IMLebanon

المواعيد  

بقلم خليل الخوري – 

صحيح أنّ الدستور اللبناني لا يحدّد موعداً لتأليف الحكومة. ولكن روح الدستور معطوفاً الى المنطق، إضافة الى النص، توجب كلها التأليف بعد التكليف… ويفترض بداهة أن يكون ذلك في أسرع وقت ممكن، من دون أي تسرّع!

 

وإذا كان الدستور يحدد متى يجب أن يتم إنتخاب رئيس الجمهورية في حال الفراغ الرئاسي، أياً كان نوعه، سيّان أكان بسبب إنتهاء الولاية، أو فراغ السدّة الرئاسية بالإستقالة أو بالوفاة… ولكن الصحيح أنّ هذا الموعد لم يُحترم، أقلّه منذ ما بعد الحرب اللبنانية حتى الأمس القريب: فلا الرئيس أمين الجميل سلّم الحكم الى خَلَفه، ولا الرئيس الياس الهراوي إنكفأ بانتهاء ولايته بل قادت الظروف (وحافظ الأسد) الى التمديد. ولا الرئيس العماد إميل لحود غادر  المقر الرئاسي في المهلة الدستورية، وهو أيضاً مضى الى تمديد ولايته. هذا التمديد الذي إنتهى بفراغ رئاسي حسمه إتفاق الدوحة بانتخاب العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية.… الذي لم تكن له رغبة في تمديد الولاية… وبدوره سلّم الى الفراغ الذي إستمر نحواً من ثلاث سنوات إلى أن حدثت أعجوبة «التسوية الرئاسية» (الداخلية) بدفع خارجي وآلت الرئاسة بالإنتخاب الى الرئيس العماد ميشال عون.

واللافت أنه كان يجري التقيّد بالتوقيت الدستوري في إنتخاب رئيس الجمهورية منذ الإستقلال حتى الحرب المشؤومة التي «شقلبت» البلد رأساً على عقب وإنتهت باتفاق الطائف الذي أسقط الدور المسيحي من الفعل وأجلسه على مقدمة البروتوكول، رئيساً للدولة، له الأمام والتحية والوسام والسلام التعظيمي ولكن ليس له التصويت في مجلس الوزراء، ولا الحرية في إبقاء المشروع أو المرسوم في أدراجه إلا في إطار الأيام المعدودة، بينما يحق للوزير أن «ينوّم» المرسوم في أدراجه ليس أياماً وأسابيع وأشهراً وحسب بل سنوات ودهوراً!

فرغ المقام الرئاسي سنة  1952 باستقالة الشيخ بشارة الخوري (الذي كان في نصف الولاية الثانية الممدّدة) وبعد أيام معدودة إنتخب الرئيس كميل شمعون خليفة للخوري. وبرغم الأحداث الضخمة الدامية التي إستهدفت الرئيس شمعون وأصابت البلد في الصميم، أمضى شمعون ولايته وانتخب الأمير فؤاد شهاب خليفة له.

وبالسلاسة ذاتها خلفه الرئيس شارل حلو، ليأتي الرئيس سليمان فرنجية بالصوت الواحد (49×50) ثم ليصل الرئيس الياس سركيس قبل موعد إنتهاء الولاية الفرنجية ببضعة أشهر (ولكن على أن يكمل الزعيم الزغرتاوي الولاية حتى اللحظة الأخيرة) وسركيس بدوره سلّم الأمانة إلى الشهيد بشير الجميل…

فعلاً لقد كانوا أفضل من قادة هذا الزمن الرديء: فلا الإنتخابات النيابية في موعدها، ولا الرئاسة كذلك. ولم يعد تأليف الحكومة يتم إلاّ بعملية قيصرية خطرة!