IMLebanon

أبعد من العنصريّة المتبادلة  

ثمّة قطب مخفيّة خلف وجه ذاك السوري الذي ينشر ڤيديوهات شتم الجيش اللبناني والشعب اللبناني واستفزازهم ونعتهم بأبشع الصفات والنعوت من «عر…ات، وتنتات»، إلى القطب المخفيّة خلف وجه تلك المرأة التي كالت لنا التهديد والوعيد، ثمّة انزلاق لبناني أيضاً عبر ڤيديوهات غير محسوب وغير مبرّر ومرفوض بكلّيته، لأنّه يستقوي على الضعيف ويتكاثر قليلو النخوة ليضربوا ويشتموا لاجئاً أعزل، لم يكد يعلن وزير الداخليّة نهاد المشنوق يغرّد أمس صباحاً معلناً القبض على المعتدين اللبنانيّين الأنذال على شاب سوريّ أعزل في ڤيديو هزّ اللبنانيين طوال ليل الثلاثاء، حتى صعقنا بڤيديو آخر أفظع من الأوّل!!

المدهش بالأمس خروج نظريتيْن الأولى ترفض نشر الڤيديو حتى لا تروّج له، والثانية تدعو لنشره حتى يتمّ القبض على المعتدين، بالطبع نظريّة عدم الترويج للڤيديو ضعيفة إن لم تكن سخيفة في زمن الفضاء المفتوح، فڤيديو الثلاثاء شاهدته عبر نشرة أخبار قناة العربيّة التي عنونت بثّه بأنّه انتشر في إطار حملة على اللاجئين السوريّين متجاهلة الڤيديوهات والإهانات الفايسبوكيّة السوريّة التي سبقته ضد لبنان واللبنانيين والجيش اللبناني!

لبنان على وشك انفجار كبير بين اللبنانيين واللاجئين السوريين خصوصاً على عتبة معركة جرود عرسال والخلايا النائمة التي قد تخرج في أي لحظة لهزّ الاستقرار الأمني لإرباك الجيش اللبناني وضربه من ظهره، من المؤسف أنّ الإعلام اللبناني لا يلعب دوراً توعوياً هنا، لماذا ينهال بالضرب بضعة شباب لبنانيين على لاجىء لأنّه ينام خارج البيت بملابسه الدّاخلية لأنّ في بيته نساء فيما تشكو نساء لبنانيات تسهرن على الشرفة من منظره، فلنفترض أن «منظره» خدش حياء هؤلاء النسوة لماذا لم يتمّ تحرير محضر بحقّه لمنعه من تكرار فعلته، مع العلم أن هذه غير مقنعة خصوصاً وأنّ اللبنانيين «سيد» من تجوّل رجالهم بالملابس الداخليّة على الشرفات من دون مراعاة خدش حياء جيرانهم النسوة من عُريهم!

هذا الإنزلاق اللبناني العنصري الذي ينحو إلى تكريس أمر واقع بالاعتداء على اللاجئين السوريين مخيف، لأنّه مسيء للبنان ولقواه الأمنيّة والعسكريّة، وهو بالتالي يستدرج اللاجئين إلى ردود أفعال قد تودي بالاستقرار الأمني للبنان،  والأسوأ من العنصريتين السوريّة واللبنانيّة، أنّ وقائع القبض على المعتدين تبقى مجرّد عنوان إخباري من دون صورة ولا ڤيديو، فكيف يرتدع من يفكّر بالاستقواء على لاجىء أعزل إن لم يشاهد ويعتبر من عرض المعتدين المقبوض عليهم عبر الشاشات؟!

تجاوز اللبنانيّون ما هو أفظع في العام 2005 وكانت ردود افعال معقولة برغم كل الاغتيالات التي هزّت لبنان، كان هناك أصوات تدعو للتعقّل والهدوء ولا ننسى أبداً دور النائب وليد جنبلاط في في تلك الصحوة العامّة، أين أصوات القيادات اللبنانيّة، لِمَ لا تخرج لتنادي بوقف هذه المهزلة؟ من غير المفهوم كيف يستطيع سوري لاجىء في اسطنبول أن يهزّ أمن المجتمع اللبناني بانزلاقه نحو عنصريّة مميتة؟!

اليوم قبل الغد مطلوب من القيادات السياسيّة مخاطبة اللبنانيين كي لا ينزلقوا بڤيديو تلو الآخر إلى حيث لا يريد أحد، ما نشاهده من اعتداء على اللاجئين السوريين قنبلة موقوتة قد تنفجر باللبنانيين قبل اللاجئين، وللمناسبة الذين دخلوا إلى لبنان من جيش الاحتلال السوري عام 1975 حتى الذين غادروا في 26 نيسان العام 2005 تقاعدوا أو أنهوا خدمتهم العسكريّة، لا أحد يقتص من شعب منكوب لاجىء بمفعول رجعي عن احتلال «انقلع» منذ إثنا عشر عاماً، الجيش السوري نفسه انتهى وانقسم وتشرذم، فما ذنب السوريين المدنيين الأبرياء، وللمناسبة بيني وبينك أيها القارىء «نحن اللبنانيين عنصريين.. قليلاً»!