IMLebanon

باسيل كرّر في الموازنة ما فعله عند تشكيل الحكومة والحريري ضحّى…

 

تسبّبت الإطالة المُبالغ فيها في جلسات مجلس الوزراء المُخصّصة لمُناقشة مشروع مُوازنة العام 2019، في أخذ وردّ بين الوزراء المَعنيّين، وبجدل سياسي على أكثر من محور لم ينته فُصولاً بعد. وبحسب أوساط سياسيّة مُطلعة، إنّ رئيس الحكومة سعد الحريري الذي كان المُحرج الأكبر من التأخير، سعى جاهدًا في الساعات الماضية، لتدخّل رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون شخصيًا لطيّ صفحة مُناقشة مشروع المُوازنة على مُستوى السُلطة التنفيذيّة، وبخاصة أنّ الجلسة الأخيرة للمُوازنة ستُعقد في القصر الجُمهوري. وعلى خطّ مُواز، بذل «حزب الله» جُهودا بعيدة عن الإعلام لتقريب وجهات النظر بين كل من وزير الخارجية والمُغتربين جبران باسيل من جهة، ووزير المال علي حسن خليل من جهة أخرى، ولوضع الخلاف الذي برز في الأيّام الماضية ضُمن أطره الضيّقة والمَحدودة.

 

مصدر نيابيّ مُؤيدّ للتيّار الوطني الحُرّ استغرب ما أسماه الحملة المُفتعلة على ما يُحكى من تأخير في بت مشروع المُوازنة على طاولة مجلس الوزراء، مُعتبرًا أنّ زيادة النقاش على طاولة الحُكومة لبضعة أيّام إضافيّة، بهدف تخفيض العجز المالي أكثر فأكثر ليس تُهمة، والعمل على تحويل مشروع المُوازنة من مُجرّد مُحاولة لإدارة الأزمة، إلى مشروع اقتصادي كامل ومتكامل للنهوض وللإصلاح ليس تهمة. ورأى أنّ خلفيّات الحملة على رئيس «التيّار» الوزير جبران باسيل هي سياسيّة، لأنّ البُنود التي رفعها إصلاحيّة مئة في المئة ولا يُمكن انتقادها، والحديث عن أنّ جزءًا منها ليس بجديد، لا يعفي المعنيّين من ضرورة مُناقشتها مُجدّدًا وبشكل جدّي هذه المرّة.

 

وردًّا على ما يُقال بأنّه لماذا سمح وزير الخارجيّة لنفسه بالتدخّل في صلاحيّات وزير المال بشكل مُبالغ فيه، وهو الذي عاب في الماضي القريب على وزراء حزب «القوّات اللبنانيّة» التدخّل في شؤون وزارة الطاقة، مُطالبًا كل وزير بالاهتمام بشؤون وزارته، رأى المصدر النيابي المُؤيّد للتيّار الوطني الحُرّ ٍأنّ هذه المُقاربة غير دقيقة، لأنّ البحث في المُوازنة يُعبّر عن سياسة مالية تشمل الجميع، وتُحدّد مسار الدولة بكامل مؤسّساتها لسنة كاملة، ما يستوجب إشراك مُختلف القوى السياسية الرئيسة في النقاش، وهي ليست عبارة عن سياسة وزارة مُحدّدة، يُفترض بكل وزير أن يقوم بواجباته تجاهها، من دون تدخّلات ومُزايدات من قبل باقي الوزراء.

 

في المُقابل، أبدت أوساط سياسيّة سنّية عتبها على رئيس الحُكومة سعد الحريري، لجهة تخلّيه جزئيًا عن سُلطاته وصلاحيّاته كرئيس للسلطة التنفيذيّة، لمصلحة وزير من هنا ووزير من هناك. ورأت أنّ رئيس «التيّار الوطني الحُرّ» كرّر اليوم ما قام به خلال عمليّة تشكيل الحُكومة الحاليّة، مُوضحة أنّه في السابق انتظر الوزير باسيل انتهاء كل عمليّات شدّ الحبال على الحصص المسيحيّة وعلى الحقائب الرئيسة والعاديّة والتي استمرّت على مدى ثمانية أشهر، ليخرج بطرح يقضي بتبديل بعض الحقائب الوزاريّة بحجّة تصحيح التوازنات الطائفيّة داخل الحُكومة، وهو انتظر اليوم انتهاء المُناقشات الأساسيّة في مشروع قانون المُوازنة ليطرح مجموعة من البنود الإصلاحيّة على طاولة البحث، على الرغم من التأخير الذي حصل. وأضافت هذه الأوساط أنّ المُشكلة ليست في أي بند يرمي إلى الإصلاح، إنّما في توقيت الورقة المرفوعة والتي تسبّبت بتأخير كبير لإحالة مشروع المُوازنة إلى مجلس النواب، علمًا أنّ الموازنة الخاصة بالعام 2019 فقط، متأخّرة نصف سنة عن موعدها أصلاً، والوقت لم يعد يسمح بمُناقشة جدّية ومفصّلة لمشروع المُوازنة داخل مجلس النواب، إلا في حال تمديد الاستثناءات والحالات الشاذة على مُستوى تمويل عجلة دوران الدولة ومؤسّساتها مُجدّدًا، لأنّ صرف الأموال المَمنوح للحُكومة وفق قاعدة الإثني عشريّة ينتهي في نهاية أيّار الحالي.

 

وتابعت الأوساط السياسيّة السنّية أنّ المُشكلة الكبرى تكمن في تنازل رئيس الحكومة عن دوره كمُدير لنقاشات جلسات مجلس الوزراء، وكمُقرّر لبنود البحث المُدرجة في جدول الأعمال، وذلك عندما لا يكون رئيس الجمهورية حاضرًا ليرأس الجلسة. وإذ أبدت تفهّمها لحرص الرئيس الحريري على إنقاذ التسوية الرئاسيّة، وعلى الإستقرار الداخلي بعيدًا عن أي تشنّجات سياسيّة، وكذلك على دور الوسيط غير المباشر الذي قام به الرئيس الحريري بين وزيري المال والخارجية، شدّدت على أنّ التنازلات صارت مَحصورة بجانب رئيس الحكومة دون سواه، الأمر الذي أضعف هيبة الموقع وعرّض صلاحيّاته لتجاوزات خطرة يُمكن أن تتحوّل في حال تكرارها إلى عُرف، وهو ما لا يُمكن القبول به.

 

وبالعودة إلى الأوساط السياسيّة المُطلعة، فقد رأت أنّ ما حصل على مُستوى مُناقشة موازنة العام 2019، لا ينحصر بهذا الملفّ على أهمّيته، بل هو يتعدّاه إلى ملفّات ستطلّ برأسها قريبًا. وأوضحت أنّ ملفّ التعيينات الإداريّة سيكون قريبًا على طاولة البحث، الأمر الذي يدفع العديد من الأفرقاء، وفي طليعتهم «التيّار الوطني الحُرّ»، إلى العمل على فرض آرائهم على طاولة الحُكومة استباقيا، لحجز مكان فعّال في هذه التعيينات من اليوم!