نشرت وسائل إعلام غربية تقريراً تحدثت فيه عن ملامح مرحلة ما بعد تنظيم «داعش» في كل من سوريا والعراق، فضلاً عن تغيير في موازين القوى في المنطقة. وقالت إنّ تراجع عناصر «داعش» فتح الطريق أمام محاولة تغيير موازين القوى في المنطقة.
.ساعد انهيار تنظيم «داعش» في سوريا والعراق، في طرده من جرود رأس القاع وبعلبك، تحت ضربات الجيش اللبناني، في معركة أطلق عليها «فجر الجرود». هذا الانهيار انعكس سجالاً في الداخل اللبناني، بين مَن اعتبر النصر من إنجاز الجيش اللبناني، وبين مَن رأى فيه تحريراً مشتركاً بين الجيشين اللبناني والسوري و»حزب الله»، على رغم إعلان قيادة الجيش في وضوح عدم وجود أيّ تنسيق مع الحزب أو الجيش السوري.
هذا السجال مردّه دخول لبنان في داومة النزاع الإقليمي، المرتكز على رسم جديد لواقع للمنطقة، ضمن معادلة تغيير في القوى، المتمثّلة بروسيا وحلفائها وصولاً إلى «حزب الله» في لبنان، والولايات المتحدة وحلفائها العرب وصولاً إلى فريق ما كان يُعرف بـ»14 آذار».
جدالُ الداخل اللبناني شكّل الدافعَ الرئيسي للأفرقاء الى التسابق الزمني، عبر إعلان مواقفهم ممّا يجري في المنطقة. بحسب مصادر مطّلعة، تعمّد «حزب الله» تنظيم احتفال التحرير الثاني في بعلبك بهذه السرعة، لإطلاق مواقفه للمرحلة المقبلة، التي يرى فيها نجاح المحور الذي هو جزء منه، لحضّ الحكومة على التعاون مع القيادة السورية لبتّ مختلف الموضوعات العالقة بين البلدين.
في المقابل، أتت زيارة الرئيس سعد الحريري إلى جرود رأس بعلبك ودعمه المطلق للقيادة العسكرية، ومن ثمّ زيارته لفرنسا وإطلاق مواقفه لدعم الجيش اللبناني، لتقطع الطريق أمام الفريق الآخر، من خلال التأكيد أنّ الجيش قادر على حماية اللبنانيين من أيّ اعتداء كان، هذا ما يسقط شرعيّة السلاح خارج الدولة، ويبطل معادلة «الجيش والشعب والمقاومة».
أظهرت قضية التجديد والتعديل في دور قوات «اليونيفيل» في الجنوب اللبناني، الشرخَ الإقليمي، ودخول لبنان في النزاع الإقليمي. إذ أعلن السيد حسن نصرالله، عن دور الخارجية الإيرانية في مسألة إبطال اللغم الأميركي في مجلس الأمن حيال التجديد لقوات «اليونيفيل».
لا شكّ في أنّ النفوذ الإيراني في المنطقة بدأ في التزايد، الأمر الذي شكّل تحدّياً حقيقياً للدور السعودي الذي بدأ يلمس التراجع في قدراته التأثيرية من خلال ما يجري في اليمن والعراق، وخصوصاً سوريا. من هنا تعمل الجهتان على سباق الوقت في محاولة كل منهما لإحباط مشروع الآخر. وليست الحركة الديبلوماسية التي تزامنت في التوقيت بين المسؤول السعودي والمسؤول الإيراني إلى حلفائهما في لبنان، إلّا تكريساً لهذا الشقاق الإقليمي، وانعكاسه على لبنان.
إنّ المرحلة المرتقبة ستكون الأكثر توتراً، من ناحية الرفع في مستوى الخطابات السياسية، خصوصاً أننا في مرحلة التحضير للإنتخابات النيابية المقبلة في أيار 2018، التي ستكون لنتائجها قراءات على صعيد الأزمة التي تمرّ بها المنطقة، وخصوصاً النزاع على النفوذ مع بدء إشارات التصعيد بالبروز إلى العلن، بين اللاعب الأميركي والروسي.
فقد أكد وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف أن بلاده ستردّ بقوة على أيّ إجراءات أميركية تهدف إلى الإضرار بها، وذلك بعد يوم من مطالبة الولايات المتحدة بإغلاق القنصلية الروسية في سان فرانسيسكو وملحقيّتين ديبلوماسيّتين في واشنطن ونيويورك.
أخيراً، وعلى رغم الإنقسام العمودي الحكومي وفي الشارع اللبناني، فإنّ الحكومة لن تسقط، فهذا ما أكدّه عدد من الوزراء منطلقين من أنّ هناك اتفاقاً بين مكوّنات الحكومة، على ترك الخلافات جانباً، والعمل على ما يجمعها لمصلحة لبنان والشعب. وإنّ التسابق الزمني بين الأفرقاء يجب أن يكون على طريقة بناء لبنان القوي القادر على مجابهة تحدّيات المنطقة المقبلة.