IMLebanon

عون يستخدم «العصا والجزرة» مع الحكومة

ملاحظتان أساسيتان سجلتا، بالأمس، على هامش المؤتمر الصحافي المؤجل للعماد ميشال عون: اعادة تأكيده المؤكد لما جاء قبلاً على لسانه خلال مناسبات عديدة على شكل مبادرات أو خطابات. وثانياً الهدوء الذي اتسم به حديثه مع أنّه يعلن عودته من جديد الى الشارع للتعبير عن اعتراضه.

إذاً، ما من جديد استثنائي قدمه رئيس «تكتل التغيير والاصلاح» قد يغيّر مجرى الأحداث أو يقلبها رأساً على عقب، وانما اعادة صياغة للمبادرات التي سبق وطرحها: انتخاب رئيس مباشرة من الشعب، أو اجراء انتخابات نيابية على أساس النظام النسبي ومن ثمّ الرئاسة.

وما بدا لافتاً هو ابتعاد الجنرال عن المفردات الصاخبة الاستفزازية، وكأنّها نوع من تمريرة هادئة للمشاورات الحاصلة خلف الكواليس والساعية الى اعادة تفعيل عمل الحكومة.. بدليل «تخريجة» مقاطعة الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء التي سمحت للأكثرية الحكومية باتخاذ قرارات حيوية لا بدّ منها للمالية، من دون أن تفجّر غضب البركان البرتقالي.

عملياً، ثمة خطان أحمران أثبتت الأيام الأخيرة وجودهما: أولاً، لا لاستقالة الحكومة بقرار واضح من «حزب الله» الذي يدعم اعتراض حليفه البرتقالي شرط أن لا يتجاوز هذا السقف. وثانياً، لن يقبل «حزب الله» أيضاً بتجاوز «تكتل التغيير والاصلاح» وبالتعامل معه من جانب بقية المكونات الحكومية على أنه تابع أو مجرد ممثل لوزيرين.

هكذا يسير الخطان بالتوازي مع بعضهما، فلا يتخطى أحدهما الآخر، لا سيما حين تقرر الضاحية الجنوبية مساندة البرتقاليين في تحركهم الميداني الاعتراضي، تعبيراً عن دعمها لحليف السراء والضراء. وهو يقول للأقربين قبل الأبعدين أنّ صلاحية «وثيقة مار مخايل» لم تنته.

أما ترجمة هذا الدعم فقد تظهر، وفق المتابعين، في المشاورات الحاصلة حول الآلية الحكومية بهدف اعادة تفعيل العمل الحكومي على أساس «التوافق المرن» الذي لا يعني الاجماع ولا التصويت بالأكثرية.

وقال عون في مؤتمره الصحافي في الرابية، إنّ «الصفة القانونية تعني الالتزام بالقوانين التي تسنها السلطات المختصة، بينما الشرعية هي التوافق مع ضرورة تعتبر أسمى من القانون».

اضاف: «أما بالنسبة لخارطة الطريق للوصول إلى حل عادل وشامل، فنحن نؤيد ما شاهدناه في الأيام المنصرمة من مظاهرات وما سمعناه من شعارات، وإن كانت المطالب محقة، وهي فعلا محقة، ولكن تبقى المعالجة لنتائج المرض وليس لأسبابه، وإذا أردنا تحولا إصلاحيا حقيقيا علينا أن نشخص المرض وأسبابه، وبعدها تكون المعالجة فعالة».

أضاف: «فلننطلق جميعنا في مسار إصلاحي يتضمن: انتخاب رئيس جمهورية من الشعب مباشرة وذلك إذا أردتم انتخاب رئيس قبل إقرار قانون جديد للانتخاب. إقرار قانون انتخاب وفقا للنظام النسبي يؤمن المناصفة العادلة والتمثيل الصحيح لجميع مكونات الشعب اللبناني. إجراء انتخابات نيابية شفافة. انتخاب رئيس الجمهورية من مجلس نواب جديد. تأليف حكومة وحدة وطنية تضع خطة تغييرية إصلاحية لكافة القطاعات وتقوم بالمعالجات السريعة للقضايا وفقا لأفضلية تفرضها الحاجة».

وتابع: «وبالنسبة لمجلس النواب، ففي ظل شغور موقع الرئاسة يتعطل دوره ولا يحق له التشريع إلا في حالتين اثنتين: التشريع لإعادة تكوين السلطة، ومصلحة الدولة العليا استثنائيا. هذا مع العلم أن وعودا بوضع قانون جديد للانتخاب قد قطعت، أولها كان مع التمديد الأول للمجلس في حزيران 2013 وثانيها مع التمديد الثاني 2014. حتى أن البعض وعد بالنوم على درج مجلس النواب إلى حين إقرار قانون جديد للانتخابات».

وتطرق الى حملة «طلعت ريحتكم» فقال: «سررنا بوعي الشعب اللبناني وانتفاضته للمطالبة بحقوقه المهدورة، وهذه الحقوق لطالما كانت همنا وشغلنا الشاغل منذ بداية مشاركتنا بالحكم في منتصف العام 2008».

واوضح ان «وزير الاتصالات كان ارسل إلى النائب العام المالي في العام 2009 ملفا ماليا يتعلق بهدر حوالى المليار دولار ولا نعلم أين اصبح. وكذلك أرسل رئيس لجنة المال والموازنة كتاب الإبراء المستحيل إلى النائب العام المالي في العام 2013، وقد لقي نفس المصير».

أضاف: «لقد تبيّن أن الانفاق العام بلغ ما يعادل 177 مليار دولار من دون حسابات مالية مدققة ومصدقة من ديوان المحاسبة، وهي موزعة بين انفاق من أصل اعتمادات الموازنة وسلفات خزينة وهبات وقروض معظمها غير مسجل كواردات خزينة ولا أثر له في حساباتها، ما وصف من قبل المؤسسات الدولية (تقرير للبنك الدولي 2012) بأسوأ إدارة مالية حتى اليوم».

وقال: «لذلك كان الإبراء المستحيل واقتراحنا إنشاء محكمة خاصة للجرائم المالية في لبنان و33 توصية وقرار من لجنة المال والموازنة لإصلاح الموازنة والحسابات المالية. كما بلغ تجاوز اعتمادات الموازنة من دون إجازة او مستندات ثبوتية 11 مليار دولار حتى العام 2009 و16 مليار دولار لنهاية2011، اي بإضافة قدرها خمسة مليارات دولار، ما يعتبر اكبر مخالفة دستورية ومالية في تاريخ لبنان».

واعتبر أنّ «تعميم مسؤولية الفساد على الجميع يغطي ويريح الفاسد فيستمر في فساده ويحبط الاصلاحي فيتوقف عن نشاطه أو يشمئز»، موضحاً ان «أكبر عملية مافيوية نعيشها اليوم، تكونت عندما رضت الحكومات المتعاقبة مطالباتها المتكررة لحل مشكلة النفايات، ومنذ سنة حددت الحكومة إقفال مطمر الناعمة واهملت اتخاذ التدابير الضرورية لإيجاد مطامر بديلة او وسائل أخرى».

ودعا «التيار الوطني الحر» إلى «التظاهر يوم الجمعة المقبل للمطالبة بخارطة طريق الإصلاح هذه وبالحق في الشراكة الوطنية ومحاربة الفساد». وأكد «نحن لا نستقيل من الحكومة ولم يكن من داع للبقاء فيها لو كان هناك من إمكانية لتأليف حكومة جديدة. هناك من يطالبنا أيضا بالاستقالة من مجلس النواب، فالتشريع والنصاب القانوني داخل البرلمان يستمران لأن الأكثرية تبقى مؤمنة، ولكن الرقابة تنتفي بغيابنا.

وعن عدم ترحيب المجتمع المدني بـ «التيار الوطني الحر» قال: «فليسقطوا إذا شعاراتهم، التيار الوطني الحر لن يشارك إذا كانت هذه رغبتهم، ولكن فليتركوا الشعارات التي يحملونها لأنها شعاراتنا نحن».