IMLebanon

التأليف بين الواقع والعرف والدستور

 

 

التوصل  إلى  تشكيل الحكومة بات عندنا، «إنجازاً كبيراً» فيما هو أمرٌ طبيعي بكل ما للكلمة من معنى. والعكس صحيح: فاللاطبيعي هو عدم التشكيل، وهو البقاء  أشهراً طويلة من دون حكومة. وهذا أضعف الإيمان.

 

نكتب هذا الكلام مساء مع توجه الرئيسين بري والحريري الى القصر تمهيداً لإصدار المراسيم الحكومية.

 

إلاّ  أن إحدى أولويات المرحلة المقبلة، في تقديرنا، هي معالجة مسألة التأليف. فبعد إصدار مراسيم  الحكومة الثانية (…الأولى حسب قول الرئيس عون) في هذا العهد نرى أن ينكب الأقوام على معالجة مسألة «صعوبة» التأليف. وكلمة صعوبة هي الأدنى بين كلمات أخرى منها «استحالة» التشكيل وتعذّره!

 

الحكومتان السابقتان (المستقيلة التي تصرّف الأعمال  و«السلامية» التي قبلها) استغرق تشكيل كل منهما ردحاً من الزمن. بل إن حكومة الرئيس تمام سلام ضربت رقماً قياسياً في تأخرّ إصدار مراسيمها. ومن أسفٍ أنّ هذا الواقع السلبي، غير المنطقي، غير المقبول… بات «تقليداً». وهذا ما يدعو الى القلق من أن يصبح بدوره عرفاً جديداً من الأعراف التي لا تركب على قوس قزح، مما عهدناه في مرحلة ما بعد اتفاق الطائف،  من ثلاثية رأس الحكم (الترويكا) الى المشاركة الفعلية لرؤساء الكتل والأحزاب في عملية تشكيل الحكومة، الى الجرجرة التي هي نتيجة فرض الشروط والشروط المقابلة، ما يعوق قيام حكومة في وضعٍ سوي.

 

كيف تكون معالجة هذا الموضوع؟

قد لا نملك جواباً، وليس من شأننا هذا الأمر إلاّ من باب التنديد. أما من حيث المبدأ والأصول فإنّ هذا الأمر من صلاحية مجلس النواب في أن يحدّد بموجب قوانين، آلية عملية التأليف. ولكن هذه النقطة تثير خلافاً وطنياً «ميثاقياً»، خصوصاً وأن تعبير «ميثاقي» بات على كل شفة ولسان، وإن كان استخدامه يصب في أهداف يتوخاها كل طرف وفق مصالحه والتزامه و … مذهبه، بتحديد مهلة التأليف (وهو المعمول به في معظم بلدان العالم) يقتضي نصاً دستورياً. والنص الدستوري يقتضي إجماعاً وطنياً قبل الإجماع النيابي.. ولكن مثل هذين الإجماعين غير متوافرين.

 

مع هذا الواقع يبدو متعذراً المسّ بــ«قدس الأقداس» (أي الدستور) كما يرى كثيرون، مخافة أن يفلت المِلَقّ وتُفتح أبواب جهنم على مطالب متعددة الأهداف والمرامي والغايات.

 

اذاً، هل كتب على اللبنانيين أن يعيشوا فراغاً جدّياً  في السلطة التنفيذية كلما استقالت الحكومة؟!

 

وهل أن تقاسم رقعة النفوذ بين مختلف الأطياف والأطراف والأفرقاء من شأنه أن ينهي سلفاً أي محاولة جدّية لتشكيل الحكومة؟

 

وفي تقديرنا أن الحلّ في الدستور ذاته. صحيح أن الدستور لم يلزم الرئيس المكلف بمهلة زمنية لتأليف الحكومة، إلاّ أنه ألزم الجميع بحتمية أن طرفين وحسب هما معنيان بالتأليف: رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف. ولكن على من تقرأ موادك وبنودك يا دستور؟