IMLebanon

«الدستوري» مثالاً!

 

 

لم نكن في حاجة الى «لاقرار» المجلس الدستوري لندرك، بداهةً ويقيناً، أن لبنان بلد الغرائب والعجائب، وأن القوانين فيه (الوضعي منها كما الدستوري) صيغت كي لا تكون فاعلة، بقدر ما هي «حمّالة أوجه» حيناً ومطّاطةٌ حيناً آخر، وصُوَرية (بمعنى فقدانها الفاعلية) في أغلب الأحيان.

 

بدايةً يجدر القول إن عدم توصل المجلس الدستوري الى قرار في شأن الطعن بالتمديد للقيادات العسكرية والأمنية كان منتظراً منذ اللحظة الأولى لتقديم الطعن، وفي تقديرنا أن مقدِّميه كان يجدر بهم أن يتوقعوا هذه النتيجة «البيضاء» قدْر ما كان يتوقعها قائد الجيش العماد جوزاف عون والآخرون المعنيون بالسنة الإضافية التي مُدِّد لهم بها. وإذا كان عدم التوصّل الى قرار سمح لقانون التمديد أن يبلغ مداه فيصبح نافذاً تلقائياً، فإنه يعني أن «الدستوري» لم يسقط القانون ولكنه في الوقت ذاته لم يقبل به، أي أنه لم يُضفِ عليه شرعية، كما لو كان قرّر رفض الطعن الذي قبله وناقشه في العمق ولكنه لم يتوصل الى قرار في شأنه لا رفضاً ولا قبولاً.

 

وهذا دليل مثالي واضح جداً على الحال في لبنان، وهي حالٌ «مش ماشية»، لأن الأنظمة والقوانين غير حاسمة في الأمور الحسّاسة. والمثال الصارخ على هذا الواقع النص الدستوري الذي يجعل من رئيس الحمهورية قائداً أعلى للقوات المسلّحة ولكنه يجعل الإمرة عليها في مجلس الوزراء…

 

والأمثلة على ذلك كثيرة جداً، وهي في الواقع دليل على عدم قدرة لبنان على التطور، حتى لو كان يعج بالمسؤولين والسياسيين العباقرة، فكم بالحري مع هكذا نماذج ممن خبرناهم «فوق وتحت»، وتظهر تباديعُهم وعظيمُ «إنجازاتهم» في مختلف نواحي حياتنا، لدرجة أنهم أوصولنا الى أن نكون في ذيل الدول المتخلفة والبائسة والعاجزة والفقيرة في العالم قاطبة. ولربّـما كان هذا الانهيار وهذا التردي مفهومَين لو لم يكن لبنان، ذات زمنٍ جميلٍ، زينة بلدان المنطقة.

 

ونعود الى اللاقرار في المجلس الدستوري لنقول إننا كنا نأمل ألّا يذهب هدراً الوقت الثمين الذي خصصه لدراسة الطعن رئيس المجلس القاضي النزيه طنوس مشلب والأعضاء المحترمون، فنحن من دعاة الحسم، فإما ان الطعن غير مقنع ويعلن المجلس صوابية قانون التمديد وإما الطعن مثبت بالوقائع والنصوص والاجتهادات وبالتالي يجدر الأخذ به وإسقاط القانون.

 

ويعرف المجلس الدستوري كم اللبنانيون جميعُهم، من صغيرهم الى الكبير، أن اللاقرار ليست له علاقة بالقواعد المبدئية وأن الانقسام بين الأعضاء ليس على هذه القواعد، إذ هو انقسام سياسي، وتلك هي الطامة الكبرى.