IMLebanon

بين بشري ومعراب «الثقة بالحكيم»

تحولت المناسبة الاليمة التي تمثلت بوفاة والدة رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع الى ما يشبه الاستفتاء الشعبي والسياسي على الموقع الذي بات يحتله رئيس «القوات»، على المستوى الشعبي وعلى النظرة السياسية الجديدة إلى دوره. وقد قرأت مصادر مقربة من معراب، في المشهدية الجديدة تحولا في المقاربة الشعبية بالدرجة الاولى بحيث تحوّل «الحكيم» بالنسبة إلى شريحة واسعة من الرأي العام من كل الطوائف إلى ضمانة وطنية ومصدر ارتياح واطمئنان لمستقبلها ولمشروع الدولة.

اما على المستوى السياسي فان «القوات» فرضت نفسها رقما صعبا بحسب المصادر، لم يعد ممكنا تجاوزه ولا تخطيه، وجعلت الحوار والتواصل معها أكثر من ضروري. واعتبرت هذه المصادر ان «الحكيم» نجح في ردم الهوة التي حاول خصومه في زمن الوصاية وضعها لجهة أن «القوات» ميليشيا وضد الدولة، حيث أن ممارستها أثبتت بانها من القوى القليلة التي تبدّي مشروع الدولة على أي اعتبار فئوي آخر، وبالتالي انتقل التواصل مع «القوات» من جريمة يعاقب عليها أصحابها إلى مسألة بديهية بل ضرورة وطنية، ومن دون إغفال أن «القوات»، بالنسبة  إلى المسؤولين في القطاع العام أو الطامحين الدخول إلى هذا القطاع، تحولت إلى ممر إلزامي لتبوء المواقع والمناصب الإدارية والسياسية والامنية. وفي هذا السياق ليس تفصيلا أن ممثلي الرؤساء الثلاثة وأكثر من نصف الحكومة ومجلس النواب كانوا في بشري ومعراب، بالإضافة إلى سفراء عواصم القرار الغربيين والعرب.

واللافت بحسب المصادر نفسها ان التحولات لامست المستوى المسيحي بعدما أدى ترشيح الدكتور جعجع للعماد ميشال عون إلى ترييح المسيحيين الذين كانوا ينشدون وحدة موقف تعيد الاعتبار للقرار الوطني المسيحي والشراكة المسيحية-الإسلامية، وباتوا ينظرون إلى عون وجعجع كما كان ينظر أسلافهم إلى الرئيس كميل شمعون والشيخ بيار الجميل مؤسس حزب «الكتائب».

واضافت المصادر المقربة من معراب ان الوفود الشعبية والسياسية الإسلامية في معراب شكلت تأييدا لخطاب رئيس «القوات» العابر للطوائف، وكرست التعامل معه كزعيم وطني لا مسيحي، كما كانت لافتة المشاركة الواسعة للشخصيات الشيعية المستقلة سيما من البقاع. وقالت المصادر ان رمزية الوفود المعزية الدرزية عموما والاشتراكية خصوصا أشارت إلى مركزية دور جعجع ، في تثبيت المصالحة في الجبل وترسيخها ربطا بالحيثية القواتية الواسعة في جبل لبنان الجنوبي، كما بمواقفه التي تؤكد باستمرار على أهمية دور الموحدين داخل المعادلة اللبنانية، الأمر الذي جعل التمثيل الدرزي كامل الأوصاف من النائب وليد جنبلاط إلى الوزير طلال إرسلان وصولا إلى الوزير السابق وئام وهاب والمشايخ وشخصيات درزية مستقلة.

وفي موازاة كل ذلك لاحظت المصادر نفسها في مشهد ايام التعازي في بشري ومعراب، قدرة رئيس «القوات» على جمع الأضداد من قبل الرئيس سعد الحريري واللواء أشرف ريفي، والنائب وليد جنبلاط والوزير السابق وئام وهاب، في موازاة الحفاظ على علاقة جيدة مع خصومه لأنه ينطلق دوما في مقاربته السياسية من زاوية وطنية، اضافة الى قدرة جعجع على استقطاب كل فئات المجتمع وتلاوينه على حدّ قول المصادر، من الطلاب والفنانين والإعلاميين والإكاديميين والنقابيين إلى السياسيين والرأي العام، وذلك في مؤشر حاسم إلى النظرة العامة التي تكونت في الفترة الماضية بان رئيس «القوات» يشكل مصدر ثقة وارتياح ويتجاوز بشخصه كل الترسيمات الحزبية والطائفية.

ولعل الملاحظة الأوسع التي سجلتها الوفود الشعبية المعزية تتصل بذاكرة الحكيم الذي كان ينادي كل شخص باسمه.