IMLebanon

بيروت ساحة حرب

 

 

ما حدث بالأمس في وسط بيروت وقلبها يحتاج إلى معالجة حازمة جداً وحاسمة من وزير الدّاخليّة الجديد العميد محمد فهمي وبأعلى قدر من الشفافيّة ومكاشفة من اللبنانيّين خصوصاً الذين هم في جانب الثّورة، فما حدث بالأمس ليس صورة الثورة ولا الثوّار، ما حدث أمر يتكرّر للمرّة الثّالثة وبنفس الأسلوب والصيغة باصات تستعد وتأتي قادمة من طرابلس ومن البقاع تفرغ حمولتها «المشبوهة» التي تنفّذ أعمال شغب في قلب بيروت بلغت يوم أمس حدّ التدمير وكأنّ بين هؤلاء وبين بيروت ثأر قديم!!

 

الملفت أنّ هؤلاء يأتون والساحة لا ثوّار فيها ولا تظاهرات حضاريّة من التي شاهدها اللبنانيّون منذ ثلاثة أشهر، يأتي هؤلاء ويعتدون على القوى الأمنيّة ولا يستحون من القول لعنصر الأمن ـ الذي هو مواطن لبناني يعاني مثله مثل جميع اللبنانيين ـ «أنا ما عم أقبض معاش أنت عم تقبض معاش»، مؤسف جداً هذا الكلام وعندما تنظر إلى هذا الآتي من طرابلس أو البقاع لتحطيم المحلات والأرصفة والجدران في العاصمة تراه مجهّز على مستوى لحماية نفسه بطاسة وكمامة ونظارات مجهزة خصيصاً لحمايته من القنابل المسيّلة للدموع، فإذا كان جائعاً ولا يقبض معاش نودّ أن نسأل من «جهّزه» بأدوات المواجهة، ومن أمّن له كميّة هائلة من المفرقعات الناريّة لإطلاقها على القوى الأمنية مضاف إليها قنابل صغيرة مسيّلة للدموع ترمى على القوى الأمنيّة، ومن دفع تكاليف انتقاله من الشمال إلى بيروت وبالعكس، والباصات التي تنتظرهم في محطة شارل حلو لتعيدهم إلى طرابلس بعد انتهاء جولة العنف التي ينفذّونها بعنف وجنون، من يموّل جولات العنف اليومية، والتي خرجت بالأمس عن طورها متجاوزة كلّ ما سبقها، ظنّاً منهم ربّما أنّ هذا العنف سيدفع بعض الدول المهتمة بلبنان إلى ممارسة ضغوط تفرض استقالة الحكومة!!

 

من الواضح أنّ من يقف خلف هذا المشهد حساباته خاطئة جداً ونحيله هنا على البيان الصادر عن الناطق الرسمي باسم الاتحاد الأوروبي، والذي اعتبر فيه «تشكيل الحكومة الجديدة في لبنان خطوة أساسية نحو ضمان قدرة البلاد على معالجة الأزمات المتعددة التي تؤثر عليها»، كما جدّد البيان التأكيد على أنّ «الاتحاد الأوروبي من جديد على الشراكة القوية مع لبنان وشعبه ودعمه المتواصل لاستقرار لبنان ووحدته وسلامة أراضيه وسيادته واستقلاله السياسي»، هذا بيان اعتراف بحكومة حسّان دياب، وللمناسبة ستتعامل دول العالم مع هذه الحكومة وستستهجن موقف المتعجلين والرافضين إعطائها فرصة للعمل، ما حدث بالأمس ضغط فاشل جداً ومنظرٌ معيب جداً بحقّ الثورة، ومشبوه جدّاً والمطلوب كشف تفاصيله ومن يقف وراءه وفضحه أمام اللبنانيين، ولن يوصل إلى أي مكان خصوصاً الرّغبة العارمة في استقالة الحكومة!!

 

ونتوجّه بشفافيّة شديدة إلى وزير الداخليّة الجديد العميد محمد فهمي لإصدار توجيهاته بإجراء تحقيق شفّاف حول هويّة هؤلاء الهمجيين الذين حطّموا أرزاق الناس واعتدوا على لقمة عيشهم، والتحرّي عن خطّ سيرهم من طرابلس إلى بيروت ومعرفة أسمائهم وإلى أيّ جهة ينتمون أو من يقف ورائهم وعرض اعترافاتهم بشفافيّة عبر شاشات التلفزة للشعب اللبناني، لم يعد مقبولاً أبداً أن يظلّ الفاعل مجهولاً في حفلات الجنون هذه كائناً من كان الذي يقف وراء هؤلاء!!

 

بالأمس منح النّاطق باسم الاتحاد الأوروبي الحكومة التي تشكّلت فرصة ـ بصرف النظر عن موقفنا منها وتصنيفها بأنّها حكومة حزب الله ـ واعتبر أنّه «يتعيّن على الحكومة اللبنانية المقبلة أن تتصدّى بسرعة للتّحديات الإقتصادية الحادّة وتنفّذ إصلاحات هيكليّة للاستجابة لاحتياجات الشعب اللبناني وتوقّعاته»، صحيح أنّ هذا اعتراف أوروبي بالحكومة لكنّ هذا الكلام أيضاً «مربط الفرس»، لا يحتاج الأمر إلى طول تفكير لن تستطيع هذه الحكومة القيام بما يطلبه منها المجتمع الدّولي، لبنان لا يحتمل هذا الوضع من الإصلاحات، وأخشى ما نخشاه أنّ هذه الحكومة وإن مُنحت فرصة لإثبات ذاتها، فإنّ الاستحقاقات القاسية المقبلة على لبنان في شهري شباط وآذار ستضربها كصاعقة، فبيننا وبين شباط أيامٌ قليلة، هذه حكومة «لن تصل فرحتها لقرعتها» مهما ظنّت أنّها مدعومة من حزب الله ومن العهد القوي.