IMLebanon

ارحموا الناس… واعترفوا..  

 

 

كثير من أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت الذي حصل في 4 آب 2020، وجاءت نتيجته كارثية بمقتل 218 شخصاً وأكثر من 6 الاف جريح وتشريد نحو 300 ألف عائلة من منازلها المدمّرة، وتقدّر الخسائر بالمليارات من الدولارات مع أضرار كبيرة حصلت في المنطقة المقابلة للمرفأ، وأعني هنا منطقة الجميزة.. بالإضافة الى المستشفيات التي تعرضت للتكسير وتهشيم الزجاج وهدم أقسام من طوابقها، إضافة الى حرائق داخل المستشفيات حيث بلغت الخسائر بالملايين.

 

وبالرغم من مرور حوالى الأربع سنوات على الحادث الأليم لا تزال الاتهامات المتبادلة بين السلطة القضائية والسياسية تتفاعل.. أما اليوم ومع تعيين «مدعي عام تمييز جديد» هو القاضي جمال الحجار الذي يتمتع بسمعة مسلكية وعلمية عالية جداً ومشهود له بالنزاهة. تصبح الآمال الكبيرة معقودة عليه بأن يحصل تقدّم في هذا الملف الشائك.

 

إنّ قضية تفجير مرفأ بيروت أو كما أطلق عليه مصطلح «بيروتشيما» تشبيهاً بما جرى لمدينة هيروشيما جرّاء الانفجار النووي، هو انفجار ضخم حدث على مرحلتين في العنبر رقم 12 في مرفأ بيروت نتجت عنه سحابة دخانية ضخمة ترافقت مع موجة صادمة هزّت العاصمة بيروت، مما أدى الى أضرار كبيرة في المرفأ وتهشيم الواجهات الزجاجية للمباني والمنازل في معظم أحياء العاصمة اللبنانية، وامتدت الأضرار الى آلاف المنازل على بعد كيلومترات من موقع الانفجار.

 

يومذاك، كشفت الجهات الأمنية اللبنانية أنّ سبب الانفجار «مواد شديدة الانفجار»، كانت مخزّنة في المرفأ منذ أكثر من ست سنوات، تبيّـن انها نيترات أمونيوم هي عبارة عن مركّب كيميائي قابل للاحتراق يمكن استعماله في صناعة المتفجرات. وكانت شحنة نيترات الأمونيوم قد دخلت مرفأ بيروت على متن الباخرة روسوس التي ترفع علم مولدوفا في تشرين الثاني عام 2013 وتم تفريغها في العنبر رقم 12.

 

بعد هذا التفجير المدوّي، تسلم في 13 آب من العام 2020 القاضي فادي صوّان، قاضي التحقيق العسكري الأول بالإنابة، مهام التحقيق في الجريمة، نتيجة اقتراح من وزيرة العدل السابقة ماري كلود نجم وموافقة مجلس القضاء الأعلى طبعاً.

 

وفي 18 شباط (فبراير) من العام 2021 كفّت محكمة التمييز الجزائية في لبنان برئاسة القاضي جمال الحجار المحقق العدلي القاضي فادي صوّان عن التحقيقات. بعدها وافق مجلس القضاء الأعلى في لبنان على تعيين القاضي طارق البيطار محققاً عدلياً في قضية انفجار مرفأ بيروت خلفاً للقاضي صوّان… القاضي طارق البيطار توقف عن العمل لفترة طويلة بسبب عدم التعاون معه، أو لنقل بأنه واجه صعوبات وتعقيدات وعدم رغبة بأي تعاون او استجابة لطلباته.

 

وها نحن اليوم بوجود مدعٍ عام جديد هو القاضي جمال الحجار، ماذا ينتظر الناس من القضاء؟

 

بكل صدق هم يريدون الحقيقة، وهنا لا بد من أن نسأل جميع أهل البلد، هذا السؤال الأول وهو: من لا يعرف ان إسرائيل أرسلت طائرات عسكرية نفاثة وقامت بقصف المرفأ على دفعتين: المرة الأولى بقنبلة صغيرة وبعد ثوانٍ أقدمت على قصف ثانٍ بقنبلة نووية صغيرة جداً، لكنها هي التي فجّرت وأحرقت المرفأ وأدت الى خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات؟

 

السؤال الثاني: أعلنت إسرائيل مباشرة من خلال وكالة الصحافة الفرنسية خبراً يقول بأنّ سلاح الجو الاسرائيلي قام بعملية عسكرية فجّر فيها مستودعات للأسلحة في مرفأ بيروت…

 

السؤال الثالث: مع العلم بأنّ هناك أكثر من تصريح إسرائيلي رسمي يفيد بأنّ مرفأ بيروت تحوّل الى مرفأ لاستيراد الاسلحة لـ»الحزب العظيم»، وبذلك فإننا لن نقف متفرجين… كذلك أصبح مرفأ بيروت هدفاً عسكرياً بالنسبة لنا… أليس هذا بكافٍ لإثبات الفاعل؟

 

رابعاً: لو نظرنا الى الاغتيالات التي حصلت بعد الانفجار من المصوّر الصحافي جوزيف بجاني الذي قتل عند خروجه من منزله في الكحالة صباحاً ولم يعرف لغاية اليوم من قتله، ولكن هناك كلام على انه صوّر الطائرات الاسرائيلية وهي تقصف المرفأ… أوليس هذا الدليل واضحاً أيضاً؟

 

خامساً: من قتل العقيد المتقاعد منير أبو رجيلي الذي كان عضواً في الجمارك «المجلس الأعلى» وتنقل بين المطار والمرفأ والمعابر الحدودية؟ وهل القتل حدث بسبب خلاف حول وجود ممنوعات في حرم المرفأ في أحد العنابر وقد يكون العنبر رقم 12؟

 

سادساً: من أقدم في 4 شباط (فبراير) على اغتيال الناشط لقمان سليم، ولا تزال أسباب مقتله وهوية الفاعل مجهولة؟

سابعاً: يبقى سؤال بسيط جداً وهو: من هي السلطة التي تحكم مرفأ بيروت؟ وماذا عن ان هناك بضائع تأتي الى مرفأ بيروت، وتمر مرور الكرام، أي من دون دفع رسوم جمركية، وتُنْقل الى مستورديها ويدفعون لقاء ذلك مبالغ أقل بكثير من الجمرك المفروض عليهم أن يدفعوه؟

 

أكتفي بهذه الاسئلة البسيطة لأقول: إنّ كل تحقيق في هذا الموضوع لن يصل الى النتيجة الحقيقية لسبب بسيط… أنْ لا أحد يجرؤ على قول الحقيقة…

 

أخيراً، ارحموا الناس… وأطلب من الناس أن ترحم نفسها، لأنّ أحداً لن يستطيع أن يقول الحقيقة في ظل الأوضاع الحالية.. طالما انه لا يوجد دولة، وهناك سلطة فوق سلطة الدولة، فعبثاً نحاول أن نقول الحقيقة ولن نقوى على قولها، لأننا لا نجرؤ على ذلك.

 

أقول هذا الكلام لأني أشعر ان الناس يعوّلون على سراب، لأنّ الذي يحكم هذه الأيام ليس من مصلحته أن يقول الحقيقة… خصوصاً انه لو اعترف بالحقيقة فإنّ الحقيقة ستدينه، ولا أحد يتحمّل وزر الذين قتلوا وجُرحوا وهجّروا ودمّرت بيوتهم… يكفي ان 300 ألف مواطن تركوا لبنان من إخواننا المسيحيين، وتحديداً من تلك المنطقة نتيجة تفجير مرفأ بيروت.