IMLebanon

الفرح اللبناني العظيم 

اليأس ممنوع، هذا الدرس يعلّمنا إياه لبنان كلّ يوم ألف مرّة ومرّة.. وجه لبنان الحقيقي الذي يبعث على التفاؤل والأمل والإصرار، شكراً، لصانعي الفرح اللبناني العظيم بالرّغم من الأزمات التي تحاصرنا، شكراً للذين يبذلون جهوداً جبّارة ويقدّمون للعالم صورة لبنان الحقيقيّة، وصورة شعبه بعزمه وإصراره وتمسّكه بالحياة والفرح والنّور، هذا الشعب يكره الظلم والظلمات، شعب يعرف كيف يضيء لياليه بالفرح والأنوار في عزّ العتمة، هو وطن ينفخ الروح في بنيه فيصرّون على البقاء والاستمرار وأن تضجّ فيهم وفي ربوعهم كلّ معالم الحياة وهي أهم روافد المقاومة في العقليّة اللبنانيّة.

البعض يقول لنا، هذه البلاد لا مستقبل لها ولا بها نكاد نقول ذلك، ما دام المستقبل هو للمقاومة ومحور المقاومة، وهذه المنطقة لا أمل لها ولا أمل بها، قد يكون هذا الكلام صحيح، وينطبق على المنطقة ولكنّه لا ينطبق على لبنان، روح المنطقة في لبنان، وسرّ لبنان في شعبه، وهو شعب قادر على اجتراح المعجزات بإصراره على الاستمرار في الحياة شعب يتعب وهذا أمر طبيعي ولكنّه لا يستقيل من الحياة… لا يستسلم اللبنانيّون للانهيار بسهولة، لا يستسلمون إلى حدّ انتقادنا لهم ووصفنا لهم بالشعب المخدّر، ولكن للحقيقة هذا الشعب ومهما «طبّلت» فوق رأسه فإنّه «يُزمّر» لها.. هو صورة حيّة عن حيويّة الحياة، كانت الصواريخ تتساقط فوق رؤوسنا تدمّر المباني والشوارع ونحن قابعون في الملاجىء نتجمع ونغنّي «راجع يتعمّر لبنان»، هذا مشهد حقيقي حيّ شهدته في ملجأ المبنى الذي نقطنه.

حفل معبد باخوس و»صوت الصمود» علّى أكثر من صوت الموسيقى وأكثر من طاقات النور المذهلة برغم العتم الشديد الذي يحاصر اللبنانيين ما شاهده اللبنانيّون أعاد بثّ الروح في شرايين الجسد اللبناني الميّت، لم ولن يستسلم اللبنانيّون يوماً للإحساس بالعجز والانهيار والاختناق بالأزمات، لطالما اخترعوا حلولاً لأزماتهم وتعايشوا معها، وتخطوها، هذه المرّة أيضاً لا بدّ لهم من اجتراح هذه الحلول مهما كان الواقع مؤلماً وأسود!

صحيح أنّ الأزمة اللبنانيّة لا تزال تتعمّق وتزداد حلكة وهي عصيّة على إيجاد مخارج لها، وصحيح أنّ الوقت المتبقي والمتاح من الزمن الدولي للعبث اللبناني المستمرّ بات أقل من القليل، فـ»ما حدا فاضيلنا»، بدون شكّ طالما نحن تحت سيطرة حزب الله فالبلد سيبقى ركيكاً، ولا أحد يعرف ما هي خطوات إنقاذ الإقتصادي، كلّ هذه عناوين فضفاضة، مجرّد عناوين، ولا تملك هذه الدولة دراسة واحدة واضحة وجديّة عن واقع الأزمة الاقتصادية الكبرى ولا عن كيفيّة الخروج منها، البلد حتى في مشاريعه أو قضاياه الكبرى، بلد «إرتجالي» وبكلّ ما للكلمة من معنى، كلّ ما فيه إرتجالي، لم نسمع يوماً عن خطط وضعت للنهوض بقطاع من هنا أو بنية تحتيّة من هناك، وأسوأ ما في هذا الارتجال أنّه وإلى جانب كونه عبثيّ هزليّ أنّه يجد وفي عزّ الأزمات اللبنانيّة الخانقة يجد بعض الفرقاء فيه وقتاً لوصلات الرّدح السياسي وكيل التهم لبعضهم البعض!!

ومع هذا، وبالرّغم من كلّ العقد والتعقيد والأزمات والمأزومين والمؤزّمين، لا يوجد بلدٌ في العالم فيه هذا الكمّ من التعطيل السياسي يستمرّ شعبه في العيش برغم أنف الجميع مظهر الحياة والبهجة هذا ميزة لبنانيّة فريدة من الصعب أن تجدها في مكان آخر!