IMLebanon

دائرة عكّار …. تغيّر في المزاج .. هل تنقلب الموازين؟

 

مع ان الحماوة الانتخابية بلغت ذروتها في الساعات الماضية من خلال تقاذف التهم والتراشق السياسي بمختلف انواع الاسلحة الكلامية بهدف التعبئة السياسية من ضمن حرب تحصيل المقاعد النيابية في برلمان الـ2018 ، من دون المس بالمسلمات والخطوط الحمر المرسومة للاستقرار اللبناني، فإن السياسة بدت شبه غائبة عن مسرح الاهتمامات الداخلية لمصلحة التطورات الاقليمية المتسارعة والخطيرة مع ارتفاع وتيرة التوتر والتهديد بين ايران واسرائيل،وما قد ينتج عن تداعياته من الغاء للانتخابات النيابية المقررة في السادس من ايار في حال وقع المحظور.

ولعل من ابرز الدوائر التي تحوز باهتمام المستويين الرسمي والشعبي في لبنان دائرة الشمال الاولى،اي محافظة عكار، حيث اجماع اللوائح كلها على وجود تدخلات لاجهزة الدولة على اختلاف انواعها في العملية الانتخابية، دون ان يقدم احدا البرهان الحسي او الدليل القاطع على ذلك،علما ان السنوات الماضية اقله على هذا الصعيد لم تكن افضل حالا رغم المناخ «الهادئ» الذي سادها في انتخابات ال 2005 و2009 بعدما بايعت المحافظة تيار المستقبل بغالبيتها العظمى.

غير ان الاقتراع على اساس القانون النسبي قد اعاد خلط اوراق التحالفات والخيارات داخل البيت الواحد ما افرز سلسلة من المعطيات التي صبغت هذه الدائرة على ما تؤكد مصادر عكارية ابرزها:

-رغم ما يلصق بتلك المنطقة من كلام عن تخلف وعدم وجود تنمية ،فقد نجحت مجموعة من السيدات في تشكيل لائحة نسائية صرفة،ما يقدم نموذجا حضاريا وراقيا عن منطقة طبعت في الاذهان بجهلها وتخلفها.

-غياب نائب رئيس الحكومة السابق عصام فارس عن المعركة والذي ادى الى اضعاف بعض الاطراف التي راهنت على دخوله المعركة، رغم ان المقربين من الرئيس الفارس يجزمون بان الاخير لم يمرر اي كلمة سر وقد لا يمررها «لجامعته» للتصويت للائحة على حساب الاخرى تاركا الخيار الحر لمؤيديه.

-شكل المقعد الماروني منذ البداية عقدة العقد في التحالفات خصوصا بين التيار الوطني والقوات اللبنانية وتيار الممستقبل، وهو ما ادى الى انفراط الاتفاق بين البرتقالي والازرق، لحسابات داخلية قرر السير بمرشحين، لصالح «تنازل» القوات اللبنانية و سيرها بمرشح اورثوذكسي،واعتكاف حزب الكتائب .

-تشكل الدائرة امتدادا طبيعيا للصراع السني – السني بين الحريري – ميقاتي – ريفي رغم اختلاف الاحجام فيما بينهم ونجاح تيار المستقبل في استعادة جزء اساسي من قواعده التي فقدها سابقا.

وبالعودة الى الواقع الانتخابي في الدائرة تتنافس 6 لوائح على 7 مقاعد، حيث عدد الناخبين بحسب آخر إحصاءات وزارة الداخلية 280,006 ،حيث بلغت نسبة الاقتراع في عام 2009 54%، ما يعني ان الحاصل الانتخابي هو بين 21 الف و22 الف صوت،في حال بلغت نسبة المقترعين 160 الف مقترع، فيما عدد الناخبين المسجلين في الخارج بلغ 3685، رغم ورود عدد من الاخطاء في اللوائح التي قد تحرم هؤلاء من التصويت.

وبحسب مصادر عكارية فان احصاء مستقلا اجرته احدى شركات الاحصاء بتاريخ 13 نيسان حلت اللوائح الانتخابية وفقا للتالي: لائحة المستقبل –  القوات (2.43 حاصل) ، لائحة التيار الوطني الحر – الجماعة الاسلامية (1.53 حاصل)، لائحة المجتمع المدني المعومة من تحالف «كلنا وطني» (1.41 حاصل)، لائحة تحالف قوى الثامن من آذار (1.03 حاصل)، لائحة «لبنان السيادة» المدعومة اللواء اشرف ريفي (0.47 حاصل)، ولائحة نساء عكار (0.13 حاصل)، ما يعني في المحصلة ان اربعا من اللوائح الست ستنجح في تأمين الحاصل.

وفي قراءة تحليلية لتلك الارقام واسبابها ،ترى المصادر ان مجموعة من العوامل لعبت دورا اساسيا في ذلك ابرزها تركيبات اللوائح الهجينة:

– لائحة المستقبل -القوات ،تعاني من تناقض المصالح الواضح بين المرشحين وليد البعريني ومحمد سليمان وان كان دخول البعريني اليها قد اضعف لائحة الثامن من آذار، في ظل عدم حماسة لدى الجمهور الازرق لانتخاب البعريني نظرا لموقعه السياسي العائلي السابق.

-لائحة التيار الوطني الحر – الجماعة الاسلامية، ومع انضمام النائب رياض رحال الى صفوفها مع ما اثاره من حفيظة لدى القواعد العونية نتيجة مواقفه السابقة العنيفة ضد الرئيس العماد ميشال عون، وانقلابه اليوم ضد حليفه السابق الرئيس سعد الحرريري متهما اياه بخيانة رفاق الدرب في جلساته، رغم الاعتراف بخدماته في المنطقة، قد اضعف اللائحة ويهدد بسقوط مرشحي التيار البرتقالي في حال لم ينجح التيار الوطني في حساب دقيق لاصواته التفضيلية وكيفية توزيعها بين جيمي جبور الماروني واسعد ضرغام الارثوذكسي،فضلا عن ان قاعدة التيار العكارية لم تهضم بعض التحالف مع الجماعة الاسلامية.

-لائحة الثامن من آذار التي تعاني من دورها من مشاكل بنيوية، اولا نتيجة الضعف الذي اصابها في انقسام آل البعريني بين الوالد والابن،وهو ما ينفي النائب السابق وجيه البعريني ان يكون له تأثير جدي على قواعده، ثانيا عدم راحة القاعدة القومية التي يمثلها المرشح اميل عبود لانضمام حسين المصري الى تلك اللائحة خصوصا ان ثمة اتهامات من قبل بعض الاطراف العكارية للاخير بالمشاركة في مجزرة حلبا التي ادت الى سقوط عدد من القتلى القوميين عام 2008.

-لائحة «قرار عكار» (تحالف المجتمع المدني وكلنا وطني) المستفيدة من كل تلك التناقضات حيث شكلت ملجأ للعديد من «القرفانين» من الوضع والتحالفات، وما سمح لها بتحقيق حاصل ونصف ممكن ان يرتفع ليبلغ حاصلين بحسب اوساط مقربة من ماكينتها الانتخابية.

-اللائحة المدعومة انتخابيا من اللواء اشرف ريفي والتي تلقت ضربتين اساسيتين بخروج القوات اللبنانية من التحالف معه وبعدها النائب خالد الضاهر،في ايعاز سعودي على ما يروجه خصومها.

-اللائحة النسائية التي تفتقد الى اي دعم حزبي او ثقل شعبي رغم نوعية المرشحات .

يبقى ان النتيجة الاخيرة تحسمها صناديق الاقتراع بعد 18 نهار من اليوم .فلمن تكون الغلبة؟ وهل تكسر عكار الصبغة التي طبعتها منذ ال 2005؟ وهل ينجح المسيحيون بتحصيل المقاعد التي خسروها في القانون عبر استراتيجيتهم الانتخابية التي اتبعوها؟