IMLebanon

معركة الرئاسة ومزج ثلاثينات الخاطىء!

منذ انقلاب «بعض ٨ آذار» السياسي، ضد «الشرعية الدستورية» في ١٨ شباط ٢٠١٣، حينما طيّروا «الانتخابات النيابية»، ثم «الانتخابات الرئاسية»، و»غيّبوا «الدولة اللبنانية بصوتها ورمزها» – أي الرئاسة الأولى – المغيبة منذ أكثر من ٦٠٠ يوم، ليتاجروا هم من ثم بـ»حقوق الطوائف المسيحية» عموماً، و»الطائفة المارونية الكريمة» التي كانت من روّاد «القومية العربية» منذ منتصف القرن الـ١٩.. ليبقوا هم في «الصورة السياسية» لـ»لبنان الكبير»، وليس «الطائفة الكريمة»..

والآن يحاولون اللعب على أوتار «الطائفية» و»المذهبية» لـ»تطيير الدستور اللبناني» أساس «الشرعية الدستورية»، بل هو هذه «الشرعية الدستورية» الذي كان الرئيس اللبناني «بشارة الخوري» بعد التمديد له كأول رئيس للجمهورية الثانية التي ولدت مع «الاستقلال ١٩٤٣» وأزمة آب ١٩٥١ ضده، أن يستدعي قائد الجيش آنذاك اللواء «فؤاد شهاب» ويسلمه «الدستور اللبناني» ويقول له: «احتفظ به وحافظ عليه».. وحافظ عليه وحمى «الشرعية الدستورية» وسلمها بكل أمانة لـ»كميل شمعون» أول رئيس توافقي» لـ»جمهورية لبنان الثانية» حين انتخبه «البرلمان اللبناني» في ٢٣-٩-١٩٥٢ – وكان يُسمى بـ»فتى العروبة الأغر» – .. بعكس ما حصل في ٥-١١-١٩٨٩ حينما انتخب «المجلس النيابي» أول رئيس لـ»الجمهورية اللبنانية الثالثة» بحسب «الدستور اللبناني».. إلاّ أن من أسند إليه الرئيس الأسبق «أمين الجميل» الحفاظ على «الدستور» إنقلب عليه في ٦-١١-١٩٨٩ ولايزال الإنقلاب مستمراً.. في «تفكيره السياسي» الذي توقف عند هذا التاريخ، دون اعتبار لأي موقف جديد قال إنه اعترف به بـ»اتفاق الطائف» وتوابعه..

مع أن الواقع يشير إلى عكس ذلك كلياً، خصوصاً ما يشاهده اللبنانيون اليوم من محاولات سلخ «لبنان – الرسالة» عن «محيطه العربي القومي» عبر من يدير «سياسة لبنان الخارجية» التي تختبىء تحت شعار مزيف وهو «النأي بالنفس» الذي يعني بـ»علم السياسة المعاصر» بـ»الحياد» – كما أوضحت في «قراءة الأربعاء ١٣ من الحالي» -Neutralité- وهو ما عرّفته اتفاقيات «لاهاي» الدولية عام ١٨٩٩ و١٩٠٧.. وهو ما اتخذته «سويسرا» نظاماً سياسياً لها، وفيما بعد «النمسا» وهو يعني «النأي بالنفس عن الأزمات والصراعات الإقليمية والدولية، والحروب – كما فعلت «سويسرا» في الحرب العالمية الثانية..

ولكن ليس على الطريقة اللبنانية «النأي بالنفس» بـ»الاستنساب» و»الزج بالنفس» في أمور أخرى أيضاً بحسب «الاستنساب» على قواعد «اللعبة الإقليمية الجديدة» الموجّهة!! وهذا ما عكسه موقف «سياسة لبنان الخارجية» في اجتماعي وزراء الخارجية العرب الأخيرين..!!

ولتغطية هذا «الزج بالنفس» في «اللعبة الإقليمية الجديدة» لجأ «هذا البعض» – أصحاب انقلاب ١٨ شباط ٢٠١٣ – خصوصاً في «معركة انتخابات الرئاسة» التي طيروها وكانت هدفهم الرئيس في تطيير الانتخابات النيابية ٢٠١٣ – ٢٠١٤ بانقلابهم السياسي الذي كان عن سابق تصوّر وتصميم..!

أعود وأشير إلى أن هذا «الفريق» يُحاول الآن تغطية لعبته بـ»الزج بالنفس» في متاهات «اللعبة الإقليمية الجديدة» الحاكمة لتصرفاته، إستنساخ «الماضي البغيض» العائد إلى «ثلاثينات القرن الـ٢٠ الماضي» بهدف الحفاظ على وجودهم في «الصورة السياسية»، ومحاولتهم إلباس «معركة الرئاسة» ترسبات هذا «الماضي البغيض» للرفع من «صورتهم» عند «الطوائف المسيحية» عموماً، خصوصاً عند «الطائفة المارونية الكريمة» التي سئمت تلاعبهم بمصيرها..

وهذا «الماضي البغيض» هو إستدعاء ما كان سائداً – بفعل «الإنتداب الأجنبي للبنان» – وهو هذا المزج الخاطىء بين ما أسموه «النزعة اللبنانية والمسيحية» أو «المصلحة المسيحية» من جهة، وبين ما أسموه «العروبة والإسلام» أو «المصلحة الإسلامية» من جهة أخرى. وكان هذا «البعض» في الماضي، كما هو حالهم اليوم، يبرزون هذا «الوهم ويستنفرون له «العصبية الطائفية» و»المذهبية» و»المناطقية»، كلما احتاجوا إلى هذا «الوهم» لخدمة مصالح الشخصانية.

وهذا ما يحاولون استدعاءه اليوم في «معركة الرئاسة» التي بها ومعها يستنسخون «الماضي البغيض» لرفع حظوظهم فيها لأنهم يعرفون مقدماً أنها بعيدة عنهم كما كانت منذ انقلابهم على «الشرعية الدستورية» في ٦-١١-١٩٨٩..!!

هذه هي المشكلة الآن.. أو مشكلة هذا «البعض» الذين لا يريدون أن يطبقوا «سياسة النأي بالنفس» عن «أي أهواء إيديولوجية» في «معركة الرئاسة» لأنهم يريدون «إبقاء على ما كان» في لبنان اللا «دولة بصوت ورمز»..!