IMLebanon

بين بكركي وبعبدا فتور سياسي وصمت حيال صرخة العظة الـمدويّـة

…مشروع الـراعي عـن الحياد سيُرافقه الى رومـا والمحافل الـدولـيّة قريـباً

 

لا تزال أصداء الصرخة التي اطلقها البطريرك الماروني بشارة الراعي يوم الاحد الماضي، عبر عظة القداس في بكركي تتأرجح بين التأييد من قبل السياسيين الذين ساروا على دروب فريق الرابع عشر من آذار، والرفض الذي لم يُعلنه بالفم الملآن بعد، سوى مناصري التيار الوطني الحر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فيما لم يقم التيار المذكور عبر نوابه ومسؤوليه بتوجيه اللوم او العتب الى البطريرك الراعي، بل التزموا الصمت مع اركان العهد، لان بين بكركي وبعبدا مسارات وفاقية على مدى عقود من الزمن، خرقتها بعض الاختلافات في وجهات النظر بين الحين والاخر، لان بعبدا لا تحب الاختلاف مع بكركي والعكس صحيح، في حين ان السياسة اللبنانية لطالما ادت الى إحداث فتور في العلاقات بين مختلف الافرقاء، لان بعض المواقف تؤدي احياناً الى التباين، او سوء التفاهم بين الاطراف مهما كانت علاقاتهم جيدة. وهذا المشهد وجد دائماً على الساحة اللبنانية، فأدى الى طلعات ونزلات سياسية، من ضمنها الفتور الحاصل منذ فترة بين البطريرك الراعي والرئيس ميشال عون، لم يكن الاول بل سبقه فتور اكبر خلال فترة الفراغ الرئاسي، حين كان المقرّبون من البطريرك الراعي ينقلون استياءه الشديد من تفاقم الفراغ، الذي ادى الى تكرار دعوته يومياً الى انتخاب رئيس للجمهورية، فوصل حينها التباين السياسي الى خلاف مع مَن كان يمتنع عن الحضور الى الجلسة الرئاسية، فكانت وجهات النظر متباعدة في ملف اساسي، ما انتج فتوراً سياسياً بين بكركي والرابية في تلك الفترة، تطور لاحقاً الى خلاف فقطيعة.

 

لكن وبعد إنتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية ازال الفتور وبدأ التناغم، خصوصاً بعد كلمة التهنئة التي وجهّها الراعي الى عون، فلم تعد المسافات متباعدة في ملف اساسي، يتعلق اولاً واخيراً بالمسيحيين. وهذا التقارب لطالما كان موجوداً ، اذ كان البطريرك الماروني قريباً جداً من القصر الرئاسي، منذ ان وُجد الصرح البطريركي الذي كان وما زال يعتبر المركز الرئاسي الاول خطاً احمر، ويفرضه بوعي وادراك على المؤيدين والمعارضين السياسيين، لكن كلمات العظة التي اطلقت قبل ايام فاجأت العهد وأفرحت معارضيه، وهي أتت بعد طول انتظار وترّقب لمصير لبنان المجهول والخطر، فكانت مناشدة الراعي لرئيس الجمهورية العمل على فك الحصار عن الشرعية والقرار الوطني الحر، ودعوة الدول الصديقة للإسراع الى نجدة لبنان كما كانت تفعل كلما تعرّض لخطر، إضافة الى دعوة منظمة الأمم المتحدة للعمل على إعادة تثبيت استقلال لبنان ووحدته، وتطبيق القرارات الدولية وإعلان حياده، وكل هذه المناشدة اتت بعد مخاوف كبيرة استشعر بها البطريرك والكنيسة على مصير لبنان وشعبه، كما اتى هذا الخوف من اللقاء الرباعي الذي عقد في الفاتيكان، وأنتج خلاصة موقف المجموعة الدولية لمساعدة لبنان، التي لم تبد ارتياحها لإقحامه في نزاعات المحاور على الصعيدين الاقليمي والدولي، بحسب ما اشارت مصادر دينية مسيحية، ناقلة ايضاً أن الراعي الذي يعّد مشروعاً عن حياد لبنان سينقله قريباً الى روما، وكل المحافل الدولية بهدف تطبيقه، كما سيُرّكز البطريرك من الان فصاعداً على ضرورة إلتزام الحياد لإنقاذ لبنان، وذلك عبر عظاته ومواقفه السياسية، بهدف فصل مساره عن اي مسار إقليمي او دولي، كيلا يدفع اللبنانيون الثمن الاكبر في صراعات لا علاقة لهم بها، لانهم لا يستطيعون تحمّل أي تبعات او تداعيات في ظل كل الويلات التي تجتاحهم على جميع الاصعدة.

 

الى ذلك تعتبر مصادر نيابية في التيار الوطني الحر، رداً على سؤال حول العلاقة اليوم مع بكركي، أن صرخة البطريرك الراعي لم تكن موجّهة ضد العهد، لكن البعض هدف الى جعلها كذلك لإرضاء مصلحته الشخصية، وتمنيّه حصول خلاف بين الرئيس وبكركي، فيما البطريرك لم يكن في اي مرة مع طرف ضد آخر في الاطار السياسي، بل كان دائماً على مسافة واحدة من الجميع، آملة عدم الدخول في سجال معه، أي الابتعاد كلياً عن أي ردَ اعلامي على سيّد الصرح.