IMLebanon

لبنان ما بعد القمّة

 

 

عمليّاً لم يتغيّر المشهد اللبناني سواءً ما قبل القمّة العربيّة أو ما بعدها، فالعرب على حالهم لا يتغيّرون يكرّرون الاختلافات والمصالحات من قمة إلى أخرى، قد تكون خيبة الأمل الكبرى التي حصدها كثر مشهد انتصار بشّار الأسد بعودة إلى الكرسيّ السوريّ بعد الثورة والدّمار والانهيار والاحتلالات التي تعيشها سوريا، ومع هذا ما شأننا ما يهمّنا فقط في هذه العودة أن يبقى بعيداً عن لبنان وشعبه وأفكاره أو أحلامه المسمومة بالعودة إلى الأرض اللبنانيّة التي خرج منها مطروداً على مرأى من دول العالم في نيسان العام 2005، “الله يسعدو ويبعدو” ويكفي لبنان شرّه.

 

منذ كان لبنان، لطالما كان مختطفاً من جهة ما ، ولطالما كانت حكوماته عاجزة عن اتخاذ قراراتها كدولة مستقلّة، فشهدناه ساقطاً تحت احتلالات جمال عبد الناصر وياسر عرفات إلى النظام السوري والشيطان الإيراني، ومجدّداً ربّما علينا أن نتساءل: متى كنّا فعلاً دولة مستقلّة؟! لطالما وُجِدَ في لبنان فريق يختطفه لصالح محاور ودول أخرى، مرّة في محور “عروبة” عبد الناصر، ومرّة حوّلوه إلى جبهة مفتوحة وساحة للميليشيات الفلسطينيّة، وأخرى أباحوه للاحتلال السوري ولـ”عروبة” جبهة الصمود والتصدّي التي بات اسمها اليوم “محور الممانعة”، فما نكاد نخرج من احتلالٌ حتى يسلّمنا احتلال سابق لآخر لاحق!!

 

حتى اتفاق الطائف الذي وضع لإنهاء الحرب الأهليّة تمّ وضعه بصيغة تتيح التحكّم بلبنان، وفيه كثير ممّا يجعل تعطيله أمراً واقعاً، حتى البيانات الحكوميّة نواجه أزمات تعطّل وضعها وتفرض فيها بنود تؤكّد أن لبنان مخطوف من فريق أو محور، وستبقى هذه باختصار حكاية لبنانيّة معادة تتزامن كلّ ست سنوات مع صراع ماروني ـ ماروني على كرسي الرئاسة والدّخول إلى قصر بعبدا!!

 

لا يُحصى عدد المناشدات التي أطلقها البطريرك بشارة الرّاعي عبر السّنوات الماضية ـ ولا يزال ـ وللأسف لم تجد صدى أو تجاوباً، المصالح الشخصيّة التي تحكمها الرّغبات المارونيّة القاتلة في الوصول إلى سدّة الرّئاسة تتحكّم بانتخاب رئيس للبلاد يكفي جبران باسيل نموذجاً لطاقة التّدمير الذّاتي التي يتمتّع بها الموارنة والتي ترسم مصيراً أسود للبنان منذ العام 1988، وبقدر نزق المارونيّة في عجزها عن التوافق على اسم رئيس تستقوي لعنة الحديث عن بدعة أو خدعة الميثاقيّة التي أزاحت نظامنا الدّيموقراطي وألقت بالدّستور في سلّة المهملات وأخضعت البلد للشّلل بصورة تامّة وعلى مستوى كلّ المؤسسات الدّستوريّة ولمرّات متعدّدة من دون أن يرفّ جفن للمتمسّكين بفرض هذه البدعة بالإكراه وبقوّة السّلاح!

 

لا أحد سيسارع لنجدة لبنان من الخطر الذي تلقيه فيه الطغمة الحاكمة، الجميع يعيد على مسمع اللبنانيّين “ساعدوا أنفسكم لنساعدكم”، في هذه المرحلة لا يحظى لبنان سوى بتجاهل ما يُسمّى بالدّول الصديقة والشقيقة كلّها لم تعد موجودة لإنقاذ بلد لا يريد إنقاذ نفسه، وحدها الذراع الإيرانية الخبيثة تخنق لبنان بقوّة وتخرج من تحت الأرض في صورة عسكريّة رسميّة خارج موسم عاشوراء المعتاد، فقدّم لنا الأحد مناورة استعراضاً ـ أسماه مناورة ـ بالذخيرة الحيّة في عرمتى اعتبر العرض الأكبر الذي يقيمه أمام وسائل الإعلام، تخلله عرض عسكري ومحاكاة لهجمات تستهدف إسرائيل عبر طائرة مسيّرة أو الاقتحام،نتساءل هل استعراض عرمتى إنذار للخارج الإسرائيلي أو للدّاخل اللبناني. في الغالب هو رسالة للدّاخل اللبناني المسكين  الذي يسيطر حزب الله على كلّ مؤسساته الدّستورية ويعيث فيها فساداً على جميع المستويات ويعطّلها إلى أجل طويل متحكّماً بمصير اللبنانيّين أأقرّ الحزب وناطقه المفوّهن بذلك أو لم يقرّوا بما يفعله الحزب ثم يقولون لنا بمنتهى الوقاحة أنّهم”شركاؤنا في الوطن” الذين يمعنون في تدميره يوميّاً بمنهجيّة إيرانيّة خُطّط لها منذ العام 1979 وحتى اليوم وهو الاحتلال الأخطر الذي يتعرّض له لبنان منذ درجت عادات احتلاله بحسب المواسم السياسيّة التي تهبّ عليه وعلينا!