IMLebanon

«كوما» الرؤساء الثلاثة

 

لبنان في حال موت سريري، بصرف النّظر عن كلّ الاشتعالات المتنقّلة والتي تُعرّي قشرة الدولة الباقية في غرفة الإنعاش، تصدّر بالأمس عنوان «الرؤساء الثلاثة قلقون»، ولهم كلّ الحقّ أن يقلقوا، الشعب اللبناني كلّه قلق، ولكن يطرح اللبنانيّون السؤال: «وين بينصرف قلق الرؤساء»، الطبيعي أن يقلق الشعب، وغير الطبيعي أن يقلق الرؤساء الذين شغلتهم في الأساس أن يجدوا علاجاً لكلّ ما يقلق الشعب، وأن يخترعوا الحلول لكلّ التعقيدات التي تزيد اللبنانيين بؤساً على بؤس!

 

إلى عملية «درع الشمال» الإسرائيليّة نسب تشاطر الرؤساء القلق، خصوصاً مع جرعة الدّعم الأميركي لإسرائيل وأمنها، فيما تمّ تجاهل الدّعم الروسي الذي أعلن بالأمس تحت عنوان من حقّ إسرائيل الدفاع عن أمنها، وهنا استوقف اللبنانيّون تشاطر الرؤساء القلق على الرّغم من نفيهم مزاعم إسرائيل بأن حزب الله حفر أنفاقاً توصله إلى الدّاخل الإسرائيلي، ومسارعة وزير خارجية حكومة تصريف الأعمال إلى إعلانه أنّه سيبادر لتقديم شكوى بحقّ إسرائيل في الأمم المتحدة، وإذا كان الرؤساء قلقون فعلاً، فيجب أن يكون قلقهم من أن يكون حزب الله قام فعلاً بحفر هذه الأنفاق، خصوصاً إذ أخذت تجربته مع الدولة اللبنانيّة التي لا تعرف شيئاً عن خططه ومخططاته لأنّه لا يقيم لهذه الدولة وزناً ولا اعتباراً.

 

وسط هذا القلق، المضحك ـ المبكي أن يُقال للبنانيين أنّ هذا القلق والمخاوف «دفع كبار المسؤولين لانعاش عملية تأليف الحكومة، انطلاقاً من فكرة توزير سني من 8 آذار، من حصة الرئيس عون، شرط الحصول على ضمانات بأن هذا المخرج يُشكّل حلاً للعقدة القائمة، من دون استيلاد عقدة جديدة»، «يا عيني» أليس حزب الله الذي عطّل تشكيل الحكومة قبل ساعات من إعلان تشكيلها، وأعلن أمين عام حزب الله حسن نصر الله أن لا حكومة إلى يوم القيامة حتى توزير سُنّي من شيعة حزب الله، فعن أيّ إنعاش لأي حكومة يتحدّثون!

«بلا زغرة بالقارىء» حتى وئام وهّاب دخل بالأمس على خطّ تشكيل الحكومة وقرّر أن الشروط تغيّرت ويجب توزير ثلاثة وزراء دروز وأنّه يريد المير طلال أرسلان وزيراً، يذكّرنا حال إنعاش تشكيل الحكومة بأغنية «الصبوحة» ـ رحمات الله عليها ـ خصوصاً مع «إبداعات» أفكار من عيّنة حكومة من 32 وزيراً و36 وزيراً وربما 128 وزيراً التي كنّا أول من تحدّث عنها، يذكّرنا بأغنيتها «تغندري يا مغندرة» من مسرحية «حلوة كتير» [عرضت على مسرح ستاركو 1975]، ينطبق علينا حال الأغنية «تغندري يا مغندرة وتدلّلي يا صغيرة منمشي فشخة لقدّام بنرجع عشرة لورا»، وآخر فصول مهازل الجاهليّة التهديد الدموي الذي قاله وئام وهّاب بحق من يتهمهم بأنّهم «مثلّث الإجرام»، بكلّ صفاقة هدّد مسؤولين كبار في الدولة باستهداف عائلاتهم، هدّد رئيس حكومة ورئيس جهاز أمني وهدّد القضاء بشخص مدّعي عام التمييز، بـ «الثأر» وأنه لن يجعل عائلاتهم تبكي، بل سيجعلهم يبكون على عائلاتهم»، «كم جربوع» الدولة عاجزة عن تطبيق القانون عليهم، لأنّ حزب الله يحمي كلّ «الزّعران»، يجب أن يقلق الرؤساء الثلاثة، ولكن من عجزهم حتى على التعليق على «فركوح» يهدّد مسؤولين كبار لأنه مستقوي بحزب الله «حامي حمى الزّعران»، إقلقوا، لأنّ أول الرؤساء حليف استراتيجي لحزب الله، وثاني الرؤساء شريك حزب الله في ثنائيته الشيعيّة، وثالث الرؤساء عاقد «ربط نزاع» مع حزب الله، حضرات الرؤساء الثلاثة يجب أن تقلقوا جداً، العجز عن تشكيل الحكومة سيستمر، وحفريات «درع الشمال» قد تورّط الدولة اللبنانيّة بأمّها وأبيها وجيشها وقد تسقط القرار 1701، نعم يجب أن تقلقوا لأنّ كلّ الرؤساء من العام 1990 وحتى اليوم متورطين بتجاهلهم وتعاميهم عن سلاح حزب الله ودويلته وصمتهم وأحياناً عن هذا السلاح بأجندته الإيرانيّة أوصلوا لبنان إلى لحظة إقليميّة حرجه، قد تتسبّب بجرّ ويلات الحرب عليه وعلى شعبه، أنفاق درع الشمال سبق وتباهى من دون ذكرها أمين عام حزب الله بأن الحرب المقبلة مع إسرائيل ستدور في الداخل الإسرائيلي وأّ حزبه أعدّ مفاجآت كبرى في هذا الأمر، الأكيد أن حزب الله الذي يريد خوض الحرب على أرض الجليل ومستوطناته لن يُلبس مقاتل ميليشياته «طاقيّة الإخفا» ليصلوا إلى المستوطنات، ويبدو أنّه قرّر نقل تجربة أنفاق غزّة إلى لبنان، نعم إقلقوا، لأنّه العالم إن تأكد أن حزب الله حفر أنفاقاً إلى داخل إسرائيل، نكون عندها «كلّفنا خاطركن»!