IMLebanon

الأسد وإيران في أزمة ثقة مع روسيا

 

في العام الثامن أعلن نظام بشار الأسد انتصاره وباشر المطالبة بالمكافأة، بتجديد الاعتراف بـ«شرعيته»، بإعادة تأهيله، وبتمكينه من استئناف دور سورية كلاعب ومتلاعب بمعادلات المنطقة، لكنه اكتشف أن ذلك «النصر» هو أقصى ما استطاعه ولا مجال لتصريفه أو استثماره، كما توقّع واعتقد. راهن النظام طوال الأعوام الثمانية على الوقت الذي لم يعد في صالحه، وعلى ورقة الإرهاب التي انتهت صلاحيتها، ظلّ مسكوناً بفكرة أن الولايات المتحدة ودول الغرب وإسرائيل لا تريد إسقاطه، ولم يكن مخطئاً، بل فهم أن مجيء حليفيه الإيراني ثم الروسي لإنقاذه ومساعدته على استكمال تدمير حواضر سورية كان بموافقة تلك الدول التي يتهمها بخوض «مؤامرة كونية» ضدّه. أرادوا للنظام أن يبقى لينهي الدور التخريبي الذي بدأه، وهو ظنّ أنهم معجبون بـ «علمانيته» وصموده ويريدونه كما هو، بإجرامه ودمويّته، وبعدما «انتصر» فوجئ بأنهم لا يمانعون بقاءه لكنهم يشترطون أن يتغيّر، أي أن يُقدم على ما رفض أن يفعله في بداية الأزمة، عام 2011، وها هو الآن يعود إلى المربّع الأول، إذ لا قدرة ذاتية لديه كي يتغيّر، ولا يزال هاجسه الأكبر أنه إذا تغيّر لن يبقى، بل سينتهي.

 

 

تلك هي الدوامة المحبطة لرئيس النظام، والدوامة التي دفع الشعب السوري إليها، من دون أي تحسّب لليوم التالي. فحتى قبل مطلع السنة التاسعة للأزمة الكارثية أعاد الأسد اكتشاف أنه يعيش في حال حصار، وأنه لم يشعر سابقاً بمفاعيل العقوبات الدولية طالما أن الأسلحة وأدوات القتل والتدمير تتدفق عليه بلا انقطاع، أما وقد احتاج الآن إلى أموال ومواد ومعدات للإعمار وتشغيل الخدمات وإنهاض الاقتصاد، إذا به يواجه الحقيقة التي كابر في تجاهلها والتقليل منها. ولأن الأسد اعتاد رفض التعلّم من دروس فقد جاءت تظاهرات درعا، مهد الثورة، لتذكيره بأكبر أخطائه. ولئلا يكون هناك لديه أي لبس في فهم ما يجري، فقد تولّى البيان الرباعي (الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا) إيضاح الواقع الحالي: «نؤكّد أننا لن نقدّم أو ندعم أي مساعدة لإعادة الإعمار إلا بعد انطلاق عملية سياسية جوهرية وحقيقية وذات صدقية ولا رجعة فيها». وإذ يخاطب هذا البيان النظام وروسيا وإيران فإن الدول الأربع اتّبعت أخيراً أقصى التشدّد في تطبيق العقوبات، فحتى الدول التي سبق وأبدت استعداداً لمساعدة اللاجئين في مواطنهم تسهيلاً لعودتهم تخلّت عن المرونة بعدما رفضت مرّتين شروط النظام، أولاً بأن توضع المساعدات بتصرّفه لتُوزّع بعناية أجهزته، وثانياً بأن يُدفع بدلٌ شهري عن كل لاجئ يسمح بعودته.

 

لا يقتصر الأمر على هذا التعهّد الذي يمكن تصديقه، ليس فقط لأن هذه الدول لن ترمي بأموالها في مطحنة الثلاثي الروسي – الإيراني – الأسدي، أو لأن الولايات المتحدة شدّدت عقوباتها على الدول والشركات التي تتعامل مع النظام ولو بالتفاف عبر أطراف ثالثة، بل لأن البيان الرباعي صدر «في الذكرى الثامنة لبدء الصراع السوري» وفيه إعادة تعريف بعناصر الأزمة ومراحلها.