IMLebanon

عون ليس متفائلاً ولا متشائماً

قد يكون التفاؤل السمة الأبرز للحركة السياسية العونية في الفترة الأخيرة. ذلك أن رياحا رئاسية «ايجابية» لفحت الرابية على وقع إطلالتي الوزير نهاد المشنوق والنائب وليد جنبلاط الأخيرتين. وقد جاء الاتفاق النفطي بين التيار الوطني الحر وحركة أمل، ليفتح الباب واسعا أمام الكلام عن احتمال تقارب سياسي بين الطرفين يعزز فرص العماد ميشال عون في الوصول إلى قصر بعبدا الفارغ منذ أكثر من عامين. بدورها، أتت زيارة العماد عون إلى عين التينة في أول أيام العيد لتعزز الاعتقاد بأن عون ينتظر من حركته الانفتاحية على رئيس المجلس «بركة» رئاسية تسمح بإجراء الانتخابات قريبا.

المتابعون للحركة السياسية خلال اليومين الماضيين، اعتبروا أن رئيس تكتل «التغيير والاصلاح» قام بأكثر من خطوة تندرج في العادة في اطار واجبات رئيس الجمهورية، مشيرة الى ان زيارات المعايدة غير المعتادة التي قام بها الى مفتي الجمهورية ورئيس المجلس النيابي، اضافة الى اتصالات المعايدة التي أجراها وأبرزها بالسفير السعودي للتعزية والاستنكار، طرحت الكثير من التساؤلات حول ما اذا كان المفتاح السري للقصر المهوري بات في جيب الرابية، رغم تبلغ الاخيرة بان الاجواء السلبية التي تبلغتها الرابية من معراب وخلاصتها «مش ماشي الحال»، بعد جولة الحكيم المكوكية من «بيت الوسط» الى «بيت طعمة»، والحج الجنبلاطي الى حارة حريك ، بعد افطار الحريري المكي، وسط تسريبات الازرق عن ان لا حلول في الافق للمازق الرئاسي وعليه الاستمرار في تبني ترشيح سليمان فرنجية ،في ظل تكريس الزعامة الحريرية على الساحة السنية اللبنانية من خلال دعوته للمشاركة في كل النشاطات الملكية السعودية.

مصادر قريبة من دار الفتوى علقت على الزيارة اللافتة، واضعة الامر في اطار ان العماد عون رئيس حكومة سابق، رافضة الخوض في بعدها السياسي، رغم ما كشف عن اتصالات كانت سبقتها ، فيما مفاوضات الجنرال التي قادته الى عين التينة، الممر لالزامي نحو بعبدا، اقله بنظر المصرين على القطبة الرئاسية المخفية في الاتفاق النفطي، لم تتخط بحسب مصادر مطلعة هدفها الاساس بالمباركة، بالعيد اولا وبالاتفاق على تمرير الموضوع النفطي ثانيا،دون ان يتطرق اي من الرجلين الى مسألة الملف الرئاسي، رغم ادراك الرابية واقرارها علنا بان الاستاذ هو من العقد المستعصية على هذا الصعيد.

أوساط البرتقالي التي اكدت أن حركة الجنرال ذات طابع اجتماعي ووطني صرف، اشارت الى ان قراءة المعطيات السائدة في البلاد والمنطقة وعلى المستوى الدولي، إضافة إلى بعض التطورات الميدانية السورية، تدفع إلى القول إن الجنرال ليس متفائلا ولا متشائما، لذا كان من الطبيعي أن يبادر إلى زيارة نبيه بري ومفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان. غير أن الزيارة إلى عين التينة تتجاوز المفهوم الاجتماعي حصرا، وهي تحمل دلالات مختلفة. وليس سرا أن الرئيس بري راصد محترف ومقتدر للاشارات الاقليمية والدولية والمحلية التي تتعلق بالاستحقاق الرئاسي وسواه من الملفات، كما هي الحال مع موضوع النفط . وتاليا لا بد أن يكون رئيس المجلس تلقف إشارات معينة، وتوصل إلى اقتناعات محددة من ملف الرئاسة لأنه حريص على انجازه لكونه يعاني من الفراغ وشلل السلطتين التنفيذية والتشريعية.

غير ان حملة العلاقات العامة العونية الرئاسية، تشكك بنتائجها اوساط سياسية مراقبة، معتبرة ان شيئا جديدا لم يطرأ على مواقف الاطراف الاقليمية او الداخلية الممسكة بالحل والربط، ولعل ابرز الدلائل التغييرات الاساسية التي طرأت على جدول زيارة وزير الخارجية الفرنسية التي ستركز على الاقتصاد والامن وبعض الاجتماع من زاوية القلق على المصير اذا ما استمر الفراغ الرئاسي، يضاف الى ذلك استعادة الرئيس الحريري لمكانته ولو شكليا سعوديا، مع ما لذلك من دلالات سياسية ستظهر ترجمتها تباعاً وخصوصاً لجهة تبديد الكثير من الرهانات، ذلك ان ما بعد استقبال الملك سلمان للحريري وسلام ليس كما قبله، وان الخطوة او الخطوات التالية ستظهر تباعا، يدفع بالامور نحو مزيد من التعقيد ولغير مصلحة سفن العماد عون.

في الانتظار، استقبال للضيف الفرنسي المكلف نقل صورة الواقع الرئاسي إلى بلاده والمحور الدولي الشاغل على هذا الخط، ونقل حقيقة الرؤية الفرنسية ومحصلة الإتصالات الدولية إلى اللبنانيين في الملف نفسه،مطلع الاسبوع. فهل تأتي الزيارة بجديد يحرك الجمود الرئاسي؟ وهل من رابط بين الحركة اللبنانية الساعية في هذا المجال وزيارة ايرلوت؟ الربط بين الامرين منطقي، رغم الصراع الغير المحسوم بين الرئاسة اولا، والسلة الشاملة التي تجعل منها واحدة من جملة شروط يتم طبخها فوق هاوية المؤتمر التأسيسي. فالواضح أن التوصل إلى استنتاجات، أو توقع النتائج، يبقى أمرا مبكرا، في انتظار تقاطع المشهدين المحلي والإقليمي، الذي يشكل مدخلا عمليا لولادة الحل.