IMLebanon

الحدود الحامية… والرؤوس كذلك  

صحيح أنّ التصعيد عبر الحدود الجنوبية قد ارتفعت وتيرته في هذه الأيام، خصوصاً في الردود المتتالية على الردود بين سماحة أمين عام حزب اللّه والعدو الإسرائيلي… ولكن هذا التوتر ليس جديداً، فهو قد يرتفع حيناً وقد تخبو نيرانه حيناً آخر، إلاّ أنها لا تنطفىء، فجمرها يبقى ابداً تحت الرماد.

وهذه المرّة يبدو التصعيد جدّياً الى حد ما، خصوصاً لجهة التهديدات الإسرائيلية بشن حرب عدوانية تستهدف لبنان كله. علماً (أيضاً) إن هذا لن يكون جديداً في حال حدوثه. فلقد اعتاد العدو الإسرائيلي أن يمعن تصعيداً على لبنان فيقصف البنى التحتية ويقطع أوصال البلد عبر نسف الجسور كما حدث في العام 2006، إضافة الى أنه دمّر محطات الكهرباء غير مرة.

ومع ذلك نقول إنّ التهديد بالعدوان جدّي هذه المرة، أو لعلّه أكثر جدّية من الماضي. وثمة أسباب موجبة:

أولاً – تهديد سماحة الأمين العام السيّد حسن نصراللّه  برد على أي عدوان إسرائيلي بقصف مواقع حساسة واستراتيجية في اسرائيل، وفي طليعتها مفاعل «ديمونا» النووي الإسرائيلي الشهير، وكذلك ضرب حاويات «الأمونيا» في حيفا التي في حال أصيبت وتفجرت ستكون أضرارها على إسرائيل بلا حدود مادياً ومعنوياً ونووياً وخسائر بالأرواح بعد الممتلكات.

ثانياً – إن هذا إذا حصل فمن شأنه أن يستثير حميّة الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب الذي لم يكن في حاجة الى أن يتهمه السيد نصرالله بالـ«أحمق» حتى يستشيط غيظاً وغضباً. فهو مستثار أساساً و«بيرقص من دون دفّ» فكم بالحري إذا توافر الدف ومعه الطبل والزمر أيضاً.

وثمة سبب آخر «لهيجان الثور الأميركي» (والتعبير للصحافي الراحل الكبير المرحوم محمد حسنين هيكل الذي قاله محذّراً العرب من مقارعة الولايات المتحدة الأميركية). نقول إن ثمة سبباً آخر يستثير هيجان وحماسة ترامب وهو ما ذكرته، أخيراً، صحيفة معاريف الإسرائيلية من أن شقيقيّ الرئيس الأميركي يملكان رخصة تشغيل حاوية «الأمونيا» في حيفا.

وثمة سبب ثالث لا يجوز تجاهله وهو أن أبناء ترامب الثلاثة (إبنته وشقيقاها) متزوجون من يهود. فزوج البنت يهودي، وزوجتا الشقيقين يهوديتان.

ثالثاً – نقلت التلفزة الأميركية، أمس، لقطات من حيفا تبيّن أنّ العدو الإسرائيلي يعمل جدياً على نقل الأمونيا الى مكان آمن. والمكان الآمن يُفهم أنه «بعيد عن مرمى صواريخ حزب اللّه».

رابعاً – لا يفوتنا أن نذكر أن الجانب الصهيوني أجرى سلسلة تدريبات ومناورات لمعارك ومواجهات وحروب تحاكي عمليات القتال مع المقاومة اللبنانية.

الى أين من هذا كلّه؟

الى أن نقول: الحماوة تبدو جدية عبر الحدود وفي الرؤوس أيضاً، وبالتالي فإنها إذا تطورت الى مواجهة تنتقل من المايكروفون وشاشات التلفزة الى فوهات المدافع ومنصات الصواريخ والطائرات، فإن الثمن سيكون باهظاً جداً. خصوصاً وانه يجب أخذ التهديدات المزدوجة في الإعتبار.