IMLebanon

الـه ارسطو غائب والهنا معنا في الميلاد

 

ارسطو والعالم المتروك

 

بحسب تفكير الفيلسوف ارسطو العالم آلة متروكة لوحدها ولقدرها. لا علاقة له بالهة السماء والارض. الالهة هناك صماء لا تسمع لا صلوات ولا اصوات الناس. الناس هنا مرميون على الارض وهم متروكون لوحدهم يجابهون اقدارهم وكوارثهم ومصائبهم ولا علاقة لهم مع عناية الالهة لا بل هم في غربة عنهم.

 

افلاطون والصعود من الكهف

 

اما افلاطون وقد كان يصعد من ظلمة وغربة الكهف الى لقاء شمس الحقائق وهو يصرخ حبا في كتابه «المائدة» Le Banquet يا علة العلل ارحمني

 

الهنا معنا: عمانوئىل

 

اما الهنا نحن المسيحيين فهو معنا وقد صار «انسان» مثلنا وقد تجسد لاجل خلاصنا انه «عمانوئىل» اي الهنا معنا. ومحبة هو. الله محبة هو ويسر بالرحمة والمغفرة وليس بالذبائح والمحرقات.

 

بالميلاد صار الله بشرا مثلنا اخذ طبيعتنا وصار جسدا وبهذا الجسد عاش وتألم وجلد ودقت فيه المسامير على الصليب فمات وقبر وقام وصعد الى السماء وفتح لنا باب الخلاص والسماء والسلام والمصالحة.

 

وصرنا به اخوة له وابناء لله الاب ولنا الحق بالميراث السماوي والحياة الابدية. الهك القادم ولد في مزود حقير وهو ملك السلام.

 

صدر امر من اغوسطس قيصر

 

صدر امر من اغوسطس قيصر ان يكتتب كل في مدينتهم ولان يوسف العائش مع مريم في الناصرة كان عليه ان يذهب الى مدينته بيت لحم لانه كان من بيت لحم. فأخذ يوسف مريم امرأته وهي حامل وذهب معها الى بيت لحم.

 

في قبو الفندق

 

مريم حامل وقد قرب وقت وضعها والطريق طويل وشاق والليل برد وليل وثلج ورياح ولا احد بعد ليوسف ومريم في بيت لحم ولا اقارب لهما فأين سينزلا ليلتهم وقد قربت ساعة مريم لتلد. هناك في بيت ذهبا الى الفندق ولم يكن عند صاحب الفندق اي مكان لهما ليأويهما. فسمح لهما ان يبيتا حيث باتت حيوانات النزلاء في الفندق.

 

اله السماء والارض لا مكان له ليولد فيه

 

هناك ولدت مريم لوحدها ويوسف قربها. لا اهل ولا اقارب ولا قابلة لا احد لا احد ولفت مريم طفلها بالاقمطة في ذلك الليل البارد والعاصفة ووضعته في معلف البقر. هذا كان مذود الطفل يسوع حيث حنّ عليه الثور والحمار واخذا يدفئانه بلهاثهما.

 

ملك السماء والارض لا مكان له على الارض التي خلقها ليولد فيه.

 

مجدالله في العلا وعلى الارض فرح وسلام

 

وفجأة ظهر في السماء ملائكة تهلل وترنم المجد لله في العلا وعلى الارض السلام وفي الناس المسرة وكان هناك في تلك البرية رعاة في البراري يسهرون على اغنامهم ظهر عليهم ملاك الرب وقال لهم: انني ابشركم بفرح عظيم لقد ولد لكم اليوم مخلص.

 

فقال الرعاة لنذهب ونرَ.

 

واتوا فرأوا يوسف ومريم والطفل بينهما ملفوف بأقمطة نائم في معلف البهائم. وقدم الرعاة حملا للحمل المولود.

 

مجوس ونجوم

 

وظهر نجم في السماء لعلماء الفلك المجوس الملوك في بلاد فارس وتمت نبوءة للعالم الاعمى القائل: اراه وليس ببعيد والمح وليس بقريب وتمت ايضا نبوءة اشعيا القائل: ما ان العذراء تحبل ولد ابنا.

 

ومن الشرق اتى الملوك المجوس قارئ نجوم الفلك وساروا وراء النجم الذي اهداهم الى مغارة بيت لحم حيث وجدوا يوسف ومريم والطفل الملك.

 

ولد الله سجدوا له

 

واهدوه ذهبا ومرا ولبانا وعادوا على طريق اخرى وراء النجم عائدين الى بلادهم ولم يمروا على هيرودوس الذي زعم وقرر في قلبه قتل يسوع.

 

بكاء ودماء

 

وسمع صوت في الرامة راحيل تبكي على بنيها.امر هيرودوس بقتل جميع اطفال بيت لحم خوفا من طفل سيكبر ويصبح ملكا. مكانه. وهكذا صبغ ميلاد يسوع بالدم كما صبغ موته بالعذاب والموت بالهرم.

 

تيولوجيا الميلاد

 

احب الله البشرية حتى انه ارسل ابنه الوحيد ليحليها ويعيدها لله. لان الانسان بعد عصيانه على الله وخطيئته الكبيرة لم يعد قادرا للعودة الى الله الذي احبه وخلقه على صورته وشبهه ومثاله.

 

واقع الميلاد واقع محبة الله الكبيرة للانسان الذي بكبريائه وادعائه يبتعد عن الله الذي يبحث عنه قائلا:

 

ادم، ادم اين انت؟

 

بالميلاد يقبل المسيح الى عندنا نحن خاصته فهل ذهبنا نحن اليه بواسطة اخوتنا الناس الفقراء والمحتاجين والجياع والعريانين لانه هو قال كنت عريانا ولم تكسوني كنت جيعانا ولم تطعموني كنت عطشانا ولم تسقوني كنت مريضا ولم تزورني كنت غريبا مشردا ولم تأووني كنت سجينا ولم تزوروني لان كل شيء فعلتموه مع اخوتي هؤلاء الصغار فمعي فعلتموه. فلا نغرق في انانيتنا ونرسيسيتنا ونكتفي بذاتنا وبالاكل والشرب واللباس دون الالتفاتة الى ما حولنا من اناس ينتظرون منا الرحمة والعطاء والحنان.

 

لا يكمل فرحنا في الميلاد اذا لم نسامح ونصالح ونغفر ونحب ونعطي لانه كما يقول القديس باسيليوس الكبير ومعه القديس يوحنا فم الذهب «اذا كان عندك ثوبان فاخذت واحدا» وابقيت الثاني في خزانتك فأنت لص وسارق. اذا كان عندك رغيفان في معجنك فإذا اخذت واحدا وابقيت الثاني في معجنك فأنت سارق ولص.

 

الميلاد محبة وخلاص وعطاء والتجسد فعل مشاركة. فلنجسد المسيح في حياتنا واعمالنا وافكارنا وعواطفنا لنكون في الميلاد. عيد مبارك.

 

ولد يسوع المسيح هللويا