«أنا لا يعنيني ما تؤمن به… يعنيني ما الذي يمكن أن تفعله بهذا الإيمان؟ تبني أم تهدّم؟ تظلُم أم تعدُل؟ تسلُب أم تمنَح؟ تُحبّ أم تكره؟ تُحرِّر أم تستعبِد؟»
– من كتاب «شيء من هذا القبيل».
إستفزازٌ إيراني جديد، بالإضافة إلى الإستفزازات العديدة التي بدأتها إيران أخّيراً: من عراقجي، إلى ولايتي، وصولاً إلى علي باقري كني السبت، الذي حذّر من نزع سلاح «الحزب» وأعطى لنفسه ودولته الحق في أن يتحدّث بإسم اللبنانيِّين، في ترويج واضح من طهران لإشعال الفتنة المذهبية في لبنان وغير لبنان في حقيقة الأمر والتصريحات تلك!
نعم، من هالك عراقجي إلى مالك ولايتي إلى قابض باقري كني… تعيش إيران أيامها الأخيرة. متى تتغيّر حياة الإنسان؟ هل تتغيّر عندما يعرف أنّه لا يعرف؟ أم عندما يعرف حدود قدرته؟ أم حين يتألّم وحيداً؟ أم حين يتجاوز نفسه؟ أم عندما يؤمن بحريّته؟ أم حين يلامس معنى لحياته؟ أم عندما يتجاوز إرادته؟ أم عندما يموت؟ أم نحن نتغيّر وفق مقتضيات الضرورة وليس استجابةً لحريتنا؟ أم نتغيّر حين نُدرك بأنّ هذا العالم غير قابل للإصلاح؟ أم حين يتقيّأ الإنسان قلبه وعقله؟ أم حين نفهم أنفسنا كما ذكر كارل يونغ ونرى الجانب المظلم منها وبذور الشر… كما هي حالنا اليوم في بلد مخطوف من وطاويط وغربان الظل والظلام؟
إيران العالقة في عنق زجاجة خط «زنغزور»، الوجودي بالنسبة لها، إثر اتفاق السلام الموقّع برعاية أميركية بين أرمينيا وأذربيجان، الذي أهم ما ورد فيه موضوع الخط البري (خط ترامب)، إذ تحاول إيقاظ ما تبقّى من أذرعها الحيّة وأظافرها السوداء وأجنحتها غير المقصوصة، للدفاع والحرب بالنيابة عنها، حتى لو أدّى ذلك إلى حرق بلاد تلك الأذرع والأظافر والأجنحة المتكسرة أساساً من العراق واليمن وسوريا ولبنان وقطاع غزة، كما هو الحال الآن…
خط «زنغزور» أو «ترامب» هو خط استراتيجي بالغ الأهمية، يربط أذربيجان بإقليم نخجوان ذي الإدارة الذاتية التابع لأذربيجان، ومن ثم يُربط بتركيا. لهذا الخط أهمية كبيرة بالنسبة إلى تركيا ويُعتبَر هدفاً تاريخياً لها لأنّه يربط تركيا بعمق وسط آسيا، ذي الأعراق التركية. هذا الخط الذي يُشكّل ضربة قوية لإيران ومصالحها وكذلك لروسيا، سيكون بحماية ورعاية الولايات المتحدة، وهنا نصل إلى أهم ما في الموضوع. التوقيع على هذا الإتفاق هو مؤشر إلى أنّ الولايات المتحدة بدأت عملية وضع الممرّات البرية تحت وصايتها ورعايتها وحمايتها، وموضوع الممرّات لا يتوقف هنا وللحكاية بقية!
في جامعة عالمية كبرى أخيراً، صمّم علماء برنامج ذكاء اصطناعي، وطلبوا منه أن (يتعلّم من الواقع)، لا من القوانين الجاهزة. كان هدفهم: فهم مادة غريبة تُسمّى «البلازما الغبارية». وعندما وصل في بحوثه الواقعية في رحلته الذكية إلى إيران، عادى الذكاء الاصطناعي المرشد والمرشدين… وأعلن حربه الذكية على الجهل المُعلّب، تعطيل العقول، زرع الفتن، واستخدام الأديان السماوية وغير السماوية لإشعال الحروب الدينية، الطائفية، المذهبية، الإتنية، والوثنية… واستحضار الأموات ليحمكوا الأحياء والأموات وتقديس الأصنام والخرافات والخزعبلات… وزرع الموت في خريطة يسرقونها من هنا أو من هناك مثل بلازما غبار الغازات الساخنة الحارقة في دخان الحرائق على الأرض والزرع والجو والبحر والقبر وأينما وطئت أقدامهم، وأسلحتهم…
العلماء صوّروا حركة تلك الجزيئات والغبار «الأسود شديد السواد» باستخدام كاميرا خاصة، ثم أدخلوا هذه البيانات في برنامج الذكاء الاصطناعي والنتيجة كانت مذهلة… الذكاء الاصطناعي: اكتشف قوانين جديدة تتحكّم في حركة الجزيئات والغبار. صحّح أخطاء قديمة كانت معتمدة في كتب – التاريخ والجغرافيا والعلوم الاجتماعية والكيمياء – والفيزياء. وفسّر ظواهر لم يتمكن العلماء من تفسيرها من قبل. هذا الإنجاز قد يساعدنا في فهم أمور كثيرة في الطبيعة، مثل طريقة حركة الخلايا في الجسم – وحركة الخلايا النائمة في المجتمعات – أو تطوير مواد جديدة في الصناعة.
الذكاء الاصطناعي لم يَعُد أداة فقط… بل أصبح شريكاً حقيقياً في اكتشاف أسرار الكون، واكتشاف «الأنظمة والأحزاب والعصائب والعصابات الغبية… والمتذاكين، مثل هالك عراقجي وزير خارجية إيران، ومالك ولايتي مستشار مرشد إيران الأعلى فاقد الصلاحية، وقابض الأرواح والأحلام في الولاية الإيرانية التي تعيش أيامها الأخيرة علي باقري كني، عضو مجلس السياسات الاستراتيجية في وزارة الخارجية الإيرانية… الولاية الخارجة عن الوعي بعد حرب لم تتجاوز 12 يوماً فقط».
هذا من دون أن ننسى انفجار الذخائر الذي تعرّضت له نخبة من أفراد الجيش اللبناني البارحة… بل، يجب إجراء تحقيق لا يتوقف تحت أي ضغط أو خوف أو مراوغة مهما كانت، حتى نصل إلى حقيقة أو لغز هذا الانفجار الذي يمكن أن يأخذ البلد كله إلى ما لا تُحمد عقباه، وخصوصاً بعد تضارب الآراء من هنا وهناك، كما هي عادتنا في البلد الذي يُريد تحويله البعض إلى مجرّد ساحة لتصفية حساباتهم وملفاتهم وأجنداتهم الصغيرة والكبيرة التي ما زلنا نعيشها ونموتها منذ أن ولدنا إلى أيامنا هذه… أيامنا هذه التي ضحك علينا المشيب على رؤوسنا حتى بكينا…
هذا الانفجار إذا صحّت فيه المعلومات والأقاويل والتحليلات المتسابقة والمتسارعة، نحن أمام محاولة اغتيال وطن بأكمله… اغتيال يوازي كل الاغتيالات السياسية والأمنية والإجتماعية التي اختبرها الشعب اللبناني مراراً وتكراراً… الانفجار الذي يوازي كل الانفجارات التي انفجرت تحت أقدام هذا البلد وعلى أرض هذا البلد وفي سماء البلد وبحره وصدور شعبه الذي تتطاير شظايا في أم الانفجارات، مرفأ بيروتشيما، الذي ما زال منذ 5 سنوات ينتظر قرار المحكمة الظني، وأخذ حق البلد وعاصمته بيروت وقصاص المجرمين من دون رأفة أو استثناء يُذكر مهما كان… أو على لبنان السلام!