IMLebanon

فوضى اللاثقة

 

لعلّ فقدان الثقة بين الأطياف كلّها هو السمة الرئيسة لتوصيف الوضع في لبنان. وهي ظاهرة لبنانية شاملة: فالثقة  مفقودة بين المواطن والمسؤول، سيّان أكان هذا المسؤول في أدنى درجات المسؤولية أو في أرفعها. والثقة مفقودة أيضاً بين القيادات. وهي كذلك حتى  بين «الحلفاء» أنفسهم. ولقد تكون الثقة غائبة حتى داخل الجهة الواحدة، ولا ثقة بين أطراف الطيف اللبناني الواحد. وفي إمكاننا أن نعطي كماً من الأمثلة التي لا حدّ لها…

 

في الماضي القريب فُقدت الثقة بين أفرقاء  14 آذار فكان ما كان… واهتزت غير مرّة بين أفرقاء 8 آذار وبالذات بين حزب الله والتيار الوطني الحر… إلاّ أنّ «ورقة التفاهم» الشهيرة ذات جاذبية  جمعٍ كبيرة وفاعلة. ثم لا ثقة بين التيار الحر وتيار المردة. وهذه حال تتحدث عن ذاتها بذاتها  خصوصاً في كلّ إطلالة للوزير سليمان فرنجية.

 

وجاءت بعض التطورات، إثر استقالة الرئيس سعد الحريري من المملكة العربية السعودية لتضع الثقة بينه وبين كل من الدكتور سمير جعجع والوزير وليد جنبلاط في وضع حساس ودقيق، بل إن فقدان الثقة أوجد خللاً ما داخل تيار المستقبل بالذات كما بات معروفاً.

 

وكانت التسوية السياسية الرئاسية ومن مقدّماتها ورقة تفاهم معراب بين التيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية التي سرعان  ما سقطت بعد وصول الرئيس عون الى رئاسة الجمهورية لدرجة أنّ «أوعَ خيّك» باتت شعاراً للتندر عند البعض و(من أسف) للسخرية عند الكثيرين.

 

ولم يعد أحد يقول بصمود اتفاق معراب سوى النائب إبراهيم كنعان  والوزير ملحم رياشي. يقولان به ولكن لا نظن أنهما يصدقان ما يقولانه!

 

1 Banner El Shark 728×90

 

الجانب الآخر من التسوية الرئاسية هو بين التيار الوطني الحر ممثلاً برئيسه جبران باسيل وتيار المستقبل ممثلاً بالمستشار (سابقاً) للرئيس سعد الحريري نادر الحريري. ويجب الإقرار بأن هذا الجانب من التسوية لا يزال الأكثر صموداً مع أن أكثر ما يصح فيه من توصيف هو المثل السائر «لا تهزو واقف عَ شوار».

 

أي إنه يشارف على السقوط ثم يستقيم. ولكنه، في كلّ حال، يعاني من اهتزاز دائم. إلاّ أن صموده النسبي معرض كثيراً للانهيار في أي لحظة.

 

وجاءت حادثة قبرشمون – البساتين لتضيف الكثير من فقدان الثقة على العلاقات المهتزة أساساً بين الجميع والجميع… حتى إن الذين جمعتهم الحادثة في موقف موحد من الإحالة أو عدمها على المجلس العدلي تحفل مجالسهم (التي هي بالأمانات) بكثير من مؤشرات الثقة الضائعة من زمان..

 

والى أن يُعثر على هذه الثقة وتستعاد على مختلف المستويات لن تقوم لهذا البلد قيامة.