IMLebanon

.. بالقانون

مفارقة تسجل للعهد في رصيد الحياة السياسية اللبنانية، منذ بات الاختلاف يؤدي الى الاحتكام للدستور، ويأخذ الى المزيد من السجالات والتشريعات، وينحو الى المزايدة فى الفهم المعمق، وهو إجراء استبدلته قديماً جهات داخلية وخارجية بالسعي الى «قلب الطاولة على الآخر»، فكانت حرب الميليشيات والشرقية والغربية وغيرها من محاولات فرض واقع دموي على الأرض اللبنانية المعهودة بأنها خصبة في الاشتعال وفي السياسة معاً.

وكان أن اختبر البلد على مر سنوات الحرب وما بعدها، مصطلحات مستجدة في القاموس اللبناني، بينها «رئيس الوصاية» و«وزير الوصاية» و«نائب الوصاية». ووفق ذلك الثالوث الذي تربص بالبلد،كان رجل الدولة يوفّق أو تشوّه سمعته أو يحذف بـ «شطبة» اغتيال، وكان أيضاً ينصّب سياسياً محنكاً أو صورة على جدران أو ضمير لا يفي بالمطلوب، في حين لم يكن الحوار مطلوباً، أو حتى الدخول في أي نقاشات تفضي الى الأخذ في الاعتبار رأي المواطن أو القاعدة الشعبية، فالوصاية تحل وتربط وتعيّن وتقصي، ووفق تلك المعايير دخل البلد في حالة من الاهتراء السياسي والخمول القانوني الذي طال كل شاردة وواردة،ومعها دخل اللبناني في ضبابية الرؤية التي تقوم على: «ما تفكر..نحنا بنفكر عنك».

لكنّ الحال تغير، منذ الرابع عشر من شباط من العام 2005، يوم استيقظ اللبناني على جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وما تبعها من استهدافات طالت أصحاب الرأي الحر والفكر الاستقلالي، فكان لابد من انتفاضة مهدت لاحقاً للدخول في عهود غير متساهلة مع كل محاولات فرض الرأي الواحد واللون الواحد، وقد أثمر الربيع البيروتي الحال الذي بلغه اللبناني هذه الأيام على الرغم من كل المآزق الدستورية وقرب انتهاء المهل، ذلك أن الجدال والنقاش والمشارعات والاختلافات في الفكر والرأي..كلها مطلوبة في سبيل تشكيل قانون انتخابي ينتظره اللبناني منذ سنوات طويلة. وخلافاً لإمكانات الوصاية في أن تفرض قوتها على شاكلة:«كن..فيصير»، فإن إمكانات البلد الحالية في السياسة وفي «تقليع شوكه بيديه» لابد أنها ستأخذ وقتاً ومهلاً إضافية، وهو أمر مبرر طالما أنها في النهاية ستكون انتصاراً للسياسة اللبنانية، فكم من صلاحيات أصابها الصدأ وهي اليوم تستخدم لثابتتين: الايمان بالتغيير وتعزيز القدرات، في ظل تفاهم سياسي يشكل فرصة حقيقية لحماية لبنان وتحصين وجوده في العالم العربي.

ومن المقاربة السياسية التي بدأت تهل بشائرها و«تستوي»، ثمة مقاربات ماسة في المصلحة الاقتصادية والاجتماعية والأمنية، وجميعها متوقف على القانون الانتخابي من أجل أن ينأى لبنان عن النيران الإقليمية فلا يخطو على الدرب نفسه المرسوم لغير دول لم يتبق منها سوى أشلاء البشر وفتات الحجارة وركام المؤسسات.فهل نعتبر ونأخذ المبادرة؟.