IMLebanon

العجز العربي و «المنطقة الامنة»

 

 

ليست قضية النظام السوري… إنها قضية النظام العربي المأزوم.

 

وهي قضية مؤلمة، إذ لم يسبق أن كان العرب في هذين الضعف والانهزام كما هم اليوم.

 

بداية نود أن نفّرق بين التطورات السورية عموماً وهذا التطور المستجد الذي يخوّل تركيا أن تستبيح جهاراً نهارا بلداً عربياً يشكل قلب الأمة العربية…

 

منذ مدة طويلة، وخصوصاً منذ ثلاثة أشهر، ورجب طيب أردوغان يعلن أنه سيجتاح مناطق حيوية من سوريا ويقيم فيها ما يدّعي أنه «المنطقة الآمنة» ولكنه بالفعل سيقيم فيها محمية تركية أشبه ما تكون بالشريط الحدودي الذي أقامته إسرائيل في الحدود الجنوبية اللبنانية.

 

كان دونالد ترامب يدّعي حماية الجيب الكردي السوري الذي يريد رجب طيّب أردوغان أنّ يحوّله الى «منطقة آمنة» محققاً أهداف  عدة أبرزها: القضاء على فصائل كردية مسلحة تسليحاً حديثاً، ومدربة تدريباً قوياً، ومجربة في المعارك منذ أربع سنوات على الأقل و … ترك «مسمار جحا» داخل الأراضي السورية قد ينطلق منه للتوسع في تحقيق جزئي لحلمه المزمن في الخلافة… حتى اذا سنحت له الظروف، خصوصاً بالتواطؤ  مع الأميركي، عمد الى ضربة أوسع في اتجاه قضم المزيد من الداخل السوري.

 

المهم في الموضوع هذه الغفوة العربية المروّعة … فالأمر يقتصر على اجترار  كلمات «رفع عتب» من هذا الحاكم العربي أو ذاك المسؤول… وهو ما يدعو الى السخرية ويؤكد على حقيقة «المضحك المبكي» على حال هذه الأمة التي تسجل كل يوم هبوطاً الى أدنى درك.

نحن نعرف ما بين معظم البلدان العربية والقيادة السورية من خلافات (بل وعداوات) حادة. ولكن ألم يبقَ شيء من هذا المسمّى تضامناً عربياً؟ ولن نكذب  على أنفسنا كي نستحضر من باطن خمسينات القرن العشرين الماضي ذاك الشيء الآخر المسمى «الدفاع العربي المشترك». نعرف ذلك كله، لذلك قلنا في مطلع هذا الكلام إنها ليست قضية النظام السوري، إنما هي قضية سوريا. وهي، تكراراً: قضية هذا النظام العربي الذي لم يبقَ من جدار تماسكه سوى الحطام!

 

وأمّا «فعلة» دونالد ترامب بالأكراد فلم تفاجئنا أبداً لأننا نعرف الأميركي و»تقاليده» في نفخ الحلفاء وابتزازهم حتى آخر مصلحة أميركو – إسرائيلية، وأيضاً حتى… آخر «سنس» ومن ثم إلقاؤهم على قارعة الطريق! ومع ذلك فهم لا يعتبرون، ولا يتعلمون بالرغم من كثرة الدروس والأمثولات!

 

وأكثر ما يضحك ويبكي ما يصدر في واشنطن عن أن ترامب  يحذر  تركيا من مغبّة عمليتها شمال سوريا ويتوعدها! وأن البنتاغون «لا يؤيد» العملية الخ… من الكلام الذي لم يعد يجوز حتى على أكثر المراقبين غباءً.

 

اليوم خمسة كيلومترات ستجتاحها تركيا (التي تستعيد «عثمانيتها» تدرّجاً) مع  استعداد لعملية ثانية بعمق تسعة كيلومترات لاحقة… وربّـما المخطط «العثملي» يذهب الى أبعد.

 

ولكن يفوت «الخليفة» الغارق في غطرسته الفارغة، كما يفوت حليفه المتواطئ معه ضمناً دونالد ترامب… ويفوت العرب السكرانين بوهم الانتقام من النظام السوري أنّ «المناطق الآمنة» (أو المزعومة آمنة) ما كانت مرّة إلاّ مدخلاً للحروب الضارية…

 

فهل من يأخذ العبرة من جنوب لبنان و»المنطقة الآمنة» التي أقامها العدو الإسرائيلي فيه؟!