IMLebanon

المصارف والمركزي: حماية المدخرات فعل مقاومة لا يختلف عن دور “حزب الله” في مواجهة إسرائيل

لا يحتمل الوضع الاقتصادي والمالي على مشارف موسم صيف غير مشجع، وفي ظل مقاطعة خليجية لم تخف وتيرتها، أي خضات تزعزع الثقة بالقطاع الذي يشكل أحد أبرز مقومات الصمود الاقتصادي، وهو القطاع المصرفي.

ولا يمكن أن تتحول المواجهة القائمة بين واشنطن و”حزب الله” على خلفية السعي الاميركي إلى تجفيف منابع تمويل الحزب المصنف إرهابيا منذ عام 2012 على اللائحة الاميركية، إلى مواجهة داخلية أبطالها المصارف والحزب، بسبب التعميم 137 الصادر عن المصرف المركزي في شأن تطبيق قانون العقوبات الأميركي في حق “حزب الله”.

لكن هذا ما هو حاصل حاليا، بعدما عمدت مصارف إلى إقفال حسابات لأشخاص قريبين من بيئة الحزب السياسية، وهو الأمر الذي دفع الحزب إلى استشعار خطر داهم قد يمسّ قواعده في حساباتها الخاصة، أو مؤسساته التي تقدم خدمات اجتماعية وتنموية وصحية وتعليمية لهذه القواعد. والارتدادات سلبية في الحالين.

لم يكن هذا الموضوع يثير قلق الحزب بعد التطمينات التي كان قدمها حاكم المصرف المركزي حول آليات تطبيق القانون، والتي لم يكن يفترض أن تمس الحسابات بالليرة اللبنانية، لكن مع توسع الإجراءات لتشمل كل العملات- وبعض من في الحزب يرى أنها لم تكن بريئة بل جاءت بضغط وإيعاز لبناني- فقد باتت كل الحسابات، بأي عملة، معرضة للتدقيق والتشكيك، فيما عمد بعض المصارف، إما عن سوء نية وإما نتيجة خشية من القانون الاميركي، إلى اتخاذ خطوات استباقية عبر إقفال حسابات لم يكن في وسع المصرف المركزي منعها.

وفيما تركت المعالجة لرئيس الحكومة تمام سلام، المستاء مما آل إليه هذا الملف من توظيف ومزايدات، كانت البلاد في غنى عنها، لكونها تمسّ موضوعا حساسا ودقيقا يتطلب الكثير من الدقة والروية في التعامل معه لما يرتبه من انعكاسات خطيرة على الاستقرار المالي وعلى الثقة، فإن المعالجات الجارية تتم ببطء مقصود يهدف إلى احتواء الازمة وتخفيف وطأتها، ولا سيما أن هامش التحرك ضيق جدا أمام لبنان حكومة أو سلطات نقدية ومالية أو قطاعا مصرفيا. وقد سجّل في هذا الإطار الاجتماع الذي عقد بين رئيس جمعية المصارف جوزف طربيه ووزير الصناعة حسين الحاج حسن والنائب علي فياض، والذي خصص كذلك لشرح موقف المصارف وعدم قدرتها على التخلف عن تطبيق القانون، مع الاشارة إلى أن الأمر لا يستهدف الحزب.

وإذا كانت المسألة تختصر بحياة أو موت بالنسبة الى الحزب، فهي كذلك بالنسبة الى المصارف، بقطع النظر عن سوء إدارة البعض منها له. فبالنسبة الى المصارف تختصر بالآتي:

– إن تعميم المركزي جاء ليخفف هامش تحرك المصارف واستنسابيتها في إغلاق الحسابات وفقا لتقويمها. إذ كل ما فعله التعميم أنه طلب من المصارف أن تبلغ المركزي بالحسابات المنوي إغلاقها. علما ان ما هو مطلوب من المصارف يتعلق بمراقبة حركة الحسابات وتطورها وليس إغلاقها. لكن لا يمكن المركزي أن يذهب أبعد في طلبه، حماية للسرية المصرفية التي يتمتع بها لبنان، إذ إن أي اطلاع للمركزي على الحسابات يعني تدخله في عمل المصارف، وهذا منافٍ لقانون النقد والتسليف.

– جاء التعميم تنفيذا للمراسيم التطبيقية للقانون، فيما كانت المصارف تلتزم القانون منذ إقراره وقبل صدور مراسيمه. وبالتالي، فقد جاء التعميم ليضع الإطار التطبيقي للمصارف.

– إن المصرف المركزي غير قادر على إجراء أي تعديل كما هو مطلوب منه، بل عمد عبر الحاكم الى تفسير الإجراءات المتخذة وتوضيح الالتباس الذي أثاره التعميم، من دون أي تراجع عن مضمونه الذي كان بدأ العمل به لدى المصارف قبل صدوره.

– إن المصارف غير قادرة إلا على تطبيق القانون. وتكشف مصادر مصرفية أن المشتكين من التنفيذ يثيرون الشكوك حولهم، لأن غالبية المتمولين وأصحاب الادخارات الشيعة يطلبون من مصارفهم التدقيق التام والتحسب لأنهم يدركون ماهية القانون وعواقبه على المصارف، وعلى ودائعهم تاليا.

– إن المصارف تنظر الى تطبيقها القانون على انه مسؤولية وطنية في حماية الاقتصاد والعملة الوطنية، ودور وطني في الحفاظ على مدخرات اللبنانيين، والأمر عينه ينسحب على المصرف المركزي. وذهبت المصادر المصرفية الى حد مقارنة هذا الدور بالدور الوطني لـ”حزب الله” كحزب مقاوم لإسرائيل. وكما يرفض الحزب التساهل في دوره المقاوم، كذلك المصارف ترفض التساهل حيال مسؤوليتها الوطنية، وعلى الحزب أن يفهم ذلك بوضوح لأن المقاومة لا تقتصر على العمل العسكري فقط!