IMLebanon

«عصفورية» متوقعة في الانتخابات

رغم تأجيل الانتخابات لقرابة العام، الا ان الكثير من بنود قانون الانتخابات دفع معظم القوى السياسية التي ترغب بخوض غمار المعركة الانتخابية، للتحضير منذ اليوم لهذا الاستحقاق الذي سيتحدد في ضوء نتائجه مسار تركبة النظام السياسي في لبنان، على الاقل للسنوات الاربعة التي تلي هذه الانتخابات، وان من حيث دور الكتل النابية الجديدة على الانتخابات الرئاسية المقبلة، وان على صعيد الدور الذي تأمل هذه الكتل بما تمثله من قوى سياسية ان تلعبه في الحكومات المقبلة، او كل ما له علاقة بالمشاركة في ادارة الدولة بدءاً من مجلسي النواب والوزراء والمؤسسات الاخرى.

بداية يلاحظ مصدر وزاري سابق له تجربة واسعة في العمل السياسي والانتخابات النيابية ان هناك الكثير من الثغرات والمطبات التي يتضمنها القانون الجديد لعل ابرزها الاتي:

1- ان بند الصوت التفضيلي يتضمن لوحده ثغرات عديدة، منها تكريس الفرز المذهبي والطائفي، ومنها عدم العدالة عندما يحدد الفائزون من اللائحة الاولى مسبقاً قبل معرفة عدد الاصوات التفضيلية التي حصلوا عليها، بحيث يتم احتساب الفائزين في اللائحة الثانية او الثالثة بعد حسم الفائزين في الاولى، مما سيؤدي الى اسقاط مرشحين من طائفة معينة حصلوا على نسبة اعلى من المرشح الفائز في اللائحة الاولى.

2- ما له علاقة برفع المصاريف الاستنسابية الى ارقام عالية جدا، ما سيرحم عشرات بل مئات المرشحين من الترشح، ما لم تكن لهم مقدرات مالية كبيرة.

3- عدم خفض سن الاقتراع الى 18 سنة، لان ابقاء الاقتراع للذين بلغوا الـ21 سنة سيحرم عشرات الاف الشباب والشابات من ممارسة حقهم الديموقراطي.

لكن بغض النظر،عن هذه الشخصيات في القانون، فالمصدر الوزاري يقول ان مسار نتائج الانتخابات ستحددها ثلاثة امور اساسية هي:

1- مدى تصويت الناخبين لهذه اللائحة او تلك، لانه كلما ارتفعت نسبة التصويت لمصلحة لائحة معينة، تعني انها ستحصد المقاعد الكبرى في القضاء او الدائرة.

2- طبيعة التحالفات التي ستنسجها القوى السياسية بين بعضها البعض، من اجل وضع هذه اللائحة او تلك في الاولوية من حيث حصولها على العدد الاكبر من المقاعد، انطلاقاً من القاعدة الحسابية التي حددها القانون وهي احتساب الحاصل الانتخابي بين اللوائح التي تجاوزت هذا الحاصل في المرحلة الاولى.

3- طريقة ادارة المعركة الانتخابية، خاصة ما يتعلق بتوزيع الصوت التفضيلي بين مرشحي اللائحة الواحدة وفي القضاء الواحد، على اعتبار ان اي اخطاء في اختيار الصوت التفضيلي ستصب في مصلحة اللوائح الاخرى في نفس الدائرة.

ورغم هذه المسائل التي تحتاجها ادارة المعركة، الا ان المصدر المذكور يعتقد ان العملية الانتخابية ستكون أشبه بـ«عصفورية»، على اعتبار ان احداً لا يستطيع الجزم بعدد المقاعد التي سيفوز بها في هذه الدائرة او تلك، وان كان متوقعاً عدم حصول تغيير فعلي في الخريطة النيابية من حيث بقاء نفس الكتل الحالية تسيطر على الغالبية المطلقة من عدد اعضاء مجلس النواب، باستثناء خروقات بين 15 و20 بالمئة.

ويعيد المصدر مرد هذا «الجنون» الذي يتوقع ان يرافق العملية الانتخابية الى طبيعة الصوت التفضيلي على مستوى القضاء، بحيث ان هذا الامر سيدفع حتى الى صراعات خفية وربما معلنة داخل اللائحة الواحدة ورغبة كل مرشح بأن ينال اكبر عدد ممكن من الاصوات التفضيلية حتى يمكن احتسابه من عدد المرشحين الفائزين، في حال تجاوزت اللائحة التي ينتمي اليها الحاصل الانتخابي للمطلوب.

ويعطي المصدر الوزاري امثلة عديدة على ذلك قد تحصل ضمن اللائحة الواحدة، ومن هذه الامثلة:

– في دائرة الشوف – عاليه، يمكن مثلا للمرشح الدرزي الثاني في الشوف او عاليه في لائحة يدعمها الحزب الاشتراكي ان لا يفوز، ان اعطيت الاصوات التفضيلية في الشوف مثلاً لنجل النائب وليد جنبلاط تيمور جنبلاط، وكذلك الامر في عاليه.

– في دائرة زغرتا – الكورة – البترون- بشري، على سبيل المثال ايضاً يمكن لاي مرشح من الكتل المتنافسة هناك ان لا يحصل على الاصوات التفضيلية المطلوبة في حال عدم وجود ماكينة انتخابية قادرة على كيفية تجييز الصوت التفضيلي.

– حتى في قضاء مرجعيون – حاصبيا من ضمن الدائرة التي تجمع هذا القضاء مع النبطية ومرجعيون يمكن مثلاً ان لا يفوز المرشح السني في اللائحة التي قد يدعمها الثنائي الشيعي في حال اجتازت لائحة ثانية الحاصل الانتخابي، ولم يتم التعاطي بعناية دقيقة مع طبيعة توزيع الصوت التفضيلي.

انطلاقاً من هذه الحسابات الصعبة التي استشعرتها القوى السياسية، فعملية التحضير للانتخابات يبدو انها بدأت منذ اليوم، وما حصل قبل ايام من زيارة لتيمور جنبلاط في بعض قرى الشوف المسيحي وزيارته نائب رئيس حزب القوات النائب جورج عدوان يشير بوضوح الى العمل منذ الان لتثبيت التحالفات.