IMLebanon

ثرثرة دستورية فوق «استراحة» التأليف  

خليل الخوري –

«لا مجال للإجتهاد بوجود النص الدستوري». هذه القاعدة القانونية الذهبية استشهد بها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، أمس، على الطائرة الرئاسية التي أقلته إلى مقر البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ، في خلال الدردشة مع الوفد الإعلامي المرافق تدليلاً على أن «الدستور ينص على الشراكة بين الرئاستين الأولى والثالثة في التأليف».

 

وهذا الكلام ليس جديداً في أي حال. فالنص الدستوري الذي أشار إليه الرئيس عون هو الوارد في البند 4 من المادة 53 كما جرى تعديلها الأخير في القانون الدستوري الصادر بتاريخ 21 أيلول 1990 (بموجب إتفاق الطائف). وينص هذا البند على الآتي: «يصدر (رئيس الجمهورية) بالإتفاق مع رئيس مجلس الوزراء مرسوم تشكيل الحكومة ومراسيم قبول إستقالة الوزراء أو إقالتهم». والبند 5 من المادة الدستورية ذاتها ينص على الآتي: «يصدر (رئيس الجمهورية) منفرداً المراسيم بقبول إستقالة الحكومة أو إعتبارها مستقيلة». وأمّا البند 10 فينص على الآتي: «يوجّه (رئيس الجمهورية) عندما تقتضي الضرورة رسائل الى مجلس النواب».

وبالتالي فإنّ هذه النصوص واضحة جداً. وعليه تصحّ القاعدة الذهبية «لا مجال للإجتهاد بوجود النص».

وفي السياق ذاته يأتي النص في المادة 64 من الدستور ليشرح ويكمل ما ورد في المادة 53 الوارد ذكرها أعلاه، فهذه المادة التي تتحدث عن رئيس مجلس الوزراء تنص في البند 2 على الآتي:

«يجري (الرئيس المكلّف) الإستشارات النيابية لتشكيل الحكومة ويوقع مع رئيس الجمهورية مرسوم تشكيلها (…)».

فالمادتان متكاملتان تماماً.

وأما مهلة التأليف التي كثر الحديث عنها في الأسابيع الأخيرة فهي غير مقيّدة بأي نص أو زمن، وبالتالي فإنّ الذين يعتبرونها «مهلة مفتوحة» لم يخطئوا. إلا أنه يفوتهم في المقابل، أنّ لا نصّ دستورياً على مهلة زمنية لتوقيع رئيس الجمهورية. فالذين قالوا بالمهلة المفتوحة للتأليف يجب ألاّ يفوتهم أن هذه المهلة هي، أيضاً، مفتوحة للتوقيع. ولو شاء المشترع أن يحدّد مهلة لتوقيع رئيس الجمهورية على التشكيلة (ولو تجاهلنا جدلاً دور رئيس الجمهورية الدستوري في تأليفها) لكان حدّد هذه المهلة كما هي محددة للرئيس بالنسبة الى إبرامه القوانين والمراسيم.

ولكن، هل عدم ربط أي من رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف بمهلة زمنية محدّدة للتأليف والتوقيع يعني أنّ الأمر يمكن أن يكون بلا أفق؟!

بالتأكيد: لا! فالدستور ليس نصاً وحسب إنما هو روح أيضاً وربما أولاً. لأن غاية التكليف (الوحيدة) هي التأليف. وفي تقديرنا أن المشترع لم يخطر له في بال أننا سنصل الى يوم يصاب الفكر السياسي اللبناني بالعقم فيتعذر الوصول الى أي إنتاج في هذا الوطن، بما في ذلك تأليف الحكومات، إلاّ بشق النفس.