IMLebanon

بين الحروب والتنمية

 

 

دهشت عندما قرأت عن المشروع الضخم الذي دشنه ولي عهد المملكة العربية السعودية الأمير محمد بن سلمان يوم الاثنين الماضي بمدينة الملك سلمان للطاقة (سبارك) في مدينة الظهران… وأهم ما لفت نظري أنّ تكلفة هذا المشروع هي 100 مليار دولار بينما يوفر 100 ألف فرصة عمل… بمعنى آخر أنّ مشاريع التنمية توفر فرص عمل بينما الحروب تتسبّب باحتساب عدد القتلى والخسائر المالية التي تصل الى المليارات.

في عودة الى مشروع مدينة الملك سلمان للطاقة، فإنّ هذا المشروع سينفذ على 3 مراحل، وتبلغ مساحته الإجمالية 50 كيلومتراً مربعاً:

المرحلة الأولى – 12 كيلومتراً مربعاً وفيها خمس مناطق محورية:

المنطقة الصناعية

الميناء الجاف

منطقة الأعمال

منطقة التدريب

المنطقة السكنية والتجارية.

وتقول دراسة شركة «أرامكو» إنّ هذه المدينة ستكون قادرة على توطين 350 منشأة صناعية، وسوف تساعد على الإبتكار والتطوير والمنافسة العالمية.

ستنتهي الأعمال الإنشائية لكامل المرحلة الأولى عام 2021، ويجري الآن التفاوض مع عدد من المستثمرين في إطار خطة لجذب أكثر من 120 استثماراً صناعياً.

نقول هذا الكلام وأعطينا هذا الوصف لأننا نريد أن نقارن بين ما يجري من حروب تدميرية في العالم العربي وبين أنه لو صرفت هذه الأموال التي تنفق ثمناً لشراء أسلحة بدل أن تذهب الى التنمية والى الصناعة والزراعة وبناء المنشآت الثقافية والاجتماعية والإعلامية، وبناء مستشفيات ومدارس وجامعات… ونعطي مثلاً ما فعلته ابوظبي حيث تبني متحف اللوڤر بنسخة عربية آية للفن الراقي.

 

ولو نظرنا الى مدينة دبي وعدد الفنادق حيث أصبحت الفنادق تستطيع إسكان 150 ألف نزيل… والمطاعم والمولات والمتاجر ومدينة ديزني لاند وغيرها من المشاريع السياحية للأطفال.

بينما الصورة تختلف، فلنأخذ مثالاً العراق قبل بداية الحرب مع إيران عام 1980 التي استمرت الى العام 1988، فقبل الحرب كان في صندوق الخزينة العراقية فائض 180 مليار دولار، فتكلفت الحرب 1000 مليار دولار… تصوّروا لو أنّ هذه المبالغ أنفقت على الاستثمار أين كان العراق اليوم، وبين الوضع الحالي الذي تعاني منه الدولة والشعب العراقي من ديون: فلا كهرباء ولا مياه ولا زراعة ولا استقرار… والوضع السياسي سيئ فلا حكومة… وفي النهاية لا دولة.

سوريا هي المثال الثاني… ترك حافظ الأسد سوريا عام 2000 بدون دولار واحد دين عليها… بينما اليوم سوريا تحتاج الى 500 مليار دولار أو ربما أكثر لكي تعود كما كانت عام 2000 أي بعد 18 سنة عدنا الى الوراء، وانتقلت سوريا من دولة متقدمة الى دولة متخلفة غارقة في الديون تحكمها أميركا وروسيا وإيران و»حزب الله» وتركيا والميليشيات العراقية، ومليون شهيد و11 مليون مهجّر.. بينما لو أنفقت هذه الأموال على التنمية لكانت سوريا اليوم سويسرا الشرق.

وبحسب التقرير النهائي للجنة الاقتصادية الأممية لإعادة إعمار سوريا، فإنّ الرقم يشمل حجم الدمار في سوريا فقط، ولا يشمل الخسائر البشرية، والمقصود بها الاشخاص الذين قتلوا خلال المعارك، ولا يشمل كذلك الاشخاص الذين نزحوا وهجّروا من منازلهم.

ونشير الى ليبيا وكيف أضحت ساحة للحروب التي أكلت الأخضر واليابس ولم توفّر البشر والحجر؟!.

وأمّا حرب اليمن فإنّ فظائعها ظاهرة للعيان، والخسائر بمئات مليارات الدولارات(…)

وأما الصومال فحدّث ولا حرج!

وكي لا نحصر الكلام في عالمنا العربي نشير الى أنّ دول العالم كله، تقريباً، باتت تعاني أزمات الإنفاق الذي يفوق المداخيل، وكما ورد في مقالة الزميل الاستاذ عماد الدين أديب في «الشرق» أمس، فإنّ الدخل العالمي لدول العالم في العام الماضي 2017 بلغ 86 تريليون دولار مقابل عجز بلغ 278 تريليون دولار، وهو فرق كبير يكشف لماذا تزداد أعداد العاطلين من العمل وتراجع النمو، ناهيك بالذين هم تحت خطر الفقر، في مختلف أنحاء المعمورة.

وأمام تفاقم هذا الوضع يصح السؤال: هذا العالم إلى أين؟!.

عوني الكعكي