت «المستقبل ومع القيادة السعودية.

ويستفاد من اجواء الحوار الثاني الاخير بين حزب الله وتيار المستقبل ان الأمور ما زالت تراوح مكانها في شأن الاستحقاق الرئاسي، فالحزب متمسك بموقفه الداعم لعون وينتظر من الحريري ان يقدم على الخطوة التي تؤدي لوصوله الى قصر بعبدا. لكن الشيخ سعد على لسان الوفد المحاور لم ينتقل بعد من دائرة استمرار ترشيح فرنجية الى مساحة تأييد عون.  وهذا ما يعزز الاعتقاد ان جوهر الازمة مع «الجنرال» موجود عند القيادة السعودية.

وعلى محور «حزب الله» تقول المعلومات انه لا يشارك التيار الوطني الحر في الاستمرار بمقاطعة جلسات مجلس الوزراء وشلّ الحكومة، وانه سيشارك بالجلسة المقبلة اذا ما دعا اليها الرئىس سلام، وان كان يفضّل العمل عل اقناع حليفه بحضور هذه الجلسة ايضا.

وفي ما يخصّ النزول الى الشارع يرى الحزب بشكل عام ان اللجوء الى مثل هذا الخيار لأي جهة كانت هو غير مناسب خصوصا في الظروف التي تشهدها البلاد، مؤكداً على اهمية الحفاظ على الاستقرار العام وعلى عدم استغلال مثل هذه التحركات من قبل جهات تتربص بأمن البلاد.

ويجد التيار العوني نفسه وحيدا في مسار التصعيد الذي يتجه اليه خصوصاً ان حليفه الجديد الدكتور سمير جعجع لا يرغب في ان ينضوي تحت لواء هذه الخطوة اولا، ولا يريد ان يقحم نفسه في هذه المنازلة بالمشاركة مباشرة بالتحركات الاعتراضية على الارض.

وترى مراجع مطلعة ان جعجع كان شجع التيار على خطواته التصعيدية السابقة أكان بالنسبة لمقاطعة جلسات مجلس الوزراء او بالنسبة لتعطيل الحوار الوطني الذي لم يشارك فيه اصلا، لكنه لا يريد ان يأخذ الموقف نفسه على صعيد اللجوء الى الشارع او على الاقل يرغب في ان يترك حليفه الجديد ينفرد بمثل هذه الخطوة لاعتبارات وحسابات سياسية يدركها الجميع.

ومما لا شك فيه ان الاطراف الاخرى لا تؤيد بل تعارض ذهاب التيار العوني في تصعيده الى المدى الأبعد، لا بد تأخذ عليه انه هو الذي يتحمل جزءا كبيرا من الازمة السياسية والمأزق الحالي.

وفي عين التينة سمع الزوار خلال الاسبوعين الماضيين كلاماً واضحاً وصريحاً من الرئيس بري يعكس موقفه من كل التطورات الجارية. فهو لا يخفي استياءه من توقف الحوار الوطني الذي شهد في الجلستين الأخيرتين حيوية في فتح نقاش مفصل وجدي حول ما يمكن وصفه بخارطة طريق تؤدي الى اجراء الاستحقاق الرئاسي وفتح آفاق المرحلة المقبلة في العهد الجديد.

وينقل الزوار عنه قوله «صحيح اننا لم نصل الى تفاهم حول الطروحات التي طرحناها، لكننا كنا ماشيين بالحوار ولم نخرج أصلا عن جدول الاعمال الذي بدأناه. وهذا بطبيعة الحال افضل من «النقار» الذي نشهده اليوم ومن طريقة التعاطي والسجال الحاصل الذي لا يقدم بل يؤخر الحلول».

ويضيف «لقد أقام البعض القيامة ولم يقعدها على كلمة «سلة» الحل، واقول سمّوها بقجة، سمّوها ما شئتم، ففي النهاية نحن بحاجة الى تفاهمات تعبد الطريق الى الرئاسة. وهنا اعطي مثلا بسيطاً فاذا اشدنا قصراً تحيطه الصخور من كل الجهات ولم نشق ونعبّد الطريق اليه كيف يمكن ان ندخله؟ انا اعود واؤكد على مثل هذه التفاهمات التي تضمن سلامة الحل لأننا من دون ذلك نبقى في المخاض وفي قتل الوقت».

وحسب مصادر عين التينة ايضا فان الرئيس بري منذ توقف الحوار لم يفكر بمبادرة جديدة مع ادراكه ان أية فكرة او اقتراح غير مجدية في ظل الابتعاد عن طاولة الحوار.

ويردد رئيس المجلس امام زواره ان البلاد لا تحتمل المزيد من التصعيد والتعطيل، مؤكداً على وجود اعادة عمل وتفعيل الحكومة للقيام بواجباتها تجاه البلد والناس، وعلى عزمه الدعوة الى عقد جلسات تشريعية بعد بدء العقد العادي للمجلس (أول ثلاثاء بعد 15 تشرين الاول) لأن هناك مشاريع وملفات حيوية وملحة لا يمكن تأجيلها.

اما اللجوء الى الشارع فيراه انه في غير محله وان كان مشروعا ومن حق الجميع. مع العلم ان الاوضاع والتجارب اثبتت ان مثل هذا الخيار في ظروفنا يحمل في طياته مخاطر كثيرة ولا يؤدي الى نتيجة، وانه في النهاية لا بد من العودة الى لغة التحاور والتفاهم.