IMLebanon

لا محاسبة ولا استعادة للمال المنهوب مع القوانين والضغوط السياسية التي تعطل عمل القضاء!

ما يجري من تحقيقات في صفقات الفساد تكرار لعشرات الملفات وضعت في الادراج

 

 

ما تقوم به الجهات القضائية في الاسابيع الاخيرة من فتح عدد من ملفات الفساد وهدر المال العام، مسألة ضرورية واساسية لانجاح اي توجه حكومي ورسمي لتصفية محميات الفساد والهدر الحزبية والمذهبية التي حولت كل مؤسسات الدولة طوال 30 عاماً الى «مغارة علي بابا» لنهب المال العام وجمع الثروات الخيالية على حساب الخزينة وجيوب اللبنانيين.

 

لكن كل محطات المحاسبة التي حاولت بعض الجهات القضائية منذ سنوات عديدة التحقيق فيها لكشف المتورطين بالصفقات وسرقة مال اللبنانيين كان مصيرها الفشل نتيجة المحميات الحزبية والمذهبية بحيث وضعت عشرات ملفات الهدر في الادراج، ونتج عن ذلك الامعان في استسهال «مدّ اليد» الى المال العام ما ادى ولا زال الى مزيد من الديون والعجز، والى الانهيار الكامل الذي دخلت فيه المالية العامة ومعها اوضاع اكثرية اللبنانيين، وكل ذلك يطرح تساؤلات حول ما اذا كانت بعض ملفات الفساد على الاقل ستأخذ طريقها في التحقيقات نحو نهايتها المطلوبة بما يؤدي الى «بارقة» امل لفتح كل ما حصل من نهب لاموال الدولة واللبنانيين، او ان هذه التحقيقات ستصطدم بالغطاءات السياسية والمذهبية وتعيد هذه القضية الحساسة التي تعتبر من اولويات الانقاذ الى «المربع الاول»، بما تختزله من فساد ونهب لم تشهد مثيلاً له اي دولة في العالم!

 

ولذلك، لا يري مصدر قانوني اي مؤشرات توحي بمسار ايجابي في انجاز التحقيقات المفتوحة حتى نهايتها لان الاعتبارات التي حالت دون تمكن القضاء من استكمال عدد من الملفات في السنوات السابقة لا تزال هي نفسها، بل تشهد اليوم مداخلات سياسية ودينية ومذهبية وخارجية اخطر بكثير مما حصل في السابق دون كشف المتورطين في الملفات والاخبارات التي وضعت بتصرف الجهات القضائية المختصة. بعد ان باتت البلاد على حافة الانهيار الشامل، وبالتالي، يعيد المصدر القانوني – القضائي انسداد الافق امام تمكن القضاء من كشف حقيقة ما حصل في الثلاثين السنة الماضية من هدر وفساد وصفقات وسمسرات الى جملة وقائع اهمها:

 

1- من يعتقد ان في امكان القضاء السير في التحقيق باسباب الانهيار حتى كشف كل الحقائق دون حصول تغيير في ذهنية واداء القوى السياسية المتحكمة بالبلاد، ودون حصول فصل حقيقي بين كل السلطات اما انه واهم، واما انه يريد حصول تحقيقات شكلية في ملفات الفساد وبما يؤدي الى قيام كل سلطة بمسؤولياتها دون تعطيل من هنا وهناك.

 

2- حتى الآن، لا زال اهل السلطة بمكوناتهم جميعاً من داخل الحكومة وخارجها يعطلون اقرار اي قانون في مجلس النواب، يفضي الى استقلالية القضاء بكل ما له علاقة بالسلطة القضائية، من تعيينات ومناقلات واعادة النظر بآليات تحديد رواتب القضاة، لانه من خلال هذه الاجراءات الضرورية يستطيع القضاء ممارسة مهامه دون تدخلات سياسية وبعيداً عن ابتزاز اهل السلطة.

 

3- تنقية الجسم القضائي من بعض القضاة التي تدور حولهم شبهات واولئك الذين يؤتمرون من مرجعياتهم السياسية في كل «شاردة وواردة»، مع تحديث واعادة النظر بآليات وقوانين عمل القضاة، لكي يكون هناك ضوابط مشددة تمنع القاضي من الخضوع للمداخلات السياسية والمذهبية، على غرار ما حصل في الاسابيع الاخيرة في المناقلات القضائية.

 

4- اسقاط والغاء كل الحصانات القانونية التي تمنع القضاء من التحقيق، مع اي شخص تدور حوله شبهات بالفساد وسرقة المال العام، وهو الامر الذي تشرعه اليوم كل القوانين سواء بصلاحيات الوزراء والمدراء ورؤساء المؤسسات المختلفة، وكذلك ما يتعلق بآليات الصفقات، وما هو مسموح به بالتراضي ليكون اقل بكثير من المعمول به اليوم، مع اقرار القوانين التي تسمح للمؤسسات الرقابية الاطلاع على كل ما يتعلق بالانفاق قبل حصوله، وليس بعد «خراب مكة».

 

ولذلك، يؤكد المصدر القانوني – القضائي انه من دون كل هذه الخطوات الضرورية، فالحديث عن محاربة الفساد يراد منه ايهام الرأي العام بان هناك فعلاً قضائياً لكشف هدر مئات مليارات الدولارات، وما حصل مع الملفات المفتوحة اليوم امام القضاء وما كان حصل من فتح لملفات اخرى في السنوات الماضية يكشف عقم ما يتحدث عنه اهل السلطة وكل القوى المختلفة، فكل ملفات الفساد السابقة والمالية التي احيلت للقضاء، اما انه جرى وضعها في الادراج، واما انها تدور في الحلقة المفرغة، وفي احسن الاحوال يتم التفتيش عن «كبش محرقة» غير مدعوم سياسياً ومذهبياً للتغطية على الفساد الحقيقي في عشرات المؤسسات.

 

ويشير المصدر المعني الى ان ما حصل في التحقيقات في الفيول المغشوش ودور مصرف لبنان واصحاب مجال الصيرفة في التلاعب بسعر العملة الوطنية دليل واضح على ذلك حيث بقي الفاسدون مجهولين بفعل التدخل السياسي والقوانين التي تحاصر القاضي في اداء مهامه كاملة، بل ان اكثر من متهم تم اطلاق سراحه بفعل الضغوط السياسية وهيمنة القوى السياسية على دور القاضي.

 

ويورد المصدر القانوني عشرات الملفات التي جرى اقفالها بفعل المداخلات السياسية، بينما يمنع القضاء التحقيق بهدر مئات مليارات الدولارات في عشرات المؤسسات والصناديق والادارات وبالاخص بدور كبار الموظفين وعشرات الوزراء بعمليات هدر وصفقات خيالية، كما هو اليوم في شركتي الخليوي ومرفأ بيروت ومجلس الانماء والاعمار واللائحة تشمل مئات المؤسسات المماثلة.