IMLebanon

جِزَم على الأرض

تمكنت “الدولة الإسلامية” – وهذا هو الإسم الذي يتخذه التنظيم لنفسه الآن – من توسيع نطاق عملياتها الإرهابية أخيراً. انطلقت من العراق. أضافت بلاد الشام لتستعيد الخلافة على أرض كانت يوماً مترامية الأطراف. أعلنت أن لها موطئ قدم في مصر وليبيا وبعض شمال أفريقيا. سجلت لنفسها حضوراً في اليمن وعدد من دول الخليج. ليس غريباً أنها تتطلع الى بلاد السند والهند وتطمع بالعودة الى بلاد الأندلس والغرب.

في المقابل، لم يتبين بعد كيف سيتمكن الائتلاف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة من إنجاز المهمة التي وعد بها الرئيس باراك أوباما لدحر هذا التنظيم الإرهابي وإلحاق الهزيمة به والقضاء عليه. بل أن مسار “الدولة الإسلامية” هذه لا يزال تصاعدياً على رغم الإمكانات العسكرية الهائلة التي وضعت في الميدان لمواجهته. جلّ ما حصل حتى الآن أن الدعم العسكري الواسع والغارات الجوية المكثفة مكّنت الجيش العراقي والمكونات الداعمة له والقوات الكردية من وقف زحف الإرهابيين. نجت كردستان العراق حتى الآن. استعيدت مدينة عين العرب – كوباني السورية بعدما تحوّلت أثراً بعد عين.

تتفق الآراء على أن الحرب على الإرهاب طويلة. تستوجب سنوات عدة. وقت تحتشد الجيوش وغيرها من الجماعات المسلحة لمحاربة هذا التنظيم، يتبين يوماً بعد آخر أنه صار يشكل تهديداً وجودياً لكل أنظمة الحكم في الشرق الأوسط والعالم العربي. يتضح يوماً بعد آخر أيضاً أن كل الطائرات الحربية التي تجوب الاجواء لن تتمكن وحدها من تحقيق النصر المنشود على هذا الوحش الضاري. إن دحره يحتاج الى إنزال جنود في هذه الحرب.

يحترف مقاتلو هذا التنظيم الإرهاب على غرار ناشطي “القاعدة”. عندما أمر أسامة بن لادن مجاهديه بشن هجمات ١١ أيلول ٢٠٠١، جيّر لها نخبة من أصحاب الأفكار الجهنمية والمجرمين المحترفين. حوّلوا الطائرات المدنية سلاح دمار شامل لذلك اليوم المشهود بشؤمه.

يعتمد أبو بكر البغدادي هذا المذهب من الإرهاب. بيد أنه أضاف اليه الإرهاب الإلكتروني ليصعق العالم بوحشيته. جنًد خبراء في صنع الصورة وإخراجها الى الناس عبر أحدث الوسائل. في المقابل، لم تتمكن كل وسائل الرقابة على أنظمة الإنترنت والبث التلفزيوني من منع عرض المشاهد المخيفة لحفلات قطع رؤوس معتنقي الديانات والأفكار الأخرى وحرق الأسرى والمساجين ورجم النساء وغيرها مما يثير الاشمئزاز.

تخوض “الدولة الإسلامية” حروب عصابات وإمارات. تفتح كل يوم جبهة جديدة. تجند المزيد من المجاهدين. لن توقفها المواجهة بمعارك تقليدية. ولكن، لا بدّ من جزم على الأرض في كل حال.