IMLebanon

الموفدون الأميركيون وإسرائيل فخّخوا خطة الجيش قبل إقرارها

 

«المنطقة الاقتصادية» عامل إضافي لرفض الشروط الإسرائيلية

 

 

يبدو ان الجولات المكوكية للموفدين الأميركيين باتت متوقفة على ما سيحصل بعد جلسة الحكومة اللبنانية المرتقبة مطلع أيلول المقبل التي ستناقش خطة الجيش اللبناني لجمع السلاح، التي يحيط بها الغموض برغم التسريبات المتعددة التي تتناول الجدول الزمني للتنفيذ. لكن يبدو أيضاً ان الموفدين المفترض انهم «حياديين ووسطاء نزيهين»، ورئيس حكومة الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، استبقوا الجلسة بتحديد مهمة الجيش سلفاً بأنها تقتصر على بند وحيد «ملغوم وفتنوي» يقضي بجمع سلاح حزب الله فقط وبأي طريقة ولو أدّى ذلك الى صدام بين الجيش والمقاومة ومناصريها… وبعدها لكل حادث حديث حول تنفيذ إلتزامات إسرائيل لوقف إطلاق النار والانسحاب من النقاط المحتلة في الجنوب وإطلاق سراح الأسرى وعودة أهالي القرى الأمامية الى منازلهم، بحيث انها ستقرر من أين تنسحب وكيف والى أي مسافة وما الذي يفترض بالجيش أن يقوم به في المنطقة الحدودية.

وبذلك نسفت إسرائيل والموفدون الأميركيون أيضاً أي إمكانية لموافقة حزب الله وحركة أمل على الشروط والمطالب الجديدة التي تفتقر الى الضمانات التنفيذية من جانب الاحتلال، وجاءت أيضا فكرة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بإقامة «منطقة اقتصادية في قرى الشريط الحدودي خالية من السكان» تلبية لطلب كيان الاحتلال، لتزيد من قناعة اللبنانيين بأن لا الأميركي جادّ في مسعاه لإنهاء التوتر ووقف الأعمال العدائية من قبل جيش الاحتلال، ولا الإسرائيلي بصدد تنفيذ أي خطوة تعيد أهالي الجنوب الى قراهم، حتى لو عاد مستوطنو شمال فلسطين بعد فترة الى مستوطناتهم. وأن كل الجهد الأميركي والإسرائيلي ينصب على أمر واحد هو أن يكون لبنان بلا حولٍ ولا طولٍ ولا قدرة على مواجهة مطامع الكيان الإسرائيلي واعتداءاته مستقبلاً، تماما كما تفعله إسرائيل في سوريا من قصف وتدمير البنى والقدرات العسكرية الباقية من الجيش السوري بحجة إزالة أي تهديد، وقد استهدف بالأمس العاصمة دمشق.

 

وفي لبنان، ما زالت اعتداءات كيان الاحتلال تقتصر خلال الفترة الأخيرة على غارات عنيفة أحيانا على مناطق الجنوب – كما حصل أمس- وعلى بعض مناطق البقاع، ولم تتعرض الضاحية الجنوبية ولا أطراف ووسط بيروت حتى الآن لأي عدوان، لكن لا شيء يمنع الاحتلال في ظل قرار الإدارة الأميركية بإطلاق يده، من توسيع العدوان ليشمل الضاحية وبيروت، من ضمن سياسة الضغط العسكري الموازي للسياسي لدفع لبنان الى الرضوخ لكل الشروط والمطالب الإسرائيلية. كما هي الحال بممارسة الضغط العسكري الواسع على سوريا لترضخ لمطالب إسرائيل في مفاوضات الترتيبات الأمنية لمنطقة الحدود بين سوريا وفلسطين المحتلة وصولا الى تطبيع العلاقات كما تشتهي.

أما وقد انتهت زيارة الموفدين الأميركيين الى ما انتهت إليه من إعادة الأمور الى نقطة الصفر نتيجة الطرح غير العقلاني وغير المتوازن، يبقى السؤال ماذا بعد؟ والى أين ستذهب الأمور بعد جلسة الحكومة المرتقبة الاثنين المقبل وبعد إقرار خطة الجيش لجمع السلاح؟

لا شك ان مجريات عمل ومواقف قيادة كيان الاحتلال تجاه لبنان وسوريا، وبدعم أميركيي مكشوف – تشير الى ان سياسة التفاوض تحت النار ما زالت قائمة، وان المطلوب جعل الحدود من لبنان وسوريا مع فلسطين المحتلة مناطق ميتة لا حياة فيها، أو وضعها تحت الوصاية العسكرية والسياسية الإسرائيلية إن لم يكن الأميركية أيضاً، وجرّ لبنان لاحقاً الى المشروع الأميركي – الإسرائيلي بتطبيع العلاقات وإنهاء حالة العداء تحت عنوان السلام والازدهار الاقتصادي، وهو ما يخدم أحلام إسرائيل الأمنية والسياسية، وهو في جوهره أيضاً مشروع جديد – قديم لمدّ خطوط نقل النفط والغاز من الخليج الى أوروبا عبر البحر الأبيض المتوسط، من خلال السيطرة على المنطقة، والهدف البعيد هو منع تدفق النفط والغاز الروسي. وتغيير طريق التجارة العالمية أيضا، بما يؤدي الى استبدال الطريق الآتي من الصين.