لم أكد أصدّق فحوى التساؤلات التي أطلقها وزير العدل السابق اللواء أشرف ريفي في مؤتمره الصحافي يوم الأحد الماضي، لم أصدّق أنّ «ابن الدّولة» يكاد يطلب فرط عقد ما تبقّى لنا من الدولة؟ لم أكد أصدّق أنّ اللواء أشرف ريفي يطالب القوات اللبنانيّة ـ بصرف النّظر عن تيّار المستقبل ـ «لإعادة النظر بالإستمرار بحكومة تضع رأسها برمال الوصاية الإيرانية» ولووو يا حضرة اللواء؟!
علام كلّ هذا التشكيك؟ وفي هذا التوقيت العصيب الدقيق الذي يمرّ به لبنان، ومن أيّ منطلق تُشكّك في كلّ مؤسّسات الدولة وتعتبرها غير موجودة؟ كيف استطعت أن تغيّب مؤسسات الدولة وتعتبر أن «لا رئيس فعلياً للبنان ولا حكومة ولا مجلس نيابي»؟! «شو هالحكي»؟! كيف تلغي كلّ المنخرطين في مواجهة حادّة مع حزب الله ذراع إيران في المنطقة وتلغي الرئاسات الثلاث ببضع كلمات؟! كيف استطعت أن تقول أنّ «الوصاية على لبنان ممثلة بميليشيا مسلحة تسيطر على قراره»، منذ العام 2005 ونحن منخرطون في مواجهة حادّة ومنعنا إيران وحزب الله من السيطرة على لبنان وقراره، على الأقلّ بالتمسّك بالدولة والجيش والرئاسة الأولى تحديداً؟ ألم تكن معاليك وزيراً للعدل من ضمن صفقة «تمشية الحال» في حكومة الرئيس تمّام سلام لتسيير شؤون البلاد والعباد، وفي هذه الحكومة جلستم جنباً إلى جنب مع وزراء حزب الله وكانت ترسانة صواريخه وتدخّله في الشأن السوري قائماً؟! «عيب يا شيخ» ما هذه المزايدة غير المعقولة وفي لحظة مصيريّة يواجه فيها لبنان إرهاب النصرة وداعش وكلّ ما يعشّش من إرهابات في المنطقة؟!
لم أستطع أن أصدّق، كيف طاوعك لسانك أن تتهم الجيش اللبناني والمؤسسات الأمنيّة (المؤسسة العسكريّة) متسائلاً «من يعطي القرار للمؤسسات الأمنية والعسكرية؟ هل الحكومة اللبنانية أم غرفة عمليات الدويلة؟»، ما هذا التشكيك في مؤسساتنا الأمنية والعسكريّة وهي العماد الصلب للبنان الدّولة؟! ألم تسمع بإنجازات هذه المؤسسات في حماية لبنان من نيران المنطقة، والإنجازات التي حققتها في مواجهة الإرهاب ومنعه من تنفيذ مخططاته على الأراضي اللبنانيّة؟ لمصلحة من هذا التشكيك وفي هذا التوقيت مع تصاعد الحديث عن القضاء على بؤرة الإرهاب وأوكاره في جرود عرسال؟!
لم أصدّق أنّك ساويت لبنان وحدوده الشرقيّة بالموصل والرقّة وتزايد على الحكومة لإحراج رئيسها «هل مسموح لقوى التحالف الدولي أن تعمل بالعراق وسوريا لمحاربة الإرهاب وممنوع على لبنان أن يستعين بالأمم المتحدة» هل شاهدت حجم الدّمار في الموصل بفعل قصف التحالف الدّولي؟! وأنت تعلم أنّ هذا التحالف الدولي العظيم كاذب في ادّعائه الحرب على داعش وهو غير معنيّ بإنقاذ الشعب السوري من بشّار الجزّار، منذ متى كان هذا التحالف الدّولي معني بحماية حدود دولة ما؟!
ما هذا المؤتمر الصحافي الإستباقي للتحرّك ضدّ الإرهاب في جرود عرسال، حضرة اللواء ألم يخرج الإرهابيّون الذين اختطفوا وذبحوا جنود الجيش اللبناني من مخيمات اللاجئين في عرسال، ألا يجد الإرهابيّون حصناً حصيناً في هذه المخيمات لتصدير الإرهاب؟ لمصلحة من طرح تساؤل من نوع «ماذا ستفعل السلطة لحماية عرسال وأهلها الشرفاء؟ عليها أن تتحمل مسؤوليتها وأن تكون المؤسسات العسكرية تحت إشرافها المباشر والحصري»، لمصلحة من تصوير الجيش اللبناني بأنّه جيش مرتهن للوصاية الإيرانيّة وغيرها؟!
في هذا التوقيت بالذّات ممنوع التشكيك بالدولة اللبنانيّة، وممنوع التشكيك بالجيش اللبناني الذي شهد له العام بعد حرب مخيم نهر البارد بالقدرة العالية في التعامل مع الإرهاب الذي يأخذ المدنيّين رهائن ودروعاً بشريّة، وهذه الشهادات حازها الجيش اللبناني منذ سنوات عشر، وأثبت لنا مرّة تلو الأخرى أنّه على أهبة الاستعداد لحماية أمننا من البراكين المشتعلة من حولنا؟
التشكيك والتساؤل مميت يا حضرة اللواء، هذا ليس وقت مزايدة، خصوصاً أن تصعيدك لا يعدو كونه مجرّد «كلام في الهواء» لن يقايض اللبنانيّون أمن لبنان واستقراره بمجرّد كلام، بل أكثر من هذا، ليس لدى أي لبناني استعداد لخوض معركة تدمّر لبنان من أجل نزع سلاح حزب الله، في لحظة ما سيتوصّل الجميع إلى تسوية سياسيّة، فكفانا مزايدات وتصعيد ولعب في الوقت الضائع، أكاد لا أصدّق أنّك عقدت مؤتمراً صحافيّاً لطرح تساؤلات تشكّك في المؤسسة العسكريّة وفي هذا الوقت بالذّات خصوصاً وأنّ الجيش اللبناني يتعرّض لإرهاب غير مسبوق للإيقاع بينه وبين الطائفة السُنيّة، لم يفهموا بعد أننا «تربيّنا» وتعلّمنا من درس العام 1973 الكثير!!