IMLebanon

السباق المحموم  

 

 

أخذ لبنان، من أسفٍ، يُصبح في طليعة البلدان التي تنتشر فيها جائحة كورونا. فقد بات عدد المصابين بهذا الفيروس عندنا يفوق بالنسبة إلى عدد السكان عددهم في روسيا مثلاً، حيث النسبة اليومية هناك في حدود السبعة آلاف على 165 مليون نسمة، بينما يبلغ المعدّل اليومي عندنا نحو 1200 مصاب على 4 ملايين ونصف المليون.

 

ولا نود أن نحمّل المسؤولية الكاملة إلى السلطات المعنية. ولا إلى المعادلة الدقيقة بين التدابير المُفترض أن تكون قاسية وحق القطاعات الاقتصادية والتجارية والسياحية في استلحاق ما يُمكن استلحاقه من واردات الحد الأدنى لتبقى واقفةً على رجليها، خصوصاً ما لم يُقفل أبوابه منها بعد بما فيها تلك العريقة التي لها عقودٌ من الزمن في العمل والإنتاج، ويصل بعضها إلى قرن.

 

يحدث هذا في وقتٍ تجاوزت الضائقة الاقتصادية-الاجتماعية-المالية كل الحدود التي عرفناها.

 

ولا نُريد أن نستعيد، في هذه العجالة، ذلك الحوار السلبي بين وزارتَي الصحة والداخلية: بين داعٍ إلى التشدد وقائلٍ بنوعٍ من التراخي. إلا أننا نرى أن الوقت لم يفت، بعد، على تدابير قد يكون المواطنون أكثر من هم مطالبون بالتزامها.

 

سبق أن سمعنا أصواتاً ممن يدّعون فيِ العلم معرفةً يقولون إن كورونا هي مجرّد فيروس مماثلٍ للإنفلونزا، كما استمعنا إلى البعض يزعم أن الأرقام مُضخّمة، وإلى ثالث يقول: إنهّم يُبالغون في الأرقام ليُخيفوا الثوار فلا ينزلون إلى الشارع… إلى ما هنالك من نظريّات خنفشارية. ويؤسفنا القول إن كثيرين أخذوا بها. أضف إلى ذلك ما عاينّاه وسمعناه بالصوت والصورة عن مناسباتٍ اجتماعية، أفراحاً وأتراحاً، أقبل الناس عليها من دون أي وقاية.

 

الآن وقعت الواقعة. فلقد انتقلنا من بضع مئات من الإصابات طوال الأشهر الأولى من انتشار الوباء إلى نحو أربعين الف إصابة في الشهرَين الأخيرَين (تموز وآب). وأما الوفيات التي تسبب بها فيروس كوفيد-19، فلم تتجاوز العشرين إصابة طوال المرحلة الأولى لتبلغ المئات في الشهرَين المنصرمَين.

 

إنه واقعٌ مؤلم يزداد إيلاماً وإيذاءً في وقتٍ يجد اللبناني نفسه حبيس المنزلَين: بيته وعجزه عن مواجهة تكاليف الحياة في وقت تبقى ودائعه محجوراً عليها ولا بصيص أمل، وارتفاع سعر الدولار يمضي في سباقٍ محموم مع ارتفاع عدد الإصابات.