لم ينتهِ الاشكال السياسي حول مشروع قانون تعديل قانون انتخابات بلدية بيروت لادراج اللائحة المغلقة حفاظا على المناصفة بين المسلمين والمسيحيين في المجلس البلدي، باستنباط حل دائم ونهائي لمشكلة تجاوز صلاحيات محافظ العاصمة، لصلاحيات رئيس المجلس البلدي المنتخب، بل تم تجنب الخوض فيه،و تحوله الى اشتباك سياسي وطائفي، ظهرت بوادره بالتحركات الرافضة من قبل فاعليات العاصمة، وتعالي نبرات العديد من النواب بخصوصه، وتراجع بعض النواب المؤيدين للمشروع عنه، ورفض الاخرين له بالكامل، وبقي قانون الانتخابات المعمول به، ساري المفعول كما هو، وتم ترحيل التعديل المطروح والتعديلات على صلاحيات المحافظ الى لجنة مختصة لدراستها، مايعني صعوبة اقرارها في الوقت الحاضر، وابقاء المشكل على حاله.
كان من الصعوبة بمكان، اقرار مشروع التعديل المطروح على القانون السائد حاليا، وحتى لو تم اقراره، لكان من السهل الطعن به في المجلس الدستوري وابطاله،لتجاوزاته الدستورية في اكثر من مادة، ما سيتسبب حكما بمضاعفات وتداعيات سلبية غير محمودة.
اما الحجة الاساس، التي استند اليها التعديل المقترح للقانون في فرض انتخاب اللائحة المغلقة للحفاظ على المناصفة بين المسلمين والمسيحيين، وعلى التنوع في تركيبة المجلس البلدي المنتخب لبيروت، باعتبارها العاصمة ولكل اللبنانيين، مع الابقاء على مشكلة تجاوز صلاحيات المحافظ للمجلس البلدي على حالها، فهي لن تؤدي الى عدم تحقيق الهدف المرجو منها فقط، بل ستؤدي حتماً الى التسبب بمشاكل اضافية، اقلها بتوسع هوة تفرقة التعاطي بين العاصمة وبقية المدن الاخرى، وستزيد في تعثر مهمات المجلس المنتخب وقصوره في النهوض ببيروت نحو الاحسن، بدلا من تسهيل عمله وتطوره نحو الافضل.
اما التذرع بخصوصية بيروت، وبانها لكل اللبنانيين، فهذا شعار حق يراد به باطل، لان من يدعي الحرص عليه قولا وفعلا، عليه اولا العمل على مساواة العاصمة بقانون الانتخابات البلدية المطبق على المدن الاخرى، وبالصلاحيات نفسها لبقية المحافظين، وترك الحرية للناخبين البيارتة لانتخاب ممثليهم بالمجلس البلدي، اسوة ببقية الناخبين اللبنانيين في المدن اللبنانية، وبدون لعبة اللوائح المغلقة ومثيلاتها.
اولى مهمات بلدية بيروت، الاهتمام بتطوير البنى التحتية وتقديم الخدمات الضرورية، لابناء المدينة والقادمين اليها من كل المناطق، والكل يشهد كم كان اهل بيروت السبَّاقين في الحفاظ على صيغة العيش المشترك، ونبذ كل اشكال التفرقة والتناحر، واحتضان اخوانهم اللبنانيين في الحروب والازمات التي تعرض لها لبنان، وبالتالي لم يفرق المجلس البلدي للمدينة، اياً كانت تركيبته، في تقديم الخدمات لأي منهم.