IMLebanon

بان كي-مون “البطة العرجاء” قبيل نهاية ولايته أتاح للحكومة صياغة موقف جامع من تقريره

قبل ايام استعاد احد السياسيين موقفا للرئيس حافظ الاسد في اولى خطبه بعد انفجار الحرب في لبنان في العام 1975 يقول فيه حرفيا في موضوع اللاجئين او النازحين اللبنانيين الذين هربوا من الحرب: “نرى امامنا اليوم كمحصلة للتاريخ المشترك والجغرافيا بين لبنان وسوريا الاتي: كان في لبنان قبل الحوادث نصف مليون سوري يمارسون مختلف الاعمال التاجر والطبيب والمحامي وغير ذلك، هؤلاء بنتيجة الاحداث عادوا الى سوريا والان على الاقل يوجد في سوريا حوالي نصف مليون لاجىء لبناني من شعبنا في لبنان جاؤوا الى سوريا. ودخل الى سوريا حوالي 150 الف فلسطيني من الاخوة الفلسطينيين المقيمين في لبنان. نتيجة الاحداث دخل الى سوريا مليون نسمة (وهو عد عودة مواطنيه السوريين الى بلادهم من بينهم). مليون نسمة اعتقد اننا نستطيع ان نتصور حجم المشكلة التي يسببها دخول مليون انسان الى بلد عدد سكانه اقل من تسعة ملايين”. ثم ذكر الاسد ان الهند لم تتحمل ضغط عشرة ملايين مهاجر من الحرب الهندية الباكستانية وهي بلد 500 مليون قائلا ان الهند لم تستطع ان تتحمل نسبة واحد الى 50 او الى 60 من عدد سكانها وفي ” حالتنا، كما قال، النسبة هي واحد الى تسعة من عدد السكان وحتى لو كانت واحد الى 18 او واحد الى عشرين او واحد الى ثلاثين تبقى المشكة مشكلة وهي مشكلة كبيرة “.

وبالامس فقط اعلن انطونيو غوتيريس المسؤول السابق عن المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للامم المتحدة في لقاء صحافي في لشبونة “ان ما فعله المجتمع الدولي حتى الان مع الاردن ولبنان غير كاف اطلاقا ” مضيفا ” ان هناك لاجئين سوريين اثنين مقابل كل ثلاثة لبنانيين في لبنان”. وهذا الواقع يعكس حجم المشكلة التى يواجهها لبنان والتي ساهم الصراخ العالي النبرة المستمر في السنوات الاخيرة في موضوع اثارة الهواجس من التوطين في تنبيه كل الخارج الى مدى حساسيتها وضرورة مقاربتها على نحو لا يوحي باي دفع في هذا الاتجاه في كل مواقف او تصريحات المسؤولين الغربيين لا بل اطلاقهم مواقف مطمئنة في هذا الاطار. وذكرت مصادر ديبلوماسية لـ”النهار” انه قبيل زيارة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند اخيرا للبنان تمت الاشارة الى حساسية مقاربة موضوع اللاجئين ومدى اهمية كل كلمة او اشارة على هذا الصعيد كما جرت الحال بالنسبة الى زيارة بان كي – مون بالذات. في هذه النقطة بالذات، طاولت انتقادات سياسية اسلوب مقاربة موقف غير جديد للامين العام للامم المتحدة بان كي – مون كونه اعلن موقفه في نيسان المنصرم في ما يتعلق بموضوع اللاجئين خصوصا ان المقاربة الديبلوماسية المبدئية لاي مسألة تحتم اعتماد آلية تقضي بالاستيضاح اولا حول صحة او دقة الموقف فضلا عن ظروفه ومضمونه وابعاده قبل الانتقال الى الخطوات الاخرى التي قد تتضمن مواقف حاسمة رافضة او سواها تتخذها حكومة البلد المعني. الا ان هذه الانتقادات لم تخرج الى العلن انطلاقا من ان موضوع اللاجئين السوريين حساس جدا ولا يرغب ان يظهر احد منتقدا الموقف اللبناني كأنما هناك من يبحث في توطين هؤلاء او ابقائهم. لا بل ان الالتباس الذي اثاره موقف الامين العام للمنظمة الدولية كان فرصة جديدة للحكومة اللبنانية لتأكيد جملة امور من بينها تسجيل موقف موحد جامع من هذا الموضوع على ندرة المواقف التي يجمع عليها مجلس الوزراء، وثانيا من اجل دق ناقوس الخطر للمجتمع الدولي مجددا لجهة الاعباء التي يواجهها لبنان وتثقل عليه في هذا الموضوع من دون ان ينفي ذلك بالنسبة الى بعض السياسيين توظيف وزير الخارجية جبران باسيل نقطة الضعف التي تمثلت في موقف للامين العام للامم المتحدة في خانة الشعارات التي يرفعها كرئيس لحزب مسيحي يرفع شعارات محددة في هذا الاطار ونجاحه في استغلالها لمصلحته. فمن جهة وجهت انتقادات كثيرة له لعدم مشاركته كوزير للخارجية يمثل الدولة اللبنانية في استقبال بان كي – مون لدى زيارته الاخيرة للبنان وعزا تخلفه يومها عن استقبال بان لموقفه من موضوع توطين السوريين، الامر الذي وجد له بعدا جديا في الورقة المعلنة لامين العام للمنظمة الدولية ولو ان لبنان ليس مدرجا في صياغة موقفه حول دعوة الدول الى استيعاب اللاجئين وصولا الى تجنيسهم. يضاف الى ذلك ما يعتقده كثر سهولة استهداف بان كي – مون الذي يغادر موقعه بعد اشهر قليلة اذ تضع الدول الاعضاء في مجلس الامن تصويتها السري من اجل اختيار الامين العام الجديد في تموز المقبل على ان يحصل التصويت في ايلول المقبل ما يجعل من بان بطة عرجاء يسهل انتقادها، ومن هنا حتمية عدم اجراء بعض الافرقاء المنتقدين له حسابات دقيقة تتعلق بطبيعة العلاقات المستقبلية معه ما دام لن يبقى امينا عاما للمنظمة الدولية بعد اشهر قليلة. وهذا يجعل من موضوع توطين السوريين بابا يستفاد منه ايضا في اللعبة السياسية الداخلية خصوصا ان المخاوف من التوطين باتت هاجسا يقض الرأي العام اللبناني او جزءا كبيرا منه على الاقل.

ومع ان التوطين في حال وروده، وهو ليس واردا بالنسبة الىسياسيين كثر انطلاقا من بديهية ان سوريا غير فلسطين المحتلة ولا بد ان يعود السوريون الى بلادهم، فان مواجهته في موقف اجماعي لبناني يضع حلولا مبتكرة وسبلا للتصدي لذلك.