IMLebanon

«سيدر» لمين؟

 

المطلوب من لبنان لتحقّق وعود القروض والهبات من سيدر، أصعب بكثير من أن تتمكّن الدولة من تحقيقه، والمكتوم حتى الآن أكثر من المعلن، كيف ستتمكن الحكومة من ترشيق القطاع العام  المحشو حشواً بالموظفين الذين تأكل رواتبهم جزءاً كبيراً من خزينة الدولة، هذه الـ 11.6 مليار دولار الموعودة لن توضع «كاش» في يدِ الحكومة ولن تحصل على هذا الرّقم دفعة واحدة، ثمة وهم كبير يجري تسويقه بتهوين «الحصول على أموال سيدر»، والسؤال الذي علينا طرحه قبل كلّ التفاصيل: سيدر لمين؟

 

في الأساس ذهب لبنان إلى «سيدر» بقائمة مشاريع للبنية التحتية تبلغ قيمتها الإجمالية نحو 23 مليار دولار، ينفّذ على ثلاث دورات، واقتصرت تعهّدات سيدر على المرحلة الأولى فقط، ومشاريع البنية التحتية شملت قطاعات المواصلات والريّ والمياه ومياه الصرف والكهرباء والاتصالات، والنفايات الصلبة والتراث الثقافي، والصناعة، عناوين فضفاضة لقطاعات تبكي على حالها، من الريّ إلى المياه إلى مياه الصرف الصحي إلى النفايات ومن دون الدخول في تفاصيل هذه القطاعات الكارثيّة، تدور الثعالب في عقول اللبنانيين حول اليدِ العاملة التي ستكون المستفيد الأول من العمل في إطار هذه المشاريع؟ هل ستعيد مقولة «السوري عمّر لبنان» نفسها في مشاريع سيدر التنمويّة؟

 

بالأمس تحدثّ وزير المالية علي حسن خليل عن أنّ «المطلوب خطوات جريئة تعيد تصويب المسار المالي»، ما هي هذه الخطوات الجريئة، لماذا تتكتمّ الحكومة عن الحديث عن خططها الإصلاحيّة التي ستنفّذها للحصول على مساعدات سيدر، حتى الآن الجو ضبابي، خصوصاً مع تصاعد عناوين الاعتراض والتهديد باللجوء إلى الشارع في حال المسّ بسلسلة الرّتب والرواتب، هذه المزايدات مضحكة ـ مبكية السلسلة لم تجد بعد قنوات تمويلها، الدولة غارقة في عجزٍ تاريخي وفيما هي مطالبة بتقليص القطاع العام لعصر نفقاته تجد الحكومة ـ التي ارتجلت إقرار سلسلة الرّتب والرواتب ـ في مأزق تجاه مجموعة «سيدر» فموازنة القطاع العام آخذة في التضخم والحبل على الجرّار!

 

في الحقيقة لا سياسة مالية ستنفع في الواقع اللبناني المأزوم، سياسة التقشّف ستضيق الخناق على الحكومة فالضائقة التي تعصر اللبنانيين عصراً لا تتحمل «تقشّفاً» على «القشّف»، الخوف الحقيقي من أن يسقط لبنان في الطريق قبل الوصول إلى أموال سيدر، هذه الدولة تركض والرّغيف يركض أمامها، لبنان «يُشالش»، «سيدر» لن يشيل الزير من البير اللبناني الغميق، نحن في مواجهة كارثة حقيقيّة ما بين الدين العام وعجز الموازنة، يحتاج لبنان أكثر بكثير من مئة مليار دولار ليصفّر عداداته وبدء الدولة من جديد، الحديث اليومي عن الحصول على أموال سيدر مجرّد «هراء»، وضع لبنان المالي والاقتصادي أسوأ بكثير من أن تنقذه 11 مليار دولار، فيما هو بحاجة إلى عشرة أضعافها في مواجهة مئة مليار دولار دين!

 

ميرڤت سيوفي