IMLebanon

عرسال.. عبور الجيش إلى الانتصار

من بلدة عرسال وجرودها، عبر الجيش إلى المساحات الجردية الحدودية الواسعة، ومنها رسم طريق تحرير جرود القاع ورأس بعلبك والفاكهة بعد أن كسر عنها قيود الإرهاب التي كانت تطوقها من خلال معركة كانت بمثابة عملية رد على كل اعتداء طال قرى البقاع وأهلها، وعلى كل جريمة اغتيال نُفذت بحق المظلومين وعلى رأسهم العسكريون التسعة وما سبقهم من زملاء لهم على الطريق نفسه. من الهرمل واللبوة إلى عرسال والقاع والفاكهة ورأس بعلبك، كان النصر ولا يزال، حليف جيش لم ولن يتهاون مع أي محاولة لهز استقرار البلد، أو جره إلى فتنة أو تهديد بأمنه. والرجال الذين نفذوا عملية «فجر الجرود» وانتصروا فيها، قادرون على استعادة المشهد في أي لحظة وفي أي زمان ومكان.

في عرسال كما في غيرها من المناطق والبلدات اللبنانية، يؤدي الجيش المهام الموكلة اليه على أكمل وجه، وما العمليات الأمنية التي يقوم بها من مداهمة لمستودعات أسلحة وذخائر أو توقيف شبكات إرهابية أو أفراد يسعون إلى تعكير الأمن والاستقرار، سوى دليل واضح على أن لا أمن بالتراضي وأن لبنان كله مفتوح أمام العمليات الاستباقية التي تقوم بها مخابرات الجيش بالإضافة إلى بقية المؤسسات الأمنية في البلد والتي تُنتج في كل مرّة، الكشف عن مخابئ للأسلحة أو عبوات معدة للتفجير أو قيد الاعداد، وليس آخرها ما تم كشفه منذ يومين من أسلحة متوسطة وخفيفة وذخائر بالإضافة إلى كمية من الأقنعة والأمتعة العسكرية المختلفة، في مُجمع تجاري في وادي الحصن – عرسال يعود للمطلوب الشيخ مصطفى الحجيري. وقبلها بيوم واحد، ضبطت مديرية المخابرات في الجيش، مخزن عبوات مجهزة للتفجير مع كامل أجزائها وجزئياتها والمواد المكملة لها في محلة وادي حميد في جرود عرسال.

البعض حاول أن يُلبس عرسال ثوب الإرهاب وأن يضع أهلها في خانة «التكفيريين» وصولاً إلى تشبيه البلدة بمدينة قندهار الأفغانية، لكنها أبت إلا أن تبقى عرسال البلدة العربية والوطنية و«عرش الله» باللغة الآرامية نظراً الى موقعها المرتفع. ويكفي بلدة عرسال، أنها كانت أوّل من ساند الجيش ووقف إلى جانبه في محنته ويوم عزّت فيه المواقف الداعمة له في معركته ضد الارهاب ومنها وضعه أمام خيار أوحد، فتح المعركة بأسرع وقت. لكن رد الجيش كان دائماً وأبداً، أن القرار الأول والأخير في أي معركة، يعود له وحده وبعيداً من الأجندات السياسية والإملاءات الخارجية. وقد أثبت بقراره هذا، صوابية خياراته التي أوصلت إلى الإنتصار الكبير من خلال معركة «فجر الجرود».

كثيرون هم الذين راهنوا على إحداث شرخ أو خلاف بين «العراسلة» والمؤسسة العسكرية، لكن كل تلك الأمنيات وصلت إلى طريق مسدود بعد تلمس مدى عمق العلاقة التي تجمع بين الجيش وأهالي البلدة الذين ومنذ اللحظة الأولى لبدء عملية تحرير الجرود، أكدوا وقوفهم إلى جانب الجيش ووضعوا أنفسهم بتصرفه وطالبوه بفرض سيطرته على كل الطرق والمعابر المؤدية إلى البلدة. وأكثر من ذلك فقد كانوا بمثابة السند له بعد أن توزّعوا بين مخيمات النازحين بالتعاون مع شرطة البلدية، من أجل ضمان عدم حصول أي تحرك لمجموعات أو أفراد، يُمكن أن يُباغت عناصره على جبهات القتال. ولا ينسى «العراسلة» كيف عمل الجيش على طمأنتهم وتشجيعهم على الصمود والبقاء في منازلهم، يوم راحت بعض الأقلام تُروّج لفكرة اقتحام البلدة و«تدفيع» أهلها ثمن احتضانهم اللاجئين السوريين الذين فرّوا اليها عقب معارك القصير والقلمون.

من انجازات الجيش والدعم المتنوع والمتعدد الذي يلقاه وتحديداً السياسي الذي أرسته حكومة الرئيس سعد الحريري منذ لحظة تشكيلها بالإضافة إلى دعم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون المُطلق، يُمكن القول إن البلد قطع شوزطاً كبيراً في عملية تثبيت الأمن والاستقرار. وعلى الخط نفسه تؤكد مصادر عسكرية لـ«المستقبل» أن «الجيش وضع الأمن والاستقرار على قائمة الأولويات وذلك بناء على قرار سياسي رفيع يقضي بعدم العودة إلى مرحلة ترهيب اللبنانيين وابتزازهم على يد الجماعات الارهابية»، موضحة أنه «منذ اللحظة الأولى للتحضير لمعارك جرود عرسال، أخذ الجيش على عاتقه حماية الحدود ومنع تسلل الجماعات الإرهابية».

وبما أن الشيء بالشيء يُذكر، فان النازحين في عرسال، كانوا قد وضعوا أنفسهم أيضاً بتصرف البلدية وطالبوا بضبط وضع المخيمات. والجميع يذكر أن حماية بلدتي عرسال والطفيل، كانت ضمن أولويات وحدات الجيش المُنتشرة وكذلك الأمر بالنسبة إلى أهالي القاع ورأس بعلبك والفاكهة، عندما أعلن قائد الجيش العماد جوزف عون، بدء معركة «فجر الجرود». ومن الدعم الداخلي المُطلق إلى التأييد الخارجي للدور الذي يقوم به الجيش، خصوصاً عند حدود لبنان الشرقية، فقد أتت زيارة رئيسة بعثة الاتحاد الأوروبي في لبنان السفيرة كريستينا لاسن أول من أمس، للواء التاسع في الجيش اللبناني المنتشر حول بلدة عرسال، لتؤكد أهمية هذا الدور في مكافحة الارهاب وتأمين الحدود، والأهم قدرة الجيش على الإمساك بأمن لبنان.

اليوم، ثمة حرص لبناني شامل على مؤسسة الجيش والدور الذي تقوم به في تثبيت الأمن وتكريس عامل الاستقرار، بالإضافة إلى التكامل شبه الكامل مع الحكم بشقيه الرئاسي والحكومي. ومن هذا الدور الذي هو الضامن الأبرز وربما الأوحد للأمن الوطني وكجهة وحيدة مخوُلة امتلاك السلاح باسم الوطن، يظهر إلى العلن الحرص التام على رفض زجّ الجيش في معارك أو حروب لا تصب في مصلحة البلد واستقراره والأهم،

رفض قطف ثمار أي جهد يبذله خصوصاً عندما يبرز للملأ، حجم التضحيات التي قدمها خلال معاركه مع الجماعات الارهابية، منذ «نهر البارد» وحتى اليوم.

إلى ذلك، أعلن رئيس بلدية عرسال ​باسل الحجيري​ في صفحته على موقع «الفيسبوك»، «إخلاء الجرود من قبل ​حزب الله»​، داعياً أهالي عرسال الى «التريث وعدم الاستعجال والانتظار فترة قصيرة حتى يعطي ​الجيش اللبناني​ الإذن بالذهاب إلى الأراضي بشكل رسمي».