IMLebanon

“التيّار الوطني الحرّ” يُحضّر الطعن بقانون التمديد والمجلس الدستوري قد يردّه لشموليّته وضرورته!!

 

 

تتجه الأنظار الى قرار الطعن لدى المجلس الدستوري، الذي يُحضّره “التيّار الوطني الحرّ” في قانون تمديد السنّ القانونية لقادة الأجهزة الأمنية لمدّة سنة، ومن بينهم قائد الجيش العماد جوزف عون، والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان. علماً بأنّ شبه الإجماع من قبل الكتل النيابية قد حصل على هذا التمديد، لتفادي حصول الفراغ في رأس المؤسسة العسكرية، مع إحالة العماد عون الى التقاعد في 10 كانون الثاني 2024. وبقي “التيّار” يُغرّد وحيداً ، في ظلّ الموافقة الضمنية لحزب الله على بقاء كلّ من عون وعثمان في منصبيهما حالياً، رغم الخطوة التي قام بها نوّابه بالخروج من قاعة المجلس النيابي لدى عرض اقتراح القانون على التصويت. الأمر الذي دفع بعدد من نوّاب “التغيير” و “الكتائب اللبنانية” الى الانضمام الى الجلسة منعاً لتطيير نصابها، فمرّ التمديد.

 

مصادر سياسية مطّلعة أشارت الى أنّ رئيس “التيّار الوطني الحرّ” يُحضّر أوراقه لتقديم الطعن في قانون التمديد لقادة الأجهوة الأمنية، سيما أنّه سبق وأن أعلن أنّه سيتقدّم به، أكان صدر عن مجلس النوّاب أو عن حكومة تصريف الاعمال. وكان “التيّار” قد أعلن على منصة “إكس” اتجاهه الى الطعن في القانون بعد إقراره في مجلس النوّاب، كاتباً: “… كنا ولانزال نعترض على جمهورية التمديد. سواء تمكنا من أن نمنعها أم لا ، فإننا منسجمون مع مبادئنا واقتناعنا، ولأننا كذلك سنطعن في القانون المفصّل على قياس الشخص احتراماً للمؤسسة”.

 

وإمكانية الطعن في أي قانون هو حقّ لأي نائب، على ما أضافت المصادر، وهي متوافرة اليوم، غير أنّ العمل ينصبّ على الأسباب الموجبة لاعتبار المجلس الدستوري هذا القانون غير دستوري. ويستلزم تقديم الطعن، كما هو معلوم، توقيع عشرة نوّاب على القرار، وهو عدد متوافر لدى “الوطني الحرّ”، الأمر الذي يمهّد للذهاب الى تقديمه، على أن يجري ذلك خلال 15 يوماً من تاريخ نشر القانون في الجريدة الرسمية.

 

وعندئذ، فإنّ الإشكالية الأولى التي ستُطرح عند نشر هذا القانون، على ما ذكرت المصادر نفسها، هي من سيوقّع على هذا القانون؟ فبحسب الدستور، إنّ مجلس الوزراء هو الذي يتولّى مهام رئاسة الجمهورية في حال شغور هذا المنصب، لكنه لا ينصّ حرفياً إذا كان مجتمعاً بأكثرية الثلثين أو سوى ذلك. فليس من نصّ واضح في الدستور في هذا الإطار. كذلك في ما يتعلّق بحكومة تصريف الأعمال التي تقوم بالتصريف بالمعنى الضيّق، فكيف إذا كانت ستوقّع على المراسيم والقرارات والتعيينات؟ علماً بأنّ الحكومة لم تتمكّن من عقد جلسة لمجلس الوزراء لاتخاذ قرار أو مرسوم يقضي بتأجيل تسريح قائد الجيش أو تعيين رئيس للأركان، لعدم اكتمال النصاب، وذلك قبل أن يُقرّ قانون التمديد في مجلس النوّاب.

 

وفي ما يتعلّق بالإجراءات، أوضحت المصادر أنّه فور تسجيل المراجعة في القلم، يقوم رئيس المجلس الدستوري بدعوة الأعضاء فوراً لدراسة ما إذا كان الأمر يقتضي تعليق مفعول النص (أي وقف تنفيذ القانون)، الى حين البتّ بالمراجعة المقدّمة وصدور القرار النهائي بشأن الطعن، أو عدم تعليق النصّ. وفي الموازاة، يبلّغ نسخة عن هذا الطعن لأعضاء المجلس، ويُعيّن من بينهم عضواً مقرّراً. ويكون على هذا الأخير دراسة الطعن ووضع تقرير عنه ورفعه الى المجلس، في مهلة أقصاها عشرة أيّام. وبعد رفع تقريره الى رئيس المجلس، يكون عليه دعوة الأعضاء الى عقد جلسة خلال خمسة أيام من تاريخ تبلّغه التقرير. وتبقى هذه الجلسة مفتوحة الى حين صدور القرار النهائي بشأن الطعن عن المجلس الدستوري.

 

ولفتت المصادر الى أنّه في حال لم يصدر القرار عن المجلس الدستوري ضمن مهلة الـ 15 يوماً، يُعتبر القانون المطعون فيه نافذاً، ما يعني بشكل غير مباشر ردّ الطعن. وقد يكون ذلك ناتجا من عدم توافر النصاب القانوني للمجلس، الذي يستوجب حضور 8 أعضاء من أصل 10. كما أنّ القرار لا بد وأن يصدر بأكثرية 7 أعضاء، أيّاً كان عدد الحاضرين (من 7 الى 10). ويمكن للمجلس الدستوري ردّ الطعن، أي يقبل القانون لأسباب عديدة، تتعلّق بالمصلحة العليا في البلاد، أو لعدم حصول الفراغ في قيادة المؤسسة العسكرية، أو لأنّ الضرورات تبيح المحظورات، أو غير ذلك، بحسب الأسباب المقدّمة في الطعن وغير ذلك. من هنا، لا بدّ من معرفة الأسباب التي سيرتكز عليها الطعن أولاً، على ما قالت المصادر، لتأكيد عدم دستوريته، من وجهة نظر الطاعنين فيه، وأين يُخالف المبادىء التي تنصّ عليها مواد الدستور ومقدمته.

 

وإذ يختلف الخبراء القانونيون حول شمولية وعمومية قانون التمديد المتخذ، أو شخصانيته كونه مفصّلا على قياس أشخاص محدّدين واتخذ بهدف تسوية أوضاعهم، تجد المصادر عينها أنّ الكلمة الفصل في هذا الإطار ستكون للمجلس الدستوري، بعد تقديم الطعن له ودراسته من قبل الأعضاء. فقد يعتبر أنّ قانون التمديد يخصّ أفراداً معيّنين، لا سيما قائد الجيش فيقبله، أو يجد أنّه لا يتعارض مع مبدأ العمومية، التي يفترض أن يتسم بها أي قانون فيقوم بردّه. غير أنّ الاسباب الموجبة للطعن قد تتضمّن أموراً أخرى، تتعلّق ربما من حيث الشكل بالوزراء الموقّعين على القانون. علماً بأنّه لم يُعلم حتى الساعة من سيوقّع على قانون التمديد، وكيف سيتمّ نشره في الجريدة الرسمية.

 

ولا تتوقّع المصادر السياسية أن يتمّ قبول الطعن، لأنّ التمديد لقائد الجيش في ظلّ الظروف الطارئة والدقيقة التي تمرّ بها البلاد، وحرب غزّة والمواجهات العسكرية المندلعة في الجنوب منذ 8 تشرين الأول الماضي، أصبح حاجة وضرورة للحفاظ على أمن واستقرار لبنان والمنطقة، ومنع توسّعها الى الداخل.