IMLebanon

بعبدا لا تستعجل المصالحة مع بنشعي… وفرنجية «ليس محروقاً» لطيّ الخلاف

 

لا يبدو ان المشهد تغير كثيراً بين بعبدا وبنشعي، فالوضع السياسي او ألأزمة على حالها بين الطرفين منذ التسوية الرئاسية وان طرأت تعديلات او مرونة في بعض المواقف، يكفي التنصت الى ما يتسلل من محاضر مجلس الوزراء من مواقف وزير الأشغال يوسف فنيانوس لتبيان الخيط الابيض من الأسود في العلاقة، فوزير المردة هو الأكثر اعتراضاً ويسبق وزراء القوات في «التنمير» ومهاجمة واحراج وزراء التيار الوطني الحر في جلسات الحكومة، وعندما يغضب فنيانوس وتصل ألأمور الى ذروتها يرفع الصوت شاكياً الى الحليف في الضاحية حتى لو وصلت الامور الى حد معايرة الحليف بانه طرف الى جانب التيار الوطني الحر يعبر وبانه يساير ويراعي كثيراً التيار الوطني الحر، فمواقف الوزير المردي وقيادات المردة تظهر ان المشهد لا يزال على حاله ولم يطرأ عليه الكثير من التطورات الايجابية التي تؤسس لمصالحة وشيكة تعيد الحليفين في التيار الوطني الحر والمردة الى حالتهما التي سبقت الانتخابات الرئاسية، او تؤسس لتحالف انتخابي.

قبل فترة تصافح في بعبدا ميشال عون مع سليمان فرنجية في المكان نفسه الذي كان السبب لافتراقهما ولخلافهما السياسي الكبير بعد سنوات من التحالف السياسي والاستراتيجي العميق، الا ان تلك المصافحة اختفت مفاعيلها بسرعة، وبقيت في اطار البروتوكول الذي فرضته طاولة الحوار في بعبدا وفي اطار «كسر للجليد» ليس اكثر، فأي لقاء ثنائي في اي غرفة من غرف القصر لم يحصل منذ فترة واية مبادرة نوعية او ذات صلة بالمصالحة لم تصدر، بل ان الأمور بدت متروكة على حالها ولتحليلات المنجمين في فنجان العلاقة.

بدون شك فان فتح صفحة جديدة قد لا يحتاج الى جهود كثيرة، فلا شيء في الموضوع الشخصي مع رئيس الجمهورية كما يردد سليمان فرنجية دائما، لكن المصالحة وعودة الامور الى مسارها السابق تحتاج الى شبه معجزة تقريباً، فما بين الرئيس والبيك يقف تفاهم معراب حاجزاً اساسياً وعقبة،والتيار الوطني الحر والقوات وان اختلفا في الكثير من الملفات فان ما بين القوات والتيار مصالحة لم يحصل مثلها منذ التسوية الرئاسية مع بنشعي، فاقصاء المردة مسيحياً خارج تفاهم معراب وحجم التناغم العوني والقواتي الذي حصل في اعقاب التفاهم لا يمكن هضمه بسهولة من قبل الحليف السابق في بنشعي.

يعتبر كثيرون ان فرنجية رفع السقف في مخاصمة بعبدا وشطح كيراً وقطع اشواطا بعيدة في التمادي في مقاطعة الرئيس خصوصاً ان ابواب بعبدا لم تقفل في وجهه، لكن فرنجية كان يطالب دائماً بالدعوة الشخصية له، وهو لا يزال على موقفه واعتقاده بنظرية المؤامرة الدائمة عليه لاخراجه من المعادلة، ومن هنا فان بقاء الوضع على حاله يعني ان الانتخابات المقبلة اذا حصلت وفق القانون الجديد ستكون محطة مفصلية لتحديد الاحجام والاوزان والاقوى مسيحياُ، وعليه حتى الساعة فان الفريق العوني يعمل للانتخابات وفق تحالفاته الجديدة وهو يستفيد من قوة التيار الشعبي ومن الانتصار السياسي الذي حققه بوصول عون الى الرئاسة وحضوره الوزاري وفي مجلس النواب وفي التعيينات التي جرت بالتفاهم مع تيار المستقبل ، فيما الفريق المردي يحضر للانتخابات بوتيرة مضاعفة لانه افتراضياً حتى الآن يواجه حليفه السابق والقوات اللبنانية على الساحة المسيحية ما لم يحصل تعديلات في التحالفات.

يمكن القول ان كل من المردة والتيار الوطني الحر في سباق خدماتي وانمائي وسياسي، في بعبدا المنافسة السياسية والخدماتية قائمة بين العونيين والمردة منذ فترة الأمر ذاته يصح في الشمال الدائرة التي يتـرشح فيها جبران باسيل وطوني سليمان فرنجية ، يعول العونيون على وجود رئيسهم في قصر بعبدا كعامل قوي يعطيهم دعماً ودفعاً واضحاً ويستمتع الوزراء العونيون بنعمة الخدمات التي حرموا من ذكر اسمها وكانت حكراً وامتيازاً لغيرهم، في حين ان وجود المردة في وزارة الأشغال فتح لها باباً خدماتياً في مناطقها فوزير الاشـغال «فلش الزفت» من اقصى الشمال الى جبل لبنان والبقاع.

يعمل سليمان فرنجية منذ مدة على خلق معالم تحالف سياسي جديد يضم في مناطق معينة اخصاما سابقين لمواجهة تسونامي القوات والتيار الافتراضي، خصوصاً وان التيار الوطني الحر سعى الى استفزاز المردة بلقاءات وتحركات في عرين المردة، ساهمت في خلق جو معاكس بشد العصب المسيحي في الشمال امام محاولات استهداف فرنجية. فرئيس تيار المردة الذي جرى استضعافه في التسوية الرئاسية ثم لملم أوراقه وعاد الى حكومة سعد الحريري «ممنوع شطبه» من المعادلة الانتخابية في عرينه الزغرتاوي و يتكل فرنجية على ثبات هذه المعادلة في حسابات حزب الله وقيادات 8 آذار مهما كان شكل التحالفات او القانون الانتخابي.

من المؤكد ان الحليفين السابقين في التيار الوطني الحر والمردة ذاهبان حتى الساعة للمعركة في الانتخابات المقبلة وهما يقفان على مسافة متباعدة في الملف الانتخابي، وثمة الكثير من الملفات الخلافية بينهـما وحيث لم تفلح معها جهود حارة حريك سابقاً لتقريب المسافات وانهاء القطيعة بعد ان خرجت الامور عن سياق السيطرة الفعلية لقيادة الضاحية بعدما تفاقم الخلاف وزاد التعنت السياسي وصار الحليفان عدوين حقيقيين يتجهان الى ترجمة احقادهما السياسية في الصناديق الانتخابية.، فالتيار الوطني الحر حيث هو اليوم في السلطة يبدو غير مستعجل لمصالحة شاملة وكاملة والعودة الى حال الأمس، هو الذي يزهد اليوم بالسلطة و يتبجح بتفاهماته السياسية التي اوصلته الى قمة السلطة حيث هو ، فلا شيء يخسره كثيراً بالاستمرار بمخاصمة فرنجية ولا شيء يربحه بمصالحة سطحية، فالحال ان رئيس التيار الوطني الحر  انتقل الى القصر واحتل وزارات وأنجز تحالفاً سياسياً وانتخابياً مع معراب لم يكن يحلم بها، في حين ان فرنجية لا يبدو «محروقاً « على مصالحة قد لا تكسبه كثيراً خصوصاً ان رئيس تيار المردة عانى «الأمرين» على طاولة الاصلاح والتغيير وقبل ان يتمكن العونيون من الحكم فكيف ستكون الاحوال اليوم خصوصاً وان فرنجية مرشح دائم للرئاسة المقبلة، عدا ذلك فان فرنجية يرتاح الى تحالفاته التي انجزها وتموضعه السياسي الى جانب رئيس المجلس والزعيم الاشتراكي الذي شكل مظلة حامية له عندما قررت بعبدا ان تستمر بمعاداته ووضع الفيتوات الوزارة عليه.

في حين ان علاقة بنشعي وبيت الوسط رغم الانتخابات الرئاسية وظروفها لا تزال تحافظ على مستويات جيدة. فالنائب فرنجية من المؤكد في حال استمرار القطيعة مع العونيين وفي ظل عدم توقع حصول اي اختراق في العلاقة سيكون في مواجهة مؤكدة معهم وسيكون له تحالفاته الخاصة ربما مع المستقبل وربما تحالفات غريبة عجيبة للنفاذ من التسونامي لانه يواجه قرار القضاء عليه انتخابياً بعد محاولة ضربه سياسياً في المعركة الرئاسية.