IMLebanon

بعد التهليل لقرارات الحكومة العبرة في التزام إسرائيل

 

 

أم العريس موافقة وكل الأهل يصفقون ولكن هل تقبل العروس؟ سؤال يطرحه أكثر من مراقب لا سيما بعد تبنّي الحكومة لورقة برّاك وإعطاء الجيش مهلة حتى أواخر شهر آب الحالي لوضع خطة حصرية السلاح لكي يتولى تنفيذها قبل نهاية العام 2025. فهلّل الجميع لهذه الخطوات ومن المعلوم أنه حتى حزب الله لم يكن معارضاً بالمطلق لحصرية السلاح إنما الخلاف كان وما يزال حول الأجندة لتنفيذ ذلك، بحيث أن المقاومة اشترطت أن يتم ذلك من ضمن الاستراتيجية الدفاعية بحيث يكون للسلاح دور في حماية البلد واللبنانيين على أن يتولى الجيش الإمرة والقرار العسكري وحده. كذلك كان من ضمن الشروط الداخلية هو أن يتم الانسحاب الإسرائيلي من النقاط المحتلة وتثبيت وقف إطلاق النار قبل الشروع في بحث الأمور المتعلقة بالسلاح. أما وقد حصل ما حصل من تبنّي الحكومة لورقة برّاك وما تبعها، ونال هذا القرار ثناء كل الدول من أميركا وفرنسا إلى الدول العربية وأمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيرس، فالجميع بانتظار النتائج. وكانت معبّرة زيارة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي إلى الشريط الحدودي التي جاءت بُعيد اتخاذ القرار والتي أعلن خلالها عن إيمانه بالسلام ورفضه للحرب التي لم ينتج عنها سوى الموت والدمار والويلات، وقد تكلم غبطته بلسان كل اللبنانيين، فأي لبناني لا يريد العيش بسلام وأي لبناني يفضّل الحرب؟ وإن اعتبر البعض أن السلام وحب الحياة هو حصر على فئة دون الأخرى من اللبنانيين، وبالرغم من أن هذا البعض قد اتخذ من هذه المقولة شعاراً سياسياً له، فإن لا أحد من اللبنانيين لا يؤمن بذلك وأن التزامه بالمقاومة لم يكن فعلاً حربياً عسكرياً بل كان من باب الدفاع، لا أكثر ولا أقل.

 

زيارة البطريرك ورسالة إسرائيل

 

لقد ترافقت زيارة البطريرك، يوم الأحد الماضي، لا سيما خلال ترأسه القداس الاحتفالي في بلدة رميش، حيث قام العدو بإطلاق مسيّراته وطيرانه في أجواء المناطق الجنوبية ومن ضمنها قرى وبلدات الشريط الحدودي، فالعدو لا يعطي غبطته المناعة التي يعطيها عادة إبان زيارة الموفدين الدوليين بحيث تغيب مسيّراته والطائرات عن أجواء الجنوب، وبالتالي فإن العدو لا يتوانى عن معاملة كل اللبنانيين، رجال دين ومسؤولين بنفس الازدراء والعدوانية وهو لا يميّز باعتداءاته وخروقاته بين رجل دين وآخر، وما قام به يوم الأحد الماضي يدخل ضمن إطار فرض أمر واقع وحالة من التخويف المعبّر عنها بالفرنسية «intimidation». من هنا يجب أن نأخذ العِبَر من كل ذلك وأن الإسرائيلي ليس على استعداد لإعطاء جوائز ترضية للبنان وللبنانيين.

 

تناغم أم تعارض بين موقفي الولايات المتحدة وإسرائيل؟

 

ومن الأمور التي يجب التوقف عندها هو تصريحات رئيس وزراء العدو الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من أن إسرائيل ماضية في تغيير خارطة المنطقة لا سيما في مخططها لخلق شرق أوسط جديد، وذلك بالرغم من الموقف الرسمي اللبناني والقاضي بالموافقة على ورقة برّاك وحصرية السلاح، ويخطىء من يظن أن الخطط الإسرائيلية ممكن أن تتغيّر نتيجة تغيّر مواقف الأطراف أو الدول المقابلة للدولة العبرية، فإسرائيل لن تتغيّر من تلقاء نفسها أياً تكن المواقف المتخذة من قبل الحكومة اللبنانية. إن الشيء الوحيد الذي بإمكانه تغيير الموقف الإسرائيلي هو وسائل الضغط وهي كثيرة والتي يمكن للولايات المتحدة أن تستعملها مع الكيان الإسرائيلي، هذا إن أرادت أميركا ممارسة الضغوط وليس مجاراة نتنياهو في طموحاته ومخططاته التلمودية. وفي نظرة سريعة نرى أن الولايات المتحدة قد رحّبت وأثنت على موقف الحكومة اللبنانية، ولكن ذلك ما لبث أن ترافق مع تصريحات لمسؤولين في الإدارة من أن أسباب التوتر في الجنوب اللبناني هو إطلاق حزب الله لمسيّراته باتجاه مستوطنات الشمال، في الوقت الذي يعلم الجميع أنه ومنذ دخول القرار 1701 موضع التنفيذ لم يقم الحزب بأي اعتداء من هذا النوع، بل وبالرجوع إلى يوميات قوات الأمم المتحدة فإن العدو الإسرائيلي قام بأكثر من 3500 خرق لاتفاق وقف إطلاق النار. وهكذا نرى أنه وأياً تكن التزامات الحكومة اللبنانية فإن العبرة هي في التزام إسرائيل بما أعلنته الولايات المتحدة في ورقة برّاك، من انسحاب، إلى احترام وقف إطلاق النار وغيرها.

 

* كاتب سياسي