IMLebanon

بسّام الطّراس.. الشيء وعكسه

تختلف الروايات عن هويّة الشيخ بسّام الطرّاس. لا ينكر عارفوه أنّ الشيخ «المهضوم» رفع سقف خطابه ضد النّظام السوريّ وتدخّل «حزب الله» في سوريا، وكان من أوائل من جمعوا تبرعات «نصرة للثورة السوريّة».

وإذا كان لأحد المشايخ «ذكرى سيئة» مع الطراس في «مقهى الروضة» في بيروت عندما راح الأخير يدافع عن الفكر الاسلامي المتشدّد، يقول شيخ آخر إنّ ابن بلدة كفردنيس البقاعيّة «غير متشدّد أبداً ولم يدافع يوما عن أية مجموعة متطرّفة».

يعمل الطراس كمدرّس ومدرّب تنمية بشريّة وإعداد وتأهيل مدرّبين، وهذه الخبرات «تعكس، بحسب مقربين منه، شخصيّته المنفتحة وقدرته على التأثير بتلامذته»، إذ لا ينفي هؤلاء أنّ للمدرّس في كليّة الشريعة قدرة على الإقناع والخطابة.

لم يكن الشيخ الأربعيني من المتميّزين في دراسته الدينية. تخرج من «أزهر لبنان» في العام 1988 قبل أن يسافر مع اثنين من المشايخ هما حسين عاكوم ومصطفى الرفاعي إلى اليمن حيث أكملوا سوية دراستهم الجامعيّة بمنحةٍ. هناك كان معروفاً عنه «ديبلوماسيّته وحنكته وقدرته على محاورة خصومه» يقول أحد عارفيه.

ينقل بعض المشايخ المقرّبين منه أنّه كان متأثراً بفكر حسن البنّا و «الاخوان المسلمين». لم ينتم الطرّاس إلى «إخوان لبنان» (الجماعة الاسلامية) ولو أنّه حافظ على علاقة جيّدة مع قيادتهم، وإنّما انخرط في شؤون الدراسة وأكمل دراساته العليا والدكتوراه في المعهد العالي التابع لـ «المقاصد».

في هذه الفترة تحديداً، تعرّف الشيخ الطراس على الدكتور رضوان السيّد (مستشار الرئيس فؤاد السنيورة وعضو المكتب السياسي في «تيار المستقبل») الذي أشرف على رسالته الجامعية وتوطّدت بينهما العلاقة.

خلال دراسته الشرعيّة، شارك الطراس في تأسيس أحد المكاتب المعنيّة بالتقريب بين المذاهب في أواخر التسعينيات. حينها، بدأت «تظهر عليه النّعم»، بافتتاحه مكتباً في إحدى المناطق الراقية في رأس بيروت، ليتبيّن لاحقاً أنّ المكتب يعود لجمعيّة «الاتحاد الإسلامي» التي يرأسها الشيخ حسن قاطرجي الذي اختلف معه لاحقاً. خلال هذه الفترة تحديداً، نمت العلاقة بين الطراس والقيادي في «حزب الله» الشيخ عبد المجيد عمّار (عضو مجلس سياسي).

صار الطراس ينخرط أكثر في قضية التنمية البشريّة التي باتت تشكّل مصدر رزقه ووفرت له نمط عيش مريح مكّنه من الدّخول شريكا في امتلاك إحدى المدارس في جدّة في السعوديّة، بالإضافة إلى تدريسه الشريعة في «أزهر لبنان» وغيره من المعاهد الدينيّة.

شكّل أمر تعيينه مفتياً لراشيا من قبل المفتي السّابق للجمهورية الشيخ محمّد رشيد قبّاني، صدمة للمشايخ المعارضين لدار الفتوى إلى حدّ إخراجه من «هيئة العلماء المسلمين» ووصفه بأنّه «وصولي» بعد أن ضرب بمبادئه عرض الحائط من أجل المنصب، خصوصاً أنّه كان من أشدّ المعارضين لقبّاني.

وعندما سأله أحد صقور «هيئة علماء المسلمين» عن سبب قبوله بهذه المهمّة برغم موقفه من «سماحته»، قال: «كلّفني ولا أريد مخالفته»!

ومع ذلك، استطاع الطراس أن يستفيد من منصبه لإحياء مشاريع إغاثيّة وصحيّة وتعليميّة لأبناء راشيا وللنازحين السوريين، قبل أن يقوم بوصل ما انقطع مع من انتقدوه سياسياً.

على هذا الدّرب، استطاع الطراس تسوية أوضاعه مع «تيار المستقبل» والتيّارات الإسلاميّة، من دون تمكّنه من «التشبيك» مع سعد الحريري أو بهيّة الحريري. ويقول مقرّبون منه إنّه انزعج كثيراً حينما لم يقم «المستقبل» بتبنيه ليكون مدرّساً في «الجامعة اللبنانيّة».

يأخذ البعض عليه أنّه كان من أوائل المشايخ الذين عبّدوا الطّريق أمام زملائه لبناء علاقات جيّدة مع تركيّا، إذ كان من المتردّدين بشكل دائم إلى تركيا «من أجل جمع التبرّعات للشعب السوريّ»، كما كان يردّد أمام عارفيه.

وبين هذا وذاك، تضيع الهويّة الحقيقيّة للطرّاس بين مظلومٍ كاد أن يصبح «ضحيّة مشروع مقايضة» وبين مشروع لـ «سراج الدين زريقات جديد» حينما ضغط عدد من علماء الدين على المفتي قباني الذي ساهم بإطلاق سراح الشيخ زريقات قبل أن يصبح أحد قيادات «كتائب عبد الله عزّام»!

الاستعادة تتماهى مع شادي المولوي. عندما أوقف على يد الأمن العام، تدخلت معظم القيادات السياسية والدينية لاطلاق سراحه، ليتبين لاحقا أنه أحد أخطر المطلوبين المتوارين عن أنظار القضاء اللبناني.

من يحسم هوية وارتباطات الشيخ الطراس؟

هذا الأمر يحتاج الى دولة.. والدولة في لبنان باتت في خبر كان.