IMLebanon

بين مجلسين

شعرت بالخجل من الصديق الكويتي عندما كنّا نتابع وقائع جلسة تشريعية في مجلس الأمة الكويتي التي إفتتحها رئيسه مرزوق الغانم بعدما رفعها نصف ساعة لعدم إكتمال النصاب.

ومعروف أن قضية النائب عبد الحميد دشتي مازالت تثير جدالاً عريضاً… فقطع الغانم الطريق على »جدال عقيم« محيلاً هذه القضية الى »الجهات القضائية وهي المعنية بتطبيق القانون«.

وفي ما يشبه بند »الأوراق الواردة« في مجلسنا عندما كان يجتمع ويتحدث النواب في مستهل الجلسات التشريعية في مختلف القضايا المثارة أو المطروحة أو المستجدة قبل أن ينطلقوا الى جدول الأعمال… في ما يشبه ذلك اثار النواب الكويتيون القضايا التي تهمهم بعد التصديق على »المضبطة«.

كان الحوار يسخن حيناً ويبرد حينا آخر، والأصوات ترتفع حيناً لتبرد حيناً ثانياً، لتتدخل مطرقة مرزوق الغانم (…) أما أنا فكنت وسط تدافع أفكاري التي أخذتني الى لبنان… نحن الذين عندنا مجلس منذ أوائل عشرينات القرن العشرين الماضي… نحن الذين عرفنا الحياة البرلمانية بأبهى معالمها… نحن الذين لا تزال قبة برلماننا تردد أصوات أولئك الكبار الكبار: يوسف الخازن، إميل لحود، بهيج تقي الدين، نصري المعلوف، حميد فرنجية، رياض الصلح، أنور الخطيب، كميل شمعون، صائب سلام، رشيد كرامي، ريمون إدة، بيار الجميل، كامل الأسعد، صبري حمادة، حسين الحسيني، ميشال روكز، ميشال شيحا، سامي الصلح (…) نحن الذين كنّا من أوائل بلدان العالم قاطبة قد شرّعنا للمرأة حقها في الإنتخابات ترشحاً واقتراعاً، قبل معظم البلدان الأوروبية بالذات….

نحن الذين استضاف برلماننا كبار الزعماء والرؤساء والقادة في العالم…

نحن الذين لعب نواب الأمة عندنا دوراً في تحقيق الإستقلال بالتوازي مع دور الأسرى في بشامون والحراك في الشارع…

نحن الذين كنّا وكنّا وكنّا… أين نحن اليوم؟ فعلاً أيننا؟ العالم يغلي من حولنا في مرجل ليس لأواره حدود، النار تلتهم الدول والشعوب والأقطار والأمصار ونحن عاجزون عن عقد جلسة نيابية واحدة!

الحروب والفتن والكوارث من حولنا، ونحن في عجز مطبق، من الفراغ الرئاسي الى فضيحة النفايات، فمسلسل الفضائح المتمادي، والذي يتكشّف كل يوم عن جديد مروّع؟!.

نحن السبّاقون، وقد أصبحنا في ذيل القافلة، نساق كالأغنام الى تمديد ثالث لمجلس النواب.

صديقي الكويتي…. عذراً، لا أستطيع أن أتابع وقائع جلسة مجلس الأمة.

خليل الخوري (الكويت)